CET 00:00:00 - 20/03/2009

مقالات مختارة

بقلم: اسامه انور عكاشة

علي الهواء وفي‮ ‬ديكور برنامج‮ "‬البيت بيتك‮" ‬برنامج التليفزيون المدلل الذي‮ ‬بات كأنه قدس الأقداس في‮ ‬المنظومة الإعلامية خرج علينا فتاه الوسيم الذي‮ ‬يختال عجباً‮ ‬وتميس اعطافه نعومة ورقة لينفحنا باحدي نفحاته المباركة إذ انبري كعادته وبوصفه المتحدث الرسمي‮ ‬باسم الشعب المصري‮ ‬مخاطباً‮ ‬الكاتب المصري‮ ‬الكبير محفوظ عبدالرحمن وهو لا‮ ‬يعرف من‮ ‬يكون محفوظ عبد الرحمن هو بالقطع سمع عنه ولكنه في‮ ‬أغلب الظن سأل عنه فضلله واحد من اولاد الحلال واخبره أن الاستاذ محفوظ واحد من آحاد الناس ولعله واحد من كبار المستثمرين ورجال الأعمال بدليل أنه متوجه للعلاج في‮ ‬باريس لذا فقد خاطبه لا فض فوه فماذا قال؟ الأستاذ اللامع ذو البريق تامر أمين وهو‮ ‬ينصحه‮: ‬يا استاذ محفوظ لم لاتعالج في‮ ‬بلدك مثلما‮ ‬يتعالج ملايين المصريين الذين لايملكون المقدرة المادية التي‮ ‬تتيح لهم العلاج في‮ ‬باريس؟ وهو سؤال اذا كان له أي‮ ‬معني‮ ‬فإنما‮ ‬ينم عن معرفة شديدة التواضع بأقدار الناس ومدي أهمية ابداعاتهم بوصفهم مصريين استثنائيين دعنا من الكلمات ذاتها وما تحويه من معني‮ ‬ولنتأمل هيئة الاستاذ أمين وهو‮ ‬يلقي‮ ‬علينا موعظة‮ "‬الجبل‮" ‬وكأنه المسيح عليه السلام‮ ‬يدافع عن الفقراء والعوام‮ "‬طوبي للمساكين‮" ‬مع ان مظهره لا‮ ‬يوحي‮ ‬مطلقاً‮ ‬بأي‮ ‬صلة قربي او حتي تعاطف مع‮ "‬الغلابة‮" ‬وأصحاب السبيل الذين‮ ‬يقاسون من شتي العلل والأمراض ولا‮ ‬يستطيعون السفر علي نفقتهم الخاصة‮..
انظر إليه وهو‮ ‬يعقد ما بين حاجبيه متصنعا الجدية واللوم وكأنه‮ ‬يخاطب تلميذاً‮ ‬في‮ ‬المرحلة الاعدادية ثم انظر اليه ثانيا وهو‮ ‬يضع في‮ ‬صوته كل نبرات الأسف والتأنيب وهو‮ ‬يرد علي زميله في‮ ‬البرنامج الأستاذ خيري‮ ‬رمضان حين حاول أن‮ ‬يخفف من‮ ‬غلوائه ويحاول إفهامه ان كتاب ومبدعي‮ ‬وفناني‮ ‬اي‮ ‬امة من الأمم هم في‮ ‬حقيقتهم بشر استثنائيون لابد من التعامل معهم علي قدر ما‮ ‬يحملونه من رموز وبقدر عطائهم الذي‮ ‬يثري‮ ‬وجدان أمتهم وينير طريق مواطنيهم الي التقدم والرقي‮ ‬لكن لله زمرك‮ ‬يا خيري،‮ ‬فزميلك لا‮ ‬يهمه أن‮ ‬يقتنع بما تقول أو‮ ‬يقنعك بعكسه فهدفه الوحيد من إثارة هذا اللغو هو أن‮ ‬يظهر في‮ ‬صورة المصري‮ ‬الوحيد الذي‮ ‬يهمه أمر وطنه وأنه الحارس الأمين علي مصلحة مصر وشعبها‮.‬
إنها في‮ ‬النهاية مشكلة نفسية بحتة ومنذ أطل علينا الأخ تامر من نافذة البيت بيتك سبقته كاريزميته الخاصة تلك الكاريزما المصطنعة سابقة الاعداد والتجهيز وكانت ادواتها‮ "‬خالف تعرف‮" ‬وادعاء فهم كل شيء دون الآخرين جميعا والتباهي‮ ‬بقربه من مراجع عليا تحمي‮ ‬ظهره وانتمائه الي حزب الأغلبية الساحقة وكادراته الحاكمة والمتحكمة دون أن‮ ‬ينتبه الي مغبة الاعتماد علي هذه الكاريزما الكاذبة ودون أن‮ ‬يعي‮ ‬أن الطموح سقف مفتوح لا حدود للطيران علي قممه ومن حق أي‮ ‬إنسان أن‮ ‬يطير ولا تثريب علي من‮ ‬يحاول إلا إذا جهل أن الطموح إذا كان بلا سقف فهو بلا قاع والفارق بين القفزه لأعلي او القفز إلي أسفل هو مجرد خطوة في‮ ‬الاتجاه الصحيح‮.‬
