الكاهن الذي ظهرت السيدة العذراء في عهده في كنيسة العذراء بالزيتون ومن الرعيل الأول في خدمة مدارس الأحد
(1898- 1982 )
إعداد / ماجد كامل
يعتبر القمص قسطنين موسي (1898 -1982 ) واحدا من أهم رواد الجيل الأول في مدارس الأحد والكلية الإكليركية ؛ فلقد شغل منصب مسجل الكلية الإكليركية لفترة طويلة ؛ أما عن القمص قسطنطين موسي نفسه ؛فلقد ولد القمص قسطنطين موسي في عام 1898 ؛ولقد ذكر ذات مرة في ـاحدي الحوارات الصحفية معه أن راهبا تقيا من دير السيدة العذراء المحرق يدعي "القمص حسب الله عبد الثالوث " قد زار مرة منزل الأسرة وكانت والدته حامل فيه ؛فقال لها الراهب "يا هيلانة في بطنك قسطنين ؛وسسوف يصير قسيسا ". ولقد كان والده دائم التردد علي القديس العظيم الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والجيزة ( 1829 –1914) وفي خلال عام 1909 قام الوالد باصحطاب الصبي قسطنين وكان سنه في ذلك الوقت حوالي 11 سنة ؛وما أن رأه القديس الأنبا ـابرآم حتي سر به وقبله في جبينه وبارك نذره للكهنوت ؛ثم صلي له صلاة طويلة فوق رأسه قال عنها القمص قسطنين " أنا لا زلت اشعر بيده فوق رأسي كأنما حدث هذا الآن " . ولتحقيق نذره ليصير كاهنا ؛التحق الصبي قسطنطين بالكلية الإكليركية وتخرج فيها عام 1920 ؛؛فعين مدرسا للدين بمدرسة الأقباط الكبري خلال الفترة من (1920- 1929 ) ويروي لنا القمص قسطنين أنه ذات مرة اصطحب أطفال المدرسة الي الكنيسة المرقسية بكلوت بك لحضور صلاة القداس الإلهي ؛ وبسبب كثرة عدد الأطفال حدث نوع من الضوضاء داخل الكنيسة حتي وصل صوت الضوضاء الي قلاية البابا يؤانس التاسع عشر ( 1929- 1942 ) فنزل البابا من قلايته إلي صحن الكنيسة وقال لقسطنين أفندي "علمهم أزاي يدخلوا بيت ربنا في هدوء " وكان تلك النصيحة بمثابة درس عظيم لأبونا قسطنين حتي |أنه حرص طوال عمره علي ضرورة الهدوء التام ومنع الكلام نهائيا أو الضوضاء نهائيا أثناء صلوات القداس الإلهي .
وخلال عام 1927 ؛ أعيد تشكيل الجنة العامة لمدارس الأحد للمرة الثانية (كانت المرة الأولي خلال عام 1918 ) فتكونت من مجموعة من الآباء الكهنة و الخدام العلمانين ؛وكان قسسطنطين أفندي موسي واحدا من هؤلاء الخدام العلمانيين . وجاء بيان تشكليها علي النحو التالي :-
1- كامل بك إبراهيم رئيس اللجنة العامة . رئيس الجنة العامة .
2- حبيب جرجس مدير المدرسة الاكليركية نائب الرئيس .
3-كامل بك جرجس أمين الصندوق .
4- قسطنطين أفندي موسي مساعد أمين الصندوق.
5- جورجي بك إبراهيم سكرتير اللجنة .
6- القمص إبراهيم عطية عضو .
7- القمص بطرس عطا الله الجوهري عضو .
8- القمص غبريال اسحق عضو.
9- القمص بطرس جرجس عضو.
10- تكلا رزق عضو .
11- لبيب العسال عضو.
12- فوزي جرجس عضو.
13- سعد ميخائيل عضو .
14- رياض حبيب عضو.
15- هنري إبراهيم عضو.
16- زكي فرج الله عضو.
17- الدكتور جندي واصف عضو.
18- الدكتور وليم الخولي عضو .
ولقد كانت مهمة قسطنين أفندي هي الاتصال بين جميع فروع مدارس الأحد ؛فكان يعد البرامج ويرسل صور الدروس ويراقب ويتابع التنفيذ . كما شارك مع القمص إبراهيم لوقا في تأسيس جماعة الاصلاح الديني ؛حيث قامت باصدار منشور بابوي وقع عليه قداسة البابا كيرلس الخامس بضرورة مراعاة آداب الحشمة في الملابس داخل الكنائس ؛ وآداب حضور الكنيسة .
