ياسر أيوب
لسنا كلنا شياطين وليسوا كلهم ملائكة.. وأقصد الإعلام هنا فى مصر وهناك فى أوروبا.. وكيف تعامل الإعلام الأوروبى مع بطولة العالم لألعاب القوى، التى ستبدأ غدًا فى العاصمة المجرية بودابست.. وفى مقابل الذين تحدثوا وكتبوا عن البطولة التاسعة عشرة التى يشارك فيها أكثر من 2000 لاعب ولاعبة يمثلون 202 دولة والصراع على الميداليات، وما هى الأرقام القياسية المرشحة للكسر فى مختلف السباقات؟.
كان هناك من توقفوا أمام 700 مليون دولار أنفقتها المجر لبناء مركز رياضى جديد على ضفاف الدانوب لاستضافة هذه البطولة.. وكان هناك أيضًا فريق ثالث أعلن الحرب على البطولة والمجر وفيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، أيضا لسبب غريب لا علاقة له بالبطولة والرياضة كلها.. ففى سنة 2010 عاد أوربان لتولى رئاسة الحكومة المجرية للمرة الثانية.
وبمجرد توليه السلطة أعلن رفضه الاعتراف بأى حقوق للشواذ والمثليين، وبدأ محاولات جادة لإصدار قوانين رسمية تمنع الاعتراف بأى حقوق لهم، لتعارض ذلك مع القيم والتعاليم المسيحية.. وفى 2020 رفضت حكومة أوربان بشكل قاطع الاعتراف بأى حقوق للمتحولين جنسيًا، مما أثار غضب كثيرين فى أوروبا.. وفى 2021 بدأ أوربان حربه ضد أى كتب وروايات وأفلام سينمائية وإعلانات تسهم فى الترويج لفكرة المثلية الجنسية.
فاعتبرته أوروبا عدوًا لحقوق الإنسان ورأته حليفًا للرئيس الروسى بوتين، الذى أعلن الحرب على الشواذ والمثليين.. وجاءت استضافة المجر لبطولة العالم لألعاب القوى كفرصة جديدة لإعلان الحرب على أوربان، بسبب إصراره على رفض المثلية والمتحولين جنسيًا.. وإذا كان من الطبيعى أن ينتقد البعض إنفاق المجر مبالغ طائلة لاستضافة بطولة رياضية فقط لمحاولة تحسين وتجميل صورة المجر.
فإن غير المفهوم كان انتقاد بطولة رياضية فى بلد لمجرد أن حكومة البلد ترفض المثلية.. ومثلما كانوا على صواب هؤلاء الذين قالوا إن استضافة البطولات الرياضية المكلفة ماليًا لا ينبغى أن تكون من أولويات أى دولة تعانى أزمات مالية واقتصادية.. فإنه لم يكن يليق ببعض هؤلاء الخلط الفاضح بين الوقائع الاقتصادية والقواعد الأخلاقية.
وكان هناك من أسعدهم اهتمام رئيس حكومة أوروبية بالرياضة بمثل هذا الحد مثلما كان هناك أيضًا من أغضبهم أن يصبح اهتمام أوربان بالرياضة مبررًا للإسراف فى الإنفاق على الرياضة من مال حكومى كان المجريون أولى به وهم يواجهون أزمات اقتصادية متتالية.. وهناك دراسة قديمة ورائعة قام بها كل من ديفيد جولدبلات ودان نولان فى 2019 عن أوربان وولعه بكرة القدم كنموذج يتكرر فى بلدان كثيرة عن إنفاق رياضى هائل هو فى حقيقته مجرد تجميل سياسى وإعلامى.
نقلا عن المصري اليوم