CET 00:00:00 - 21/04/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي ملاك
مقتل قبطين فى يوم عييد القيامة ليس بالامر السهل أو الهين على المستوي الاسري لهم ، أو على المستوي المجتمعي ، وبالطبع قضية الثأر هنا هى قضية مجتمعية مصرية قديمة يعاني منها المجتمع المصري منذ وقت طويل ، ولكن لا يجب ان نتقبل الامر كما نقراءه بل علينا تحليل مضمون الخبر وتفصيله لنرى ما إذا كانت القضية تندرج تحت بند ثأر فقط ، ام ثأر واشياء أخري ، فالواقعة كما ذكرت تعود لعام 2004 ، عندما قتل مسلم للعائلة على يد قبطي ، وكما ذكر فشلت جميع محاولات الصلح بين العائلتين على الرغم من الجهود التى تمت بين الجانبين من أجل اتمام ذلك الصلح ، ولكن بأت كل محاولات الصلح بالفشل ليبقى الثأر هو المتبقى من العائلة ، ولكن من المعروف فى قواعد الثأر انه يتم الثأر من شخص مقابل شخص ، ولا يتم الثأر بقتل فردين مقابل فرد واحد ، ولكن هذا ما حدث حينما تم قتل شخصين بمجرد خروجهم من باب الكنيسة ليفقدوا حياتهم ويصاب شخص ثالث .

القضية بالطبع تلعب فيها قضية الثأر الدور الاكبر ، وللكن تدخل فيها عوامل أخري لا يجب علينا إذا كنا نريد ان نكون منصفين ان ننكرها ، فالقضية تدخل فيها وبلا شك ، عوامل دينية ربما لا تكون ظاهرة ، ولكن من يعرف مجتمع الصعيد معرفه جيدة يعلم أن هناك كم من الضغينة بين المسلمين والمسيحين وصل الحد به ، الى وجود عدد كبير من حوادث الفتنة الطائفية بين الجانبين فى الفترة الاخيرة ، وبالطبع الحديث عن الثأر أو الفتنة فكلاهما ثقافة أصبح يتميز بها المجتمع المصري بها فى الفترة الاخيرة ، وكلاهما لا توجد عوامل له من أجل الحد أو التقليل منه ، فالثأر ثقافة مرتبطة بالتخلف والافتقاد للتنمية ، وعدم الثقة فى قدرة القانون على إعطاء الحق لأصحابة بشكل سريع ، يعمل على اعطاء الثقة للمواطن بأن القانون فوق الجميع ، اى ان عامل الثقة فى القانون ، والقائمون على القانون مفقودة وهو الامر الذي يجعل من النظر للقانون كفيصل بين المتنازعين ، نظرة تحتيه يري فيها كل طرف أن القانون للشخص الاضعف الذي لا يستطيع أن يأخذ حقه بنفسه ، وهو أمر ايضاً يمكن ارجاعه لنسبة الامية الكبيرة ، وغياب الثقافة الحقيقية التى تستطيع نقل تلك المجتمعات نقلة حضارية كبيرة تعمل على التقليل من تلك الحوادث .

وإذا كانت هذه ثقافة الثأر ، فثقافة الفتنة لديها قاسم كبير مشترك معها ، فهى ايضاً تنم عن غياب ثقافى ، وعن تنامى لكراهية نتيجة مناهج تعليمية ، ونتيجة وجود شحن ضد الاخر فى مختلف المؤسسات داخل تلك المناطق ، هى ايضاً تتعلق بشعور الكثير بأن القانون لا وجود له طالما تعلق الامر بشئ يخص الدين ، فذلك مبرر كبير يجعل لديهم شعور بان تساهل الدولة سيكون اكبر من توقعاتهم طالما اعتقدوا انهم يدافعون عن دين الله من وجه نظرهم ضد الكفار كما تعلموا ويسمعون كل يوم ، فالقواسم المشتركة بين ثقافة الفتنة وثقافة الثأر كثيرة ، فيجمعهم ايضاَ القدرة الكبيرة على استحضار كافة الوسائل التى تحقق غرضهم فى الاعتداء على الاخر ، وكأن ما يستخدم من ادوات هو امر شائع داخل تلك المناطق ، وهو ما يعزز التحليل القائل بضعف قدرة الدولة على السيطرة على تلك المناطق ، يجمعهما ايضاً غياب كبير لثقافة التسامح التى يجب ان تسيطر على مجتمع يريد ان يعطي مثلاً للاخر فى تسامحه ودليل على تقدمه الانساني ، يجمعهما غياب القدرة على التأثير من جانب الدولة ، فتلك المشكلة تعود لعام 2004 ، وهو ما يعني ان الدولة فشلن بكل اجهزتها طوال خمسة سنوات فى اقناع كل من الطرفين بضرورة التصالح ، ولم تستخدم الدولة كما تستخدم حينما تريد ، فتاوى تشير إلى غضب الله ممن يثأر لذاته .
اعتقد ان المشكلة الكبيرة تتمثل فى تناقضات ثقافية يعيش فيها المجتمع المصري ، نتيجة غياب ملهم واحد لتلك الثقافة ، وتعدد مصادر الهامه وتناقضها فى نفس الوقت ، فالعيب ليس فى تعدد مصادر الالهام ، ولكن فى التناقض الذي يدفع المجتمع المصري الى تناقضات كبيرة ربما يصعب تفسيرها .

نعم اعلم تماماً ان قضية القتل الاخيرة هى بالاساس قضية ثأر ، ولكننا لا يمكن ان نفل تلك الثقافة عن ثقافة الفتنة ، فكلاهما بمزيد من التحليل ستجد ان لهما نفس المصادر الثقافية والبيئية الخصبة التى تساعد على انتشراهما بشكل كبير ، والمؤسف اننا نرى كيف تنمو وتترعرع بيننا ، ولكننا نعتبرها من القضايا المسكوت عنها التى يعنى الحديث فيها الدخول فى صميم ثقافة استبدادية ، نواقصها تجعلنا نشعر بضرورة التغطية عليها ، ولكن اعتقد إذا استمرينا فى هذا الغموض وعدم المكاشفة وبشكل صريح أن ثقافة الثأر وثقافة الفتنة كلاهما نتاج ثقافة منحدرة ساعدنا ونساهم كل يوم فى تنميتها ، فسوف تستمر الازمة ، وسوف نظل نخدع  انفسنا بالسؤال عن اسبابها لاننا نعشق تبرير الذات .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق