بقلم: كمال غبريال بالتأكيد أيضاً قد انبهر الشعب المصري، بما يشاهده في التليفزيون، من ثورات برتقالية تقوم بها الشعوب، عبر تظاهرات سلمية حضارية، يسقطون عن طريقها حكومات، وينصبون أخرى، دون أن تصدر عنهم أعمال عنف، تتأذى منها بلادهم وممتلكاتهم العامة، وتعطي في نفس الوقت مبرراً للسلطات للتدخل العنيف. . استطاعت شعوب عديدة عبر ثوراتها السلمية هذه أن تفرض إرادتها، وأن تأتي بحكام يدينون لها بالولاء، لابد أن الكثيرين قد أدركوا أن الشعوب أقوى من القبضة البوليسية، وأقوى من أي حاكم مهما بلغ جبروته وطغيانه. . ليست أهمية من يتولى الحكم، بقدر أهمية أن يأتي الحاكم بالإرادة الشعبية. . فأفضل الشخصيات وأكثرها إخلاصاً، لو أتي مستنداً إلى أي قوة غير قوة الشعب، سوف يكون أداؤه بالتأكيد مرتهناً بإرادة تلك القوة التي أوصلته إلى كرسي السلطة. . أما عندما يتولى من تعينه الإرادة الشعبية، ومهما كانت شخصيته، فلابد وأن يسعى لتحقيق إرادة الشعب الذي حمله على أكتافه، وهو إن لم يفعل ذلك، فإن الإرادة الشعبية ذاتها كفيلة بالإطاحة به، لتأتي بمن هو قادر على تحقيق آمالها. الحراك الشعبي الدائر حالياً بمناسبة انتخابات الرئاسة القادمة، لا يستهدف إسقاط نظام حكم والإتيان بآخر، بل هو حراك ضمن النظام الحالي، ومحكوم بالقانون والدستور. . يتضمن سعياً لتعديل الدستور وفق الآليات القانونية والدستورية. . هي إذن تحركات ليست ضد الدولة، ولا تشكل عصياناً أو تحدياً لها، وإنما هي حركة في المساحة التي تتيحها لنا الشرعية الدستورية والقانونية، وهذا هو الأساس الذي لا ينبغي أن يغيب عن عيون الجميع، فالخروج على القوانين يعني الفوضى، التي لا يمكن أن تؤدي إلا للخراب، وليس للتطور والحداثة، بل يمكن أن تكون فرصة للتشكيلات الإجرامية الظلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي تتحين الفرص لتعيث في البلاد فساداً. تؤدي مشاركة الأقباط في هذا الحراك الشعبي أيضاً، إلى إشعار أخوانهم في الوطن من مختلف الانتماءات الدينية، أن اهتماماتنا واحدة كما أن معاناتنا واحدة، وأننا نحتاج لبعضنا البعض، ونساند بعضنا البعض، ولسنا طائفة منعزلة، تطالب بمطالب خاصة بها، ولا تشارك بقية الشعب في همومه ومعاناته. . تؤدي أيضاً لأن يصبح لأصوات الأقباط قيمة في أي انتخابات، فالسلبية أو ضمان أصوات الأقباط لاتجاه أو جهة معينة، يفقد الأقباط أي وزن في المعادلة الوطنية، وهو ما تتضح نتائجه الآن، في عدم اكتراث الدولة بما يجري من مذابح للأقباط، رغم التأييد المطلق من الكنيسة للنظام والحزب الحاكم. . فالتأييد الدائم المضمون لا يكترث به من يضمنه، إذ يعتبره تحصيل حاصل، وهو الوضع الذي لا يمكن أن يعود على قضايا الأقباط بمردود إيجابي. . فما دام ولاء الأقباط دائم ومضمون، فلماذا يسعى الحاكم إلى استرضائهم أو الاهتمام بمعاناتهم؟!!. . بعكس حالة ذهاب بعض أصوات الأقباط إلى جبهة المعارضة - بالطبع كل حسب رؤيته وقناعاته- فسوف تكون لهذه الأصوات المعارضة وزناً وقيمة. . كما سوف تكون هناك قيمة ووزن لمن ينضم من الأقباط للحزب الحاكم، الذي سيكون حريصاً عندئذ على الاحتفاظ بهذه الأصوات المؤيدة له، ولا يعتبرها مجرد ديكور أو كمالة عدد!! هذه فرصة وطنية ذهبية، سيندم الشعب المصري لو أفلتت من يديه، وسيندم الأقباط لو فاتتهم المشاركة فيها، بالطبع كل حسب آرائه السياسية ومواقفة، فالوطنية ليست حكراً على هذا الاتجاه أو ذاك، والمهم هو التوجه المخلص نحو تحديث الوطن، ودفع ما يعرف بالأغلبية الصامتة إلى الحركة الإيجابية، وألا نخلط بين الاتكال والتواكل، أو بين الاتكال على الله، وبين السلبية والقعود، والتمسح بأفكار تتخذ شكل التدين والتقوى، وهي في حقيقتها ليست أكثر من تبرير متهافت للجبن والإهمال والعجز عن الفعل الإيجابي!! مصر- الإسكندرية |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت | عدد التعليقات: ١ تعليق |