في اللغة العامية حين يتحدث شخص الي اخر حديث معاد ومكرر يقول الأول للثاني "نفس الاسطوانة" ولم تأت كلمة اسطوانة من فراغ لكن من شكلها كشئ مستدير اذا تحرك دار حول نفسه فلا يقدم جديدا لكن هذا المعني الجامع جاء أيضا من الأغاني التي ظهرت مع بداية القرن العشرين فهي تدور بنفس ما تحمله ولا يتغير منذ اكثر من ثلاثين عاما ونحن نعيش في هذه الاسطوانة فالحكومة دائما منحازة الي عديمي الدخل او قليلي الدخل منذ سياسة الانفتاح الاقتصادي في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ولا أحد يمل الكلام عن هذا الانحياز والنتيجة هي ازدياد معدومي الدخل الي درجة الانفجار فتجاوزوا نصف الشعب المصري بينما يظهر كل يوم أغنياء لا أحد يعرف كيف واتتهم الثروة .
اسطوانة أخري هي التعليم والارتقاء بالتعليم والنتيجة كما نري ازدياد نسبة الاميين اذ ينضم اليهم العدد الأكبر من خريجي الجامعات الذين لا يعرفون كتابة اسمائهم. واسطوانة اخري هي توفير التامين الصحي لكل مواطن والنتيجة طبعا كما نري موت المرضي علي ابواب المستشفيات وارتفاع اسعار العلاج الي ارقام فلكية وتوفير الدولة العلاج المجاني للقادرين من المسئولين كما رأينا في حالة واحدة لا نعرف سر اظهارها للناس الآن هي حالة الدكتور يوسف بطرس غالي الذي من المؤكد ليس وحده لكن شاء حظه العثر أن تظهر حالته الي النور في وقت يسعي فيه لجباية جديدة يسميها الضرائب العقارية بحجة زيادة دخل الدولة الفقيرة وطبعا مانشر عن استنفاد اعضاء من مجلس الشعب لمئات الالوف من الجنيهات بحجة مرضي دوائرهم ثم نكتشف أن في الأمر تجارة ما من الأسطوانات ايضا اسطوانة نزاهة الانتخابات وطبعا ليست في حاجة الي كلام عن عدم نزاهة الانتخابات ومن الاسطوانات أيضا حرية التعبير وكل يوم نري قضية وحكما علي أحد الكتاب او الصحفيين وبحكم القانون ولا شئ اخر.
ومن الاسطوانات الرائجة أيضا توصيل مياه الشرب الي القري البعيدة ونكتشف ان الذي يصل هو مياه المجاري. اسطوانات كثيرة جدا حتي أن الشعب زهد في الاستماع اليها والي جانبها اسطوانات أخري من المعارضة والبرامج الفضائية ففي كل يوم لا ينقطع هدير النقد لكل ماهو سيئ ولكن لا أحد يستجيب فأدرك الجميع أن هذا ايضا يدخل في باب الاسطوانات وكأنه أمر متفق عليه بين الحكومة وهذه البرامج، ان يسمع الناس الي اقصي حرية ممكنة فيرتاحوا لكن لا احد من الحكومة او الحكم سيستجيب وهذه من الاسطوانات الشديدة الذكاء توطد اركان الحكم كل يوم أمام العالم لأنه تقريبا لايوجد أي نظام يتعرض لهذا الكم من الانتقاد ويستمر طويلا هكذا. ومن أجمل الاسطوانات التي ضحك بها علي الناس اسطوانة انفلونزا الخنازير التي نشرت فيها الحكومة في البداية صورا للمقابرالجماعية التي تستعد بها لاستقبال الموتي بالملايين ولولا صراخ بعض الكتاب عن هذا الهراء ومنهم العبد الفقير الي الله في اكثر من مقال هنا لاستمرت الاسطوانة المرعبة تدور , واخيرا اكتشفنا ان الأمر كله سهل وتافه وهو ما قلناه بعد ان سافرنا الي اوروبا اكثر من مرة ورأينا الحقيقة هناك أن لا أحد يرتدي كمامة مثلا .هذه الاسطوانة فشلت والحمد لله وتحولت الي اسطوانة مضحكة وهذا من فضل الله الذي خيب أمل الحكومة في دفن الشعب.
ونستطيع أن نمضي مع الاسطوانات الي مدي بعيد جدا ولا اعتقد ان القارئ يخفي عليه بقية الاسطوانات ولكن أهم اسطوانة الان هي اسطوانة البوتاجاز. هذه هي الاسطوانة الوحيدة الآن التي تهم المواطن فهي اسطوانة مفيدة رغم أنها من حديد لكنها فجأة وبقدرة قادر اختفت وظهرت الطوابير الطويلة ووقع قتلي وسقط شهداء كما حدث ويحدث مع الخبز ولقد سبق هذا الاختفاء للاسطوانة الحقيقية اسطوانة كلامية موسيقية ايضا لوزير التضامن علي مصيلحي قال فيه كل يوم انه لابد من اعادة النظر في دعم البوتاجاز، لم يقل اعادة النظر في دعم اسرائيل بالغاز مثلا، وانه يفكر ان يخصص اسطوانتين لكل مواطن شهريا حتي لا يفوز اصحاب المحلات، المطاعم والمقاهي يعني باسطوانات مدعمة رغم انه يستطيع أن يحصر هذه المحلات ويفرض عليها استخدام الاسطوانات الكبيرة فقط ولا يدعم هذه الاسطوانات الكبيرة مثلا ويترك الناس في حالها، والذي حدث هو أن جميع الاسطوانات اختفت بعد ذلك وصارت الاسطوانة التي تدور بأحاديث الناس هي ازمة من فعل الحكومة لادخال الاسطوانات الي البطاقات .
والمهم في الأمر هو الكلام الذي يدور كالاسطوانة أن المستودعات تعطي الاسطوانات للباعة السريحة وذلك سبب الأزمة وانا شخصيا منذ أربعين سنة لم اشتر اسطوانة من مستودع بل دائما من الباعة السريحة ولم تحدث أزمة علي العكس هم يوفرون المشوار الي المستودع وهذا ليس بالقليل لذلك لم يصدق الناس هذه الاسطوانة: الباعة السريحة، وصدقوا اسطوانة الوزير عن الغاء الدعم الذي استدعي احداث الازمة لتكون مبررا لذلك وعندي سؤال واحد للسيد الوزير عن المستودعات كم عضوا في مجلس الشعب يملك المستودعات؟ ليته يقول لنا حتي ينقطع الكلام الذي يتحرك الآن علي استحياء بأن غالبية المستودعات ملك لاعضاء في مجلس الشعب قرروا الاغتناء فجأة بالاتفاق أو عدمه مع الوزارة أو الحكومة .وأنا كمواطن لم يعد تغضبني الاسطوانات السياسية في شئ ووصلت الي يقين قديم لدي الشعب المصري ان هذا بلد يمشي بقدرة قادر وانه سيعيش رغم أي شئ لكن المشكلة التي تؤرقني جدا هي أنني سأضطر بعد أيام إلي أن أبحث عن اسطوانة بوتاجاز ولن ينقذني من ذلك مروري كل يوم علي الاسطوانة التي عندي داعيا لها ألا تنفد ماشيا عليها بكفي وداعيا الله ان يستجيب لدعائي حتي لا أقف في طابور ولا أبحث عن سوق سوداء مثل زماننا..
نقلا عن الوفد |