الأقباط متحدون - الجمعية الاحتكارية للدستور
أخر تحديث ٢٠:٢٣ | الأحد ١ ابريل ٢٠١٢ | ٢٣ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الجمعية الاحتكارية للدستور


بقلم : د/ عدلي انيس
استاذ بجامعة القاهرة


من الطبيعي أن ينتخب الشعب اعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ، ولكن الاعلان الدستورى في مادته الستين قد اعطى هذه المهمة لاعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين؛ أي أنه اعطى الأعضاء المنتخبين مهمة الانتخاب نيابة عن الشعب، ولأن عملية الانتخاب تتكون من مرشح وناخب؛ إذن فالاعلان الدستوري اعطى لأعضاء مجلس الشعب والشورى دور الناخب ولم ينص صراحة على احقيتهم في الترشح أو المشاركة في وضع الدستور، ولو أراد الاعلان مشاركتهم في وضع الدستور لفصل ذلك وقال " وتُشكل لجنة من الاعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد"


وبناء على ذلك فإن أي مناقشات حول نسبة من اعضاء البرلمان للمشاركة في وضع الدستور أيًّا كانت صغيرة أو كبيرة فهى مخالفة للاعلان الدستورى، وتعد ممارسة احتكارية من قبل البرلمان الحالي – الذي لقب عن طريق الخطأ ببرلمان الثورة - وامعانا في عملية الاحتكار والاغتصاب يستحوذ حزبا الحرية والعدالة، والنور على معظم المقاعد الخمسين التى خصصوها لانفسهم. ثم تكتمل الخطة المدبرة باضافة نحو 25 عضوا اخرين ممن يميلون الى فكر الاسلام السياسي حتى يكتمل اطمئنانهم الى السيطرة على النسبة المرجحة للتصويت على مواد الدستور سواء اكانت خمسين بالمائة او كانت ثلثي الاعضاء.


وما كان من التيارات الاخرى الا الانسحاب وقد حضرت المؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه ذلك وبلغ عدد المنسحبين ما يزيد عن 25 عضوا، وسحبت النقابات  والازهر الشريف والمحكمة الدستورية اعضائها، ورغم ذلك واعلاءً للعنترية التى ورثتها الاحزاب الاسلامية من الحزب الوطني المنحل، تمت الجلسة الاجرائية الاولى لاختيار رئيسها، ضاربين بكل الاتجاهات والنقابات والاحزاب والقضاء والازهر وغيرهم عرض الحائط ولسان حالهم يقول" اشربوا من البحر" .

 

ولكن الصدمة الكبرى التى استقبلتها تتمثل في الحل المطروح من المجلس العسكري فبدلا من تعديل المادة 60 من خلال اعلان دستوري او اقناع هذا التيار بالاستجابة لمطالب شركائهم في الوطن، يطرحون فكرة انشاء لجان استشارية للجنة وضع الدستور ولكن قراراتها غير ملزمة!!!  فوافقت الاحزاب الاسلامية وبعض الاحزاب الصغيرة، كما وافق مصطفى بكري والنائبة ماريان المعينة من المجلس العسكري بناء على ترشيح من الكنيسة – كما هو شائع -  بعد ان طمئنوها على صياغة المادة الثانية- وكأن المسيحيين في مصر تم اختزالهم في المادة الثانية-  لكن رفضت الاحزاب الواعية مثل الحزب المصري الديمقراطي، والمصريين الاحرار، والتجمع، والعدل وغيرهم من النواب المستقلين الذين يعلمون ادوات اللعبة السياسية. ليبقى الوضع على ما هو عليه ستضع الاحزاب الدينية الدستور وفقا لمشروعها، وان كرهت كل كل الفئات الاخرى. 


ولعل هذا الاصرار على مشاركتهم في اعداد الدستور إنما ينم عن نوايا واهداف معينة يريدون صياغتها في الدستور ليعبر عن اغلبيتهم البرلمانية ولا يعبر عن جموع المصريين، وهذا خطأ كبير؛ فالأغلبية متغيرة، واغلبية اليوم قد تكون اقلية الغد، ودستور اليوم يوضع لليوم والغد؛ أي لحاضر مصر ومستقبلها، لمسلمي مصر واقباطها، لعلماء مصر وعمالها، للصحفى والكاتب والقارئ، للمرأة والرجل، للطفل والشاب والهَرِم، للصعيدي والبحراوي، للنوبي والواحاتي، للدلتاوي والسيناوي، للصوفي والبهائي، و...... . 


ولا بد أن نعرف ويعرف الجميع أن عملية وضع الدستور تختلف كل الاختلاف عن توزيع السلع الاستهلاكية وأنابيب البوتاجاز، وتعريف الناخب برقمه في كشوف الانتخاب على اوراق دعاية للمرشحين، واللعب بورقة التكفير، وعمليات تجميل الانف، وفضيلة الاعتذار. اقول هذا وعلى الله اجعل امري.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع