هاني لبيب
بثت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونًا بإحدى دُور العرض السينمائى البريطانية مؤخرًا فيلمًا مسيئًا موجهًا ليس فقط ضد مصر، ولكن ضد التاريخ والإنسانية أيضًا. الفيلم يتعرض لفض اعتصام رابعة المسلح الذى تم تنظيمه عقب ثورة 30 يونيو 2013، وظل مستمرًّا حتى فضه فى 14 أغسطس من العام نفسه.
وقد قامت الشركة المنتجة التى تم تأسيسها بتمويل من الجماعة الإرهابية بعمل ندوة نقاشية عقب عرض الفيلم شارك فيها أعضاء حاليون وسابقون من مجلس العموم البريطانى، وبعض الذين ادّعوا أنهم شهود عيان على فض الاعتصام المسلح، كما قامت بتسويق الفيلم شركة تعود ملكيتها إلى إنجليزى من أصل فلسطينى ومنتمٍ إلى الجماعة الإرهابية.
حاولت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية الترويج لفكرة أن الفيلم من إنتاج منظمات حقوقية لكى تضفى عليه نوعًا من المصداقية الافتراضية والحياد المفقود. ولذا حاولوا إخفاء مرجعية مَن أنتج الفيلم ومَن روج وسوق له.
تتخذ الجماعة الإرهابية ومُوالوها أساليب متعددة للترويج لأكاذيبهم وضلالاتهم، وفى سبيل ذلك يحرفون التاريخ، ويصدرون للعالم صورة المظلومية لتكون ستارًا على كل ما فعلوه من تخريب الممتلكات العامة وتدميرها، والترهيب والقتل.
تناست الجماعة وموالوها أن التاريخ الموثق يشهد أن ما يروجون له فى مثل هذا الفيلم وغيره هو من أكبر الأكاذيب فى تاريخ مصر الحديث لكونه تنطبق عليه كافة شروط «الفعل الإرهابى» ومواصفاته. ويكفى الرجوع إلى تلك الأيام التى اتخذت فيها الدولة المصرية كافة الإجراءات السلمية، بل فتحت الممرات السلمية الآمنة، التى واجهها الإخوان ليتاجروا بأتباعهم ويدفعوهم إلى التضحية بأرواحهم، وفى الوقت نفسه، لم يفعلوا ما طلبوه منهم.
تذكرت فى هذا السياق كتاب «رابعة.. النهضة.. كرداسة.. حكايات تُروى للمرة الأولى»، الذى صدر فى ديسمبر 2013 للصحفية الراحلة «زكية هداية»، المتخصصة فى ملف الإسلام السياسى، والتى سجلت فيه حكايات عاشتها فى اعتصام رابعة، وسردت فيه مشاهد أخرى لكل الذين خدعتهم الجماعة الإرهابية. يتضمن الكتاب فصولًا عن رابعة العدوية، وقيادات الجماعة ودورهم التحريضى، ويوميات الفض، وحالات تعذيب المواطنين، وكرداسة، وملحق صور خاصة.
وثق الكتاب لأيام الاعتصام وحكايات القادمين من الصعيد والدلتا لتحقيق وهم الخلافة المزعومة، التى دعا إليها تنظيم الإخوان الإرهابى. يؤكد الكتاب محاولات الجماعة تصوير اعتصام رابعة باعتباره دولة منفصلة عن مصر سواء بالتحفيز أو نشر الشائعات باستخدام الدين وتوظيفه لصالح مشروعهم الوهمى.
رحلت زكية هداية فى حادث سير سنة 2019، بعد أن تركت لنا شهادة حية.. وثّقت فيها لحكايات المُغيَّبين، وقود الإرهاب الصامت، كما وصفتهم.
نقطة ومن أول السطر..
إنتاج مثل هذه الأفلام هو نوع من الإفلاس الفكرى، بعد أن فقدت جماعة الإخوان الإرهابية مصداقيتها ومكانتها، وظهرت أكاذيبها وأهدافها غير المعلنة، وبعد أن فقدت فاعليتها المركزية مع أعضائها.
ادعاء المظلومية.. فى الكثير من الأحيان هو نوع الإدانة غير المباشرة لكل مَن ينتهج العنف والإرهاب طريقًا وسبيلًا.
نقلا عن المصري اليوم