وفي عام 1929 ؛أختاره الارشيدياكون حبيب جرجس ( 1876 -1951 ) ليكون ضابط ومسجل الكلية الإكليركية ؛فكان يقوم بالاشراف علي الطلبة المقيمين بالمبني الداخلي للاكليركية ؛كما أختيير ليكون مراقبا ومشرفا لمنازل الطلبة الغرباء اشرافا روحيا واجتماعيا .
كما كان عضوا في لجنة وضع مناهج الدين المسيحي في المدارس الثانوية ؛ ففي 31 ديسمبر 1934 أرسل البابا يؤانس التاسع عشر خطابا الي الاستاذ أحمد نجيب الهلالي وزير المعارف العمومية في ذلكالوقت يطالبه فيه بتدريس الدين المسيحي في المدارس الأميرية ؛وبعد موافقة السيد الوزير كون البابا يؤانس التاسع عشر لجنة لإعداد المناهج الجديد اوضع هذه المناهج ؛ولقد تكونت اللجنة من السادة الآتي أسمائهم :-
1- البابا يؤانس التاسع عشر رئيسا
2- كامل بك إبراهيم الرئيس العام .
3- حبيب جرجس سكرتير عام .
4- فوزي أفندي جرجس نائب رئيس .
5- جورجي بك إبراهيم سكرتير .
6- بشارة بسطوروس عضو .
7-القمص جرجس بطرس عضو .
8- قسطنين أفندي موسي عضوا .
9- القمص بطرس الجوهري عضوا .
10- القمص غبريال أسحق عضوا .
11- القمص إبراهيم عطية عضوا .
12- الأستاذ زكي أفندي فرج الله عضوا .
13- رياض أفندي حبيب عضوا .
14- سعد أفندي ميخائيل عضوا .
وفي عام 1938 ؛قدم طلبة الكلية الاكليركية وأعضاء المجلس الاكليركي وأعضاء المجلس الملي العام تزكية الي قداسة البابا يؤانس التاسع عشر رسامته كاهنا علي الكليةالاكليركية بمهمشة ؛وبالفعل تمت الرسامة علي يد الأنبا ياكوبس مطران القدس في 22 مايو 1938 ؛ وفي عام 1948 بدأت خدمته المباركة في كنيسة السيدة العذراء بالزيتون وتحديدا ليلة عيد الميلاد المجيد حيث كلفه قداسة البابا يوساب الثاني بقراءة رسالة عيد الميلاد المجيد في كنيسة الزيتون ؛ فاعجب به شعب كنيسة الزيتون وجمعوا تزكيات لبدء خدمته في كنسسة العذراء بالزيتون ؛فوافق البابا علي هذا الأمر وأصدر قرارا بنقله الي كنيسة العذراء بالزيتون ليبدأ خدمته المباركة في هذه الكنيسة الصغيرة ؛فداوم علي خدمة أخوة الرب ؛فكان يعطي كل – في الخفاء-نقودا جديدة ؛وداوم علي زيارة الأسر ؛وحصر السكان المسيحين ؛وأعد استمارات لهذاالغرض ؛كما صمم شهادات للعماد وتسجيلها في سجل خاص بالكنيسة ؛وأهتم بتوجيه أتظار السيدات والفتيات الي ضرورة مراعاة آداب الحشمة داخل الكنيسة . كما شارك في تأسيس مستشفي الأقباط بحي الزيتون .
وبالرغم من مشغولياته الكثيرة في كنيسة الزيتون ؛لم تنقطع صلته بمدارس الأحد ؛فقد اصدر قداسة البابا كيرلس السادس قرارا بابويا بتاريخ 12 اغسطس 1961 بتشكيل اللجنة العليا للتربية الكنسية ومدارس الأحد علي النحو التالي :-
1- القمص ابراهيم عطية :- رئيسا وعضوية كل من القمص انطون عبد الملك والقمص قسطنين موسي والقمص بطرس سيفين والقمص صليب سوريال والقمص مكاري السرياني ؛ومن الأبناء المباركين الدكتور وهيب عطا الله (سكرتيرا) والاستاذ عياد عياد وتكلا رزق وتوفيق ابراهيم وفوزي جرجس وولويس زكري .
وفي عهده وتحديدا في 2 أبريل 1968 ؛حدثت أكبر واهم ظاهرة روحية في القرن العشرين كله ؛إلا وهي تجلي السيدة العذراء فوق قباب كنيسة الزيتون ؛ فكان قدسه من أوائل الكهنة الذين عاينوا الظهور بنفسهم .
ولقد تعرض أبونا قسطنين لتجربة قاسية في عام 1969 ؛ إذ أتهم من بعض أعضاء لجنة الكنيسة في ذمته المالية ظلما ؛ولما وصل الأمر إلي قداسة البابا كيرلس السادس ؛أستدعاه وطيب خاطره وقال له "معلش تعال صلي معايا – في البطرخانة – يا أبونا قسطنين " . فكان يقوم في الخامسة صباحا ؛في عز برد الشتاء ؛والظلام باق ؛ليركب قطار كوبري الليمون ؛ويلحق بالقداس في الكنيسة المرقسية بكلوت بك .
ولقد أرتبطت حياة أبونا قسطنين بالسيدة العذراء ارتباطا كبيرا جدا ؛ فذكر عنه قداسة البابا شنودة الثالث – نيح الله نفسه في فردوس النعيم – في أحدي احتفالات عيد ظهور العذراء بالزيتون حيث قال " أبونا قسطنسين مطرح ما يروح تظهر الست العدرا .... أبونا قسطنين صلي في كنيسة قصرية الريحان ؛فظهر نور العذراء في الكنيسة " . وتفصيل ذلك أن القمص متياس السرياني (نيافة الحبر الجليل الأنبا رويس حاليا ) قد دعا ـابونا قسطنين ليصلي صلاة العشية ليلة عيد صعود جسد العذراء قي 21 أغسطس 1969 بكنيسة قصرية الريحان ؛وبعد أنتهاء دورة أيقونة العذراء ؛وتـأهب الشعب للانصراف ؛أمتلأ الهيكل بنور عجيب ؛فهتف المصلون قائلين "العدرا ظهرت عندنا ؛لما ‘أبونا قسطنين صلي في كنيستنا " . ولقد روي لي قدسه شخصيا عن ذكرياته مع السيدة العذراء أنه أصيب أثناء طفولته المبكرة بمرض الطاعون الأمر الذي أدي إلي وفاة عدد من أفراد العائلة عنده ؛ وحث أثناء مرضه وكانت العائلة مجتمعة تصلي حول أيقونة مدشنة للسيدة العذراء تحتفظ بها الأسرة في منزلها ؛أن خرج طيف العذراء من الصورة ولف حول جميع الحاضرين المجتعين للصلاة ؛ ثم عاد مرة أخري إلي الأيقونة ؛ وكان هذا بداية شفاءه من مرض الطاعون .
وكان باكورة قرارات البابا شنودة الثالث فور اعتلائه السدة المرقسية ؛هو أن أصدر قرارا بعودة أبونا قسطنين فورا الي خدمته في الزيتون (ولي ذكري شخصية في هذا اليوم إذ توجهت مع والدي الي منزله الكائن بشارع طومانباي لتهنئته بصدور قرار عودته إلي كنيسة الزيتون ؛ وكنت مازلت صبيا في نحو الحادية عشر من العمر ؛ وبمجرد أن رأني أبونا قسطنطين ؛ حتي بادرني بقوله "تعال ابوسك ياحبيي " ؛الأمر الذي أصابني بفرحة غامرة وبركة كبيرة مازلت أشعر بها حتي الآن ) .
ولقد أستمرت خدمة أبونا قسطنطين المباركة في الزيتون خلال حقبة السبعينات ؛وقبل نياحته بثلاثة أسابيع ؛أستدعي الشماس عياد إبراهيم (القمص قسطنطين إبراهيم كاهن كنيسة مارجرجس فم الخليج حاليا ) ؛وقال له "الأثنين الأخير من الشهر سوف يكون عيد العذراء حالة الحديد ...... جهز كل شيء قبل الأثنين الأخير" ففهم الشماس المبارك ما يقصده أبونا قسطنين بالضبط ؛ وبالفعل في يوم الأثنين 28 يونية 1982 تنيح أبونا قسطنين في شيخوخة صالحة عن عمر يناهز 84 عاما تقريبا ( من ذكرياتي الشخصية عن هذا اليوم الحزين أنه فور أن أعلن الكاهن خبر نياحة أبونا قسطنين في الكنيسة ؛ أنقطع النور عن منطقة الزيتون بالكامل لمدة نصف ساعة تقريبا ) ؛ وفي صباح يوم الثلاثاء الوافق 29 يونية 1982 ؛ قام نيافة الحبر الجليل الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي الراحل ( 1919 – 2001 ) بالاشتراك مع نيافة الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف الراحل ( 1923- 2000 ) .ولقد تشرفت بحضور صلاة الجنازة ورأيت دموع شعب الزيتون تبكي راعيها الحبيب ؛ وما زلت أذكر أن أفتتاحية كلمة التعزية التي ألقاها المتنيح الأنبا غريغوريوس كانت "يقول يشوع بن سيراخ " البار يطيب نفسا في أواخره وعند موته يجد حظوة " (يشوع بن سيراخ 1 :13 ) ثم علق بعدها قائلا لم يكن الإيغومينس قسطنين موسي مجرد بار بهذا المعني ؛ ولكنه كان آب للأبرار ؛ فالأبرار هم أبناءه من الكهنة " كما قال أيضا في نفس كلمة التعزية " لا تحزنوا فاليوم يوم عيد بالنسة له ؛ ولقد نال اليوم ترقية كبري " . مما كان لكلمات نيافته أبلغ الأثر في تعزيتنا جميعا . ؛ ودفن جسده الطاهر في مدفن خاص تحت مذبح كنيسة السيدة العذراء الظهور بالزيتون .
أخيرا :- بعض الذكريات الشخصية مع كاتب هذه السطور :-
الحقيقة أن ذكرياتي الشخصية مع أبونا قسطنطين تستحق أن يفرد لها مقال كامل مستقل ؛ فهو أول كاهن تقع عليه عيني ؛ فأنا من مواليد الزيتون ومنذ طفولتي وأنا أشاهد أبونا قسطنطين بملابس الخدمة البيضاء وهو يصلي القداس في الكنيسة الصغيرة التي تباركت بأكبر وأهم ظاهرة روحية حدثت في القرن العشرين ( ظهور السيدة العذراء فوق قبابها في عام 1968 ) . ولقد عرفت من والدتي – نيح الله نفسها في فردوس النعيم – أنه هو الكاهن الذي أتم عقد زواجها مع الوالد ؛ وعندما ذكرته الوالدة بهذه الحقيقة قال لها " ما دام أنا اللي جوزتكم ؛ يبقي أنا الكاهن المسئول عنكم " . كما كان هو الكاهن الذي قام بتعميدي في الكنيسة الصغيرة المحببة جدا إلي قلبي ؛ ولهذا السبب كان أبونا قسطنطين يفاجئنا بالزيارة والسؤال عنا في منزلنا المتواضع بالزيتون ؛ وعندما صارحته الوالدة أنها لا تستطيع أن تفهم القداس الإلهي نظرا لوجود عبارات كثيرة باللغة القبطية فيه ؛ نصحها أن تقتني الخولاجي المقدس من مكتبة المحبة ؛ وأن تتابع الصلوات فيه مع الأب الكاهن والشعب ؛ وتذكر الوالدة أنها أستفادت فعلا من هذه النصيحة وبدأت تشعر بجمال القداس القبطي وروحانيته . ومن ذكريات الطفولة أيضا كانت الوالدة تقول لي " بلاش تعمل دوشة في القداس علشان أبونا ما ييشخطش فيك " وبعدها علي طول انتهر أبونا سيدة كانت تتكلم بصوت عالي أثناء القداس وقال لها " بلاش تتكلمي بصوت عال في الكنيسة يا ستي أحنا واقفين قدام ربنا " فقالت لي ماما بعدها "شفت بقي أقعد ساكت أحسن يزعق لك أنت كمان " . وأذكر أيضا أن الوالدة سألته ذات يوم :- " ليه يا أبونا قطعتم الشجر اللي كانت بتظهر العدرا عليه ؟ " فرد وقال برنة حزن وأسي " معلش بقي ربنا يسامح الجميع ؛ ده الشجر ده أنا اللي كنت برويه بنفسي كل يوم الصبح " . وذات مرة أخري سألته " صحيح يا أبونا فيه كنيسة اتحرقت ؟ " فرد بألم وقال " نعم كنيسة السيدة العذراء قصرية الريحان ....... كنيسة أثرية لا تقدر بمال " . وفي مرة أخري سألته " هو صحيح يا أبونا العدرا ظهرت لك وكلمتك شخصيا ؟ " فرد وقال " لا ما حصلش هي ما كلمتش حد خالص ؛ ولكن الظهور العلني للملايين لمدة أكثر من سنتين ده أقوي من أي كلام أو رسالة " . ولقد كنت في طفولتي وصباي أعاني من انحناء خفيف في الظهر ( ما يعرف بالقتب ) ؛ فكان يقول لي دائما "أفرد ظهرك وأنت ماشي ؛ وإلا ها يبقي ظهرك محني علي طول كده زيي أنا الرجل العجوز !!" .