إن الاستاذ تامر أمين‮ ‬يحظي بصحبة اثنين‮ ‬يتميز كل منهما بكل صفات الاعلامي‮ ‬الناجح فمحمود سعد قد اثبت استاذيته وتفوقه معتمدا علي التلقائية وتلمس مشاعر المصري‮ ‬الحقيقي‮ ‬الذي‮ ‬يأبي‮ ‬أن‮ ‬يتعالي عليه أي‮ ‬شخص حتي ولو كان نجماً‮ ‬مدعوماً‮.‬
أما صاحبه الآخر فيتمتع بكاريزما طبيعية حققها في‮ ‬سنوات قلائل منذ عمل مع عمرو أديب في‮ ‬برنامج‮ "‬القاهرة اليوم‮" ‬وبعد أن انتقل ليصبح في‮ ‬زمن قياسي‮ ‬أحد أعمدة البيت بيتك وبالاضافة الي‮ ‬بشاشة الوجه ولباقة اللسان وخلفية ثرية من الثقافة الشخصية فهناك أسلوب خيري‮ ‬المميز الذي‮ ‬يتسم بمراعاة الادب الجم واحترام الشخصية التي‮ ‬يحاورها او‮ ‬يتحدث عنها وليت الاخ تامر وهو ابن اعلامي‮ ‬رفيع الشأن وواحد من أهم رواد الاعلام في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬أن‮ ‬يتبع خطي والده او‮ ‬يحاكي‮ ‬صاحبيه ومما لا شك فيه انه‮ ‬يملك صفات الاعلامي‮ ‬الناجح إلا أنه لا‮ ‬يستعملها وهو‮ ‬يقفز فوق اعتبارات اساسية‮ ‬يمكن أن نسميها ادبيات وتقاليد المهنة لكن الناس الذي‮ ‬يملأون الشوارع والأحياء والمدن لا‮ ‬يهمهم التحليل المهني‮ ‬لأسلوب كل من‮ ‬يحدثهم هم فقط‮ ‬يريدون شخصاً‮ ‬يدخل عقولهم قبل قلوبهم ولا أدري‮ ‬في‮ ‬الواقع كيف تقبل الملايين من الجالسين حول الشاشة اسلوب تامر أمين وهو‮ ‬يخاطب واحداً‮ ‬من أهم مبدعي‮ ‬مصر ليقول له‮: ‬خليك اتعالج في‮ ‬بلدك وكن مثل المصريين الذين لا‮ ‬يملكون حق العلاج في‮ ‬باريس وكأن محفوظ‮ ‬يذهب الي باريس في‮ ‬نزهة أو في‮ ‬رحلة سياحية علاجية لكن الرجل الذي‮ ‬اكتشف اطباؤه انه ضحية فيروس مجهول صعب عليهم تشخيصه‮.. ‬كأنه لا‮ ‬يستحق من وطنه ان‮ ‬يبحث له عن فرصة شفاء ولو كانت في‮ ‬بلاد الواق الواق‮.‬
اعتقد ان تعليقهم الوحيد للأستاذ تامر سيكون كلمة واحدة‮ "‬إخص‮"!‬ ذلك أنهم جميعا‮ ‬يعلمون من هو محفوظ عبد الرحمن وقد وجب الآن علي فتي البيت بيتك المدلل أن‮ ‬يبحث في‮ ‬مكتبات الصحف وفي‮ ‬أرشيف التليفزيون ليعرف ما هي‮ ‬الإبداعات التي‮ ‬قدمها محفوظ للشاشة المصرية سيعثر مثلاً‮ ‬علي باقة الاعمال التاريخية الكبري والتي‮ ‬اقتدي بها الآخرون ويحاولون تقليدها‮: "‬محمد الفاتح‮ - ‬الكتابة علي لحم‮ ‬يحترق‮ - ‬ليلة سقوط‮ ‬غرناطة‮ - ‬الكبرياء‮ ‬يليق بالفرسان‮ - ‬بوابة الحلواني‮" ‬وغيرها كثير ولكن من‮ ‬يقرأ ومن‮ ‬يسمع‮!!‬
نقلا عن جريدة الوفد

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع