بقلم : نبيل عبد الفتاح |
هذا زمن الخوف الذي يسكن الروح, والذي يتمدد في خلايا اللاوعي شبه الجمعي, والفردي, وفي وقائع الحياة اليومية المادية والرمزية والتي تبدو في غالبها الأعم حاملة لأطيافه! هل نكتب عن الخوف لإثارته, واعادة انتاجه أم للوعي بدخائله, ومقاومته والانتصار عليه في معارك الحياة؟ هل تشريح الخوف ومصادرة, يضفي علي الذات بعض من الشجاعة في مواجهته؟ هل الكتابة عنه محاولة للتعايش معه, ومسايرته والتعود عليه, ونزع أنيابه الأسطورة المرئية أو المستورة وراء ظواهره, وعوارضه؟ ربما! أم نكتب عنه لكي تنتصر الحياة والشجاعة علي بعض أو غالب مصادر الخوف وأشباحه؟ أم نكتب لكي تنتصر الارادة الفردية الحرة والوعي البصير والمسئول علي العجز والاستبداد. الغالبية في بلادنا تعيش حالة الخوف والقلق والرهبة من صدمات الحاضر الآني, الي غيوم وغموض المستقبل الآتي! الخوف علي الإيمان الوضعي الشكلاني والطقوسي الذي استقر في الوجدان الشعبي من الأسئلة والتأويلات الجديدة والأفكار المختلفة, خوف بعض المؤمنين من الأديان والمذاهب والجماعات الصغري من الأغلبيات والجموع التي يحركها بعضهم من السياسيين ورجال الدين للاستعلاء علي الآخرين! الخوف الذي يحاول بعضهم التعايش معه وتبديد بعض أشباحه وظلاله الكثيفة بالاستسلام والراحة والطمأنينة في حمي الأحكام الجاهزة والأسئلة المعلبة وسابقة التجهيز, وفي الأمثولات والحكم الشعبية, وخبرات ومعارف فارقت أسئلتها وتاريخها!ولم تعد تثير أية دهشة, ولم تعد الاجابات القديمة صالحة حتي لإعادة تلاوتها وقراءتها مجددا! هل يأتينا الخوف من قلب النسيج النفسي والقلق الانساني؟ أم خوف ينطلق من الإقليم المضطرب وغموض مستقبله؟ يهاجمنا الخوف من كل هذه المصادر علي تعددها واختلافها. خوف يتغذي علي الخوف! خوف الصفوات السياسية الحاكمة من تقلبات الزمن والإقليم وغدر وانقلابات السياسة والمصالح, والتحالفات مع بعض الفاعلين الكبار عند قمة النظام الدولي المعولم, ومن تحولات الإقليم, وصدمة مقاديره ونهاياته غير السعيدة! خوف عرب اليسر من عرب العسر. الخوف الكامن في نمط من الاستعلاءات البدوقراطية النفطية علي عرب الماء والمدن والحواضر التاريخية, حيث الثراء والعمق الحضاري والثقافي! خوف عرب النفط من الانهيارات المالية كما حدث في إمارة دبي أخيرا! الخوف المسيطر علي رعب أهالي الخليج وشبه الجزيرة العربية من التمدد الايراني والحوثيين وتقلبات البورصات, وأسعار النفط ـ الهبة الجيولوجية التي أصبحت نقمة ووبالا علينا وعلي عرب العسر ـ, والتغيرات المناخية والبيئية, و... و... إلخ! أنا خائف إذن أنا موجود صياغة تبدو لي إيجابية, ومقولة كينونية, ولكنها تحتاج إلي تكملة أنا خائف, أنا أدرك خوفي, أنا أتبني وأعرف المنطق والمناهج العلمية الطبيعية والاجتماعية الحديثة والمعاصرة وما بعدها في مصادرها العديدة, وكشوفها وتطوراتها, يعني أيضا أنا أتدبر, أنا أخطط, أنا أدير حياتي, أنا أفعل الف من أين يأتي الخوف الآن؟ من عديد المصادر منها تمثيلا لا حصرا من تخلفنا التاريخي المستمر, والتطور المذهل في المعرفة والتقنيات والمعلومات والاتصالات والإدارة... إلخ. الخوف المسيطر الذي يبث إشعاعه في نسيج حياتنا وروحنا, هو التحدي الكبير الذي يتعين أن نواجهه, ونديره, ونصارعه في داخلنا في روحنا, وفي تنظيم حياتنا ومؤسساتنا وسياستنا, وقراراتنا الكبري والصغري! في سياسات الدولة, وفي حياة المجتمع الذي أدمنت غالب شرائحه الاجتماعية, ومعارضاته وأحزابه الحاكمة نقد الحكومات, والدولة, ونسينا نقد المجتمع والكشف عن اختلالاته في قلب أنساقه القيمية والسلوكية, وفي أساطيره وأوهامه, وفي قدرياته الوضعية التي يستسلم لها ويسكن فيها ويعيش بها, لإبعاد مفهوم المسئولية عن قراراته وقناعاته وسلبياته وأوهامه التي يتعايش بها بحثا عن طمأنينة ما من الخوف من المسئولية عن فعله الإنساني اليومي ومخاتلاته ومراوغاته وأخطائه وآثامه علي اختلافها. الخوف من المسئولية السياسية والإدارية والشخصية ـ ولا أقول الفردية إلا استثناء ـ يستدعي غالبا أقنعة القدريات الوضعية والحتميات والإرادات المستلبة والمستقيلة عن الفعل الإنساني المسئول! هذا التحالف الوحشي لمن هم دون الحد الوسط في الكفاءة والمعرفة والوعي ـ المديوكرات ـ والحد الأدني للتافهين ـ المنيوكرات ـ الذين يطاردون ويقاتلون ويغتالون الكفاءات والمواهب وذوي القدرة علي قلتهم. تحالف هؤلاء المحدودين يشكل الخطر الداهم الذي يأكل روح الصفوة الموهوبة والقادرة علي إدارة الأزمات ووقف التدهور في المؤسسات والخلل في السياسات وإصلاح الرؤي المثقوبة والهياكل المختلة, والقادرين علي زراعة الآمال المستقبلية الممكنة في ثنايا حياتنا ومطاردة الأوهام الشائعة ومروجيها بالمعرفة والوعي البصير. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |