يقال إن البغاء أقدم مهنة في تاريخ البشرية، وقد كان البغاء في معظم الحالات مهنة تمارسها النساء، مقابل أجر معلوم، ولكن يبدو أن الأحوال قد تغيرت فيما يخص البغاء كما تغيرت في أمور أخري كثيرة، فقد قضيت- حديثاً- إجازة قصيرة في الغردقة وهناك انزعجت لما شاهدته من انتشار ظاهرة بغاء الرجال (من الشباب طبعاً). في كل مكان ذهبت إليه، مطعم أو مقهي كما في شوارع المدينة عشرات من الشباب الأسمر القوي، يتراوح عمر أغلبهم بين العشرين والثلاثين، وكل منهم تتعلق في ذراعه امرأة من أوروبا غالباً يتراوح عمرها بين الثلاثين والخمسين وربما أكبر، في كل مكان عشرات من هؤلاء (الأزواج) يتناولون المشروبات ويدخنون الشيشة وفي مطاعم الأسماك يتناولون الاستاكوزا والجمبري وأنواعا لا أعرفها من المحار الفاخر، الرجال من الشباب الأقوياء الفقراء العاطلين عن العمل متوفرون بكثرة، وكثرة عدد السياح المترددين علي هذه المدن نشرت هذه المعلومة فجذبت كثيراً من النساء من بلاد أسكندنافيا وألمانيا وإيطاليا وروسيا ومن أمريكا (وقليلا من النساء العربيات الثريات)، وهن يأتين إلي هذه المدن السياحية باحثات عن المتعة الجنسية مع الشباب المصري العاطل عن العمل والقيم والمحروم أيضاً من إمكانيات الزواج. ومن السهل جداً أن تجد المرأة شاباً مستعداً لإعطائها المتعة وهي مستعدة أن توفر له شقة يلتقيان فيها ومستعدة للإنفاق عليه إنفاقاً سخياً في الطعام والشراب والفسحة.
إذن فكما أن هناك بغاء وعُهر تمارسه النساء فإن هناك بغاء للرجال، وأسباب بغاء وعهر الشباب في مصر مفهومه لما يعيشه الشباب من فقر وبطالة وتعاسة وإحباط في كل المجالات. كتب صلاح عبد الصبور عن "الأفكار المومس والأفكار الحرة"، فإذا كان عُهر وبغاء الرجال الشباب المحبط في المدن السياحية له أسباب معروفة، غير أنه ليس أخطر أو أخس أنواع عُهر وبغاء الرجال، لأنه كما أن هناك أفكار مومس فهناك أيضاً رجال يمارسون البغاء والعهر ليس بالمعني الجنسي ولكن بمعناه الاجتماعي والثقافي والسياسي.
وقد تزايدت أعداد هؤلاء الرجال بعضهم من الشباب ولكن معظمهم في الغالب الرجال الكهول والشيوخ ومن بلغوا من العمر أرذله. تشاهد كثيراً من هؤلاء من يتحدثون في القنوات التليفزيونية والفضائيات ويدبجون المقالات في الصحف والمجلات. وإذا تأملت أحاديثهم وكتاباتهم لا تجد ما يصفها بقدر من الدقة إلا أنها نوع من العُهر أوالبغاء. منهم رجال يبيعون أنفسهم مقابل أجر (بغاء) وفي أحيان أخري قليلة تكون ممارسة هذه الرذيلة بلا أجر (هذا هو العهر بعينه). والأجر أو الطموح إلي أجر محتمل (نموذج عبده مشتاق) هو البقاء في المنصب أو الترقي فيه بسرعة، أو الحصول علي جزء من كعكة الفساد (المنتشر كالوباء) أو مجرد التقرب لذوي النفوذ أو المال (وهما الآن متزاوجان)
نقلا عن جريدة البديل |