CET 00:00:00 - 05/03/2009

مقالات مختارة

بقلم- أمينة النقاش

أكتب هذا الكلام،‮ ‬قبل ساعات من إعلان المحكمة الجنائية الدولية قرارها في الأسانيد التي قدمها لها المدعي العام‮ »‬موريس أوكامبو‮« ‬بشأن اتهام الرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية في دارفور.
‬وهو قرار تدل كل المؤشرات،‮ ‬علي انه سينتهي باعتماد تقرير اوكامبو،‮ ‬وبالتالي اصدار قرار باعتقال الرئيس السوداني‮. ‬ومع ان القرار لن‮ ‬يصدر طبقاً‮ ‬للباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة،‮ ‬الذي‮ ‬يجيز لمجلس الأمن استخدام القوة في إلقاء القبض علي الرئيس‮ »‬البشير‮«‬،‮ ‬إلا أنه‮ ‬يجيز اعتقاله بمجرد مغادرته للحدود السودانية.
‬ويلزم جميع الدول الاعضاء بتسليمه الي المحاكمة‮.‬ وربما‮ ‬يكون الأوان قد فات الآن للبكاء علي اللبن المسكوب،‮ ‬بعد ان ضاعت الفرصة التي كانت متاحة لسحب الذرائع التي تذرع بها المدعي العام للمحكمة الجنائية وهو ما نبهت له الجامعة العربية،‮ ‬حين قامت بمبادرتها لإتمام الصلح بين الحكومة السودانية وفصائل المتمردين المسلحة في دارفور،‮ ‬علي نحو‮ ‬يؤدي الي عودة السلم والاستقرار الي الاقليم،‮ ‬وتقديم المشتبه في ارتكابهم لجرائم من هذا النوع الي محاكم سودانية،‮ ‬تشكل طبقاً‮ ‬للمعايير الدولية،‮ ‬تحقق فيها،‮ ‬وتصدر بحقهم احكاماً‮ ‬اذا ثبت لها ادانتهم،‮ ‬وغير ذلك من الاجراءات التي تضمنتها مبادرة الجامعة العربية‮.‬
وأسوأ ما في قرار المحكمة،‮ ‬أن السودانيين والعرب،‮ ‬لا‮ ‬يملكون أوراق قوة كافية للتصدي له او لمنع تطبيقه‮.
‬وقد‮ ‬يكون للمنطق العربي الذي‮ ‬يقول ان المجتمع الدولي ومن بينه المحكمة الجنائية الدولية‮ ‬يكيل بمكيالين،‮ ‬ويتغاضي عن الجرائم التي ارتكبتها امريكا في العراق وفي أفغانستان.
‬وتلك التي ترتكبها اسرائيل في الأراضي الفلسطينية وجاهته،‮ ‬لكنهم لا‮ ‬يملكون من اوراق القوة ما‮ ‬يعدل هذا الميزان المختل ـ أو لعلهم‮ ‬يفرطون فيها بإرادتهم ـ كما لا‮ ‬يستطيعون مواجهة المنطق الآخر الذي‮ ‬يقول ان افلات متهم او مشتبه فيه بارتكاب جرائم حرب لنقص في الأدلة،‮ ‬أو عجز عن تجميعها،‮ ‬يؤدي الي افلات كل المشتبه فيهم فضلاً‮ ‬عن الامور في المجتمع الدولي كما نعلم جميعاً‮ ‬لا تحكمها قواعد المنطق والعدل وانما تحكمها موازين القوي.
‬وأسوأ ما في قرار المحكمة هو النتائج الكارثية التي سوف تترتب عليه،‮ ‬والتي دفعت الدول العربية والاتحاد الأفريقي للقيام بمحاولة،‮ ‬لاستصدار قرار من مجلس الامن بتأجيل اتخاذ الاجراءات ضد الرئيس البشير لمدة عام حفاظاً‮ ‬علي السلم الأهلي في السودان وحماية لاستقراره،‮ ‬الذي هو حجز زاوية في استقرار الدول المحيطة به،‮ ‬التي تعاني هي الأخري من مشاكل الصراعات القبلية والمنازعات العرقية ويسود بعضها حالة من الفوضي‮ ‬يعاني منها المجتمع الدولي كما هو الحال في الصومال،‮ ‬التي انتهت الفوضي فيها الي تحويل البحر الاحمر والقرن الافريقي،‮ ‬الي ساحة للقرصنة البحرية‮.‬ وقد لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية ان تطول الرئيس السوداني ولا المسئولين الآخرين من اركان ادارته،‮ ‬اذا ما ظلوا داخل حدود بلادهم،‮ ‬لكن ذلك سوف‮ ‬يؤدي علي المدي المتوسط والطويل الي عزل السودان ويمهد لفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وسياسية عليه.
 ‬أما اخطر ما في الموضوع فهو انه سوف‮ ‬يشجع بعض فصائل المعارضة المسلحة في دارفور وفي الشرق وحتي في الوسط علي استمرار محاولة هز استقرار الحكم واحداث اضطرابات تزيد من تدهور الوضع الداخلي فيه.
‬وهو ما بدأت بشائره بالفعل إذ تطالب بعض الاحزاب السودانية صراحة بأن‮ ‬يسلم البشير نفسه ومن معه للمحاكمة وتتعهد اخري بملاحقته وتسليمه بنفسها الي المحكمة ومع ان التصريحات الرسمية في الخرطوم تتحدث عن اصطفاف وطني شامل‮ ‬يرفض قرار الاعتقال.
‬الا انه من الصعب الحكم علي مدي قدرة هذا الاصطفاف علي الصمود اذا ما تداعت المشاكل الناجمة صدور هذا القرار‮.‬ وحتي الآن لا‮ ‬يزال في أيدي السودانيين والعرب اوراق قوة قليلة‮ ‬يمكن استخدامها للافلات من الفوضي التي تزحف نحوه بقوة،‮ ‬وتزحف من خلاله نحو كل دول الجوار الافريقية والعربية بينما تكرار المحاولة بإقناع مجلس الأمن بتأجيل تنفيذ القرار لمدة عام وان‮ ‬يستخدم السودان علاقته النفطية الوثيقة بالصين صاحبة حق النقض في المجلس كورقة ضغط سياسي وليست مجرد عملية استثمارية وحسب‮.‬ 
*نقلاً عن الوفد
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع