هالة الجيار
كان عم رزق رجلا طيبا مسناً بالكاد يمشى بين المكاتب يحاول أن يساعد الموظفين الذين يشفقون عليه  فيصرفونه بأدب شاكرين فهم يعلمون أن صاحب الشركة قد وظفه كنوع من المساعدة المخفية..وبعد أن أن يلف على الجميع يكون مكتب باهر هو آخر محطاته التى يرتاح فيها إلى أن ياتى ميعاد الانصراف وباهر هذا كان موظفا كادحاً لديه أسرة صغيرة ومرتبه يكاد لا يكفى طلبات أسرته وتعليم أولاده ولكنه كان دائما قانعا شاكرا على كل عطايا الله كما قالت الوصية..
 
وكان يحب عم رزق ويعطف عليه كنوع من الرحمة أحيانا ببعض الجنيهات القليلة واحيانا كثيرة يقتسم معه طعامه المتواضع وكل اول شهر كان يدس فى يديه عشور مرتبه البسيط ..وهكذا صار الوضع إلا أن أراد صاحب الشركة نظرا لظروف اقتصادية الاستغناء عن بعض الموظفين وتم تحديد العدد والاسماء التى شملت إسم باهر ونزل عليه الخبر كالصاعقة وعلى عم رزق أيضا ..
 
وجلس الاثنين وقد غلبتهما الدموع وفى اليوم التالى ذهب باهر لانهاء اجراءات إخلاء طرفه وهو حزين ولولا الخجل لبكى وشهق من الالم وكان يقول يارب انت قلت لا تجرب الرب إلهك.. بس بردو قلت هاتوا العشور وجربونى ..انا دلوقتى بخالف وصيتك الاولى وبجربك زى ما قلت هاتعمل معايا ايه انا متاخرتش على العشور ولا مرة فين وعدك فين كلامك انا هاعمل ايه مع ولادى وبيتى ..
 
وظل يحدث الله فى داخله ويعاتبه ولايرى أحدا أمامه  ودخل على زميله المسؤول ومد له الاوراق المطلوبة منه وهو لا يرى ولا يسمع شيئا  من الحزن ولكنه آفاق على زميله ينادى بصوت عالى باهر باهر انت سامعنى؟ فنظر له معتذرا وقال له ما الأمر قال له عد الى مكتبك انت ربنا بيحبك صاحب الشركة عندما قدمنا له كشف الاسماء ليوقع عليه كان العدد أحد عشر موظفا وكنت انت الاخير فقال يكفى عشرة فقط هذا الأخير مرتبه قليل لا داعى للاستغناء عنه مبروك يا باهر ..
 
وعاد باهر لمكتبه لا يصدق ما حدث ليخبرعم رزق أن  عطاياه القليلة له كانت سبب بركة عظيمة وسوف يستمر فى عمله ولن ينقطع الرزق..واخذ يشكر الله ويعتذرله عن شكه فى كلامه وأنه كما قال كلمة من كلامى لا تسقط ابدا.. 
 
اصدقائى الأحباء هاهى دعوة منى بأن تعطوا بمحبة وتجربوا الله ..فهو اكرم من أن يترككم فى عوز جربوه كما قال أعطوه العشور حتى ولو بضع جنيهات حتى ولو من أعوازكم وانتظروا البركة بل أقول لكم البركات التى قد تكون ستر او صحة أوبركة مادية وقد تكون كل هذا مجتمعا.. فالله يعوض بسخاء للذين يعطونه بسخاء وحب ويرحمون الفقراء والضعفاء .. الأرملة أعطت فلسين من أعوازها وكانوا عند الله كأنهم ملايين وكرمها الله بذكرما فعلت على مدى الدهور..جربوه وأكرموه فى أولاده وإخوته المحتاجين والأرامل والأيتام ..جربوا وعوده الصادقة.. 
 
هَاتُوا جَمِيعَ ٱلْعُشُورِ إِلَى ٱلْخَزْنَةِ لِيَكُونَ فِي بَيْتِي طَعَامٌ، وَجَرِّبُونِي بِهَذَا، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، إِنْ كُنْتُ لَا أَفْتَحُ لَكُمْ كُوَى ٱلسَّمَاوَاتِ، وَأَفِيضُ عَلَيْكُمْ بَرَكَةً حَتَّى لَا تُوسَعَ. 

مَلَاخِي ٣:‏١٠

ولكم منى كل الحب..