كريم كمال يكتب: من انت يا انبا بيسنتي
اربعين يومًا مرت علي رحل الاب الاسقف القديس الناسك مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيسنتي اسقف حلوان والمعصرة والتبين و ١٥ مايو ورئيس دير القديس الانبا برسوم بالمعصرة هذا الحبر الذي سوف يظل علامة فارقة في تاريخ الكنيسة القبطية الارثوذكسية وفي تاريخ الوطن باعمال جليلة خالده سوف تظل شاهدة ان نيافته إنجيل معاش يكفي ان تنظر الي وجهة لتشاهد وجة المسيح الذي يمتلي بالمحبة والصفاء واشهد علي مدي اكثر من ثلاثة عقود لم اشاهد نيافته عابث الوجة ولو مره واحده فقد كان صاحب وجه مريح يجعلنا حاضرين في حاضرة السيد المسيح.
ولم يكون وجه نيافتة هو السمه الوحيده التي تجعلني اشعر بذلك بل ايضا النسك الشديد ففي وجود نيافة الانبا بيسنتي أجد نفسي في حاضرة راهب من القرون الاولي للمسيحية وتسائل هل هو انطونيوس اول الرهبان ام باخوميوس اب الشركة ام مقار الكبير ام شنوده رئيس المتوحدين وفي لحظة من التفكير السريع ونحن نصلي القداس مع نيافتة الذي يبدا في السادسة صباحا حيث كان يحرص نيافتة علي صلاة قداس كل يوم مثل القديس البابا كيرلس السادس ياتي لي احساس عميق اني في حاضرة اثناسيوس الرسولي أو كيرلس عمود الدين واسائل نفسي هو احد هولاء القديسين العظام ام مزيج من هولاء الاباء الاوليين القديسين.
في خشوع يقف نيافته امام المذبح ويتذكر اسماء أولاده الروحيين ومشاكلهم وطلبتهم دون ان ينسي احد لذلك كنت متحير من يكون ذلك الاسقف الذي كان ومازال انجيل معاش لاجيال كثيرة.
وينتهي القداس واجد نفسي امام القمص ميخائيل ابراهيم الجديد الذي يجلس ساعات طويلة ياخذ اعترافات اولاده ويدقق في كل شي صغيرًا او كبيرا واتذكر كيف كان حريص علي قرأتي اليومية للمزامير وحضور القداسات وغيرها من الصلوات فهو اب مدقق في الروحانيات والعبادات مع نفسة ومع ابناءه الروحيين وفي في لحظة سريعة اجد نفسي امام الانبا ابرام الجديد الذي يعطي كل من يسال ليس فقط الماديات ولكن كل شي من سؤال او نصيحة او المساعدة في توفير فرصة عمل او ابتسامة لانسان يحتاجها.
لم اعاصر ابونا القديس القمص بيشوي كامل ولكن عصرت روحة في الافتقاد مع نيافة الانبا بيسنتي الذي يفتقد كل يوم العديد من العائلات في حلوان وفي القاهرة وفي الاسكندرية ورغم عملية القلب المفتوح التي اجراها نيافتة في تسعينيات القرن الماضي ورغم نصائح الاطباء كان يطلع السلالم في مئات العمارات كل اسبوع اغلبها لا يوجد بيها أسانسيرت باحثا عن كل نفس في تحدي عجيب للظروف الصحية وعوامل السن الذي لا يستطيع اي انسان تحدي الا في وجود المعونة الالهية.
من انت يا انبا بيسنتي كيف كان قلبك ناصح البياض بهذا الشكل وكيف كنت تحتمل الإساءات دون ان ترد ولو بكلمة كنت استغرب جدا قوة التسامح التي التي بداخلك واتذكر كيف كنت تصلي لكل من يسيء إليك دون ان تنطق بكلمة وكنت دائما تقول لي الرب يدافع عنكم وانتم صامتون هذا ليس غريب ونيافتك تلميذ مخلص في مدرسة قديس عصرنا البابا شنوده الثالث الذي تعلمت منة فضائل كثيرا علمتها لكل اولادك في مصر وبلاد المهجر.
من انت يا انبا بيسنتي …انت الاسقف الذي ظل لا يملك سيارة انت الاسقف الذي كان لا يرحب بالهدايه انت الاسقف الوحيد الذي ظل اغلب ايام اسقفيتة بنفس العاصية انت الاسقف الذي لم تغلق بابك في وجة محتاج بل في وجة انسان انت الاسقف الذي برع في حمايه الايمان انت الاسقف الذي بناءً النفوس وايضا بناء الكاتدرائيات والكنائس انت الاسقف الذي احبه الملايين مسلمين ومسيحيين في مصر وفي كل الكرازة المرقسية انت الاسقف الذي اراد الله ان يكرمك في جنازة مهيبة اختارت العناية الالهية موعدها بدقة انت الاسقف الذي حضر الالاف من كل مكان لرويتك للمره الاخيرة لتكون ثاني اكبر جنازه تشهدها الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعد جنازه قديس العصر البابا شنوده الثالث ليكون تكريمك بقرار الهي يا رجل الله البار الذي تعلمنا وسوف نظل نتعلم منة الكثير والكثير.
من انت يا انبا بيسنتي …انت بستان الفضائل وهدية السماء لهذا الجيل المحظوظ انة عاصر اسقف قديس ومثال حي للراعي الصالح ممتلي من روح السبد المسيح وصورة منيرة للرهبنة القبطية ومثال يحتذي به في رتبة الاسقفية.
سوف اظل اتذكرك يا ابي القديس الي ان نلتقي وسوف اظل فخورا آني تتلمذت علي يديك الطاهرتين وعلي تعاليمك الارثوذكسية وعلي محبتك التي كانت بلا حدود ليس لي فقط ولكن لكل من يطرق بابك … اذكرنا يا ابي الاسقف القديس البار امام عرش النعمة.
اخيرا … اصلي من اعماق قلبي لنيافة الانبا ميخائيل ليكون خير خلف لخير سلف محافظا علي الارث الروحي والابوي والرعوي للعظيم في الأساقفة نيافة الانبا بيسنتي مفصلا كلمة الحق باستقامة، راعيا شعبك بطهارة وبر.