وعندما نضجت قليلا ؛ طلبت منه الاعتراف علي يده ؛ فقال لي أهلا سهلا إذا لم تجدني في الكنيسة ممكن تعدي علي في البيت ( كان يسكن في فيلا صغيرة في شارع طومانباي بالقرب من الكنيسة ) . ( من الذكريات الطريفة عن أول مرة زرته فيها أني مررت علي الكنيسة أولا أسال عنه ؛ فقالوا لي أبونا في البيت ؛ فسألت البيت رقم كام طيب ؟ ؛ قالوا لي كذا ؛ وعندما وصلت فوجئت بأن المكان ظلام دامس بحيث لم أتمكن من رؤية أرقام البيوت جيدا ؛ وفجأة لمحت سيدتين يبدو عليهن علامات الطيبة وكبر السن و الوقار ؛ فتوجهت إليهن بالسؤال عن بيت أبونا قسطنطين ؛ وإذا بهن يصرخن في فزع ظنا منهن أن أحد يريد أن يسرقهم أو شيء من هذا القبيل ؛ ولعل هذا يكشف عن حجم التغير الديموجرافي الذي حدث في منطقة الزيتون ) . ولقد كنت أتردد عليه ما بين الكنيسة والبيت ؛ وكان دائما ما يفتح لي باب البيت نجله المهندس نبيل ( حاليا هو مهندس مهاجر في الولايات المتحدة ) وبعد هجرة المهندس نبيل ؛ كانت تفتح لي الباب حفيدته مني (إذا ما أسعفتني الذاكرة بالأسم ) أبنة السيدة الفاضلة مدام رجاء أبنته الوحيدة ؛ ولقد كانوا دائما ما يقابلوني بالبشاسة والترحيب ؛ أما أبونا قسطنطين؛ فكان يرحب بي جدا بالرغم من أني أقتحمت منزله الخاص ؛ ولكنه لم يكن يتأخر عن الخدمة أبدا ؛ وكان يرحب دائما بأسئلتي ومناقشاتي التي قد تكون تافهة أو سخيفة بالنسبة لسني في ذلك الوقت ؛ لكنه أبدا لم أراه ضاجرا أو متبرما ؛ وأذكر أنه قال لي ذات مرة ( أنا مبسوط منك علشان أبتديت تقرا وتسأل وتناقش ؛ وكان يقول لي ها أخرج ما في جعبتك من مزيد من الأسئلة ) . وفي ذات مرة قلت له " جدتي يا أبونا مش قادرة تنزل تروح الكنيسة علشان تتناول " ففوجئت به يقول لي وهو الشيخ المسن علي أبواب الثمانين " أتفق معايا علي يوم ؛أجيب معايا الذخيرة وأجي أناولها في البيت " . وأذكر أني سألته ذات مرة عن شائعة كانت تترد في بداية الثمانيتات عن محاولة لحرق كنيسة الزيتون ؛ فسألته " هو صحيح يا أبونا الكنيسة تعرضت للحرق ؟ " فرد وقال في حسم " لا يا أبني ما حصلش ؛ دي شائعات قبطية " .
وأذكر جيدا آخر مرة أعترفت فيها علي يديه كانت بتاريخ 25 نوفمبر 1981 ؛ وأهمية هذا التاريخ تكمن أنه في نفس اليوم صدر قرار بالعفو عن بعض المسجونيين السياسين الذين قبضوا عليهم في أحداث سبتمبر 1981 ؛ وأذكر أنه قال لي "إن شاء الله سوف يفرجون عن البابا شنودة قريبا مثلما أفرجوا عن المسجونيين السياسين " وهو ما تحقق بالفعل في نهاية عام 1984 .
والجدير بالذكر أني كلفت بعمل بحث عن خدمة أخوة الرب في كنيسة العذراء بالزيتون ( كمشروع تخرج من كلية الآداب قسم الاجتماع بجامعة عين شمس ) ؛ فذكرت لي جميع الحالات التي بحثتها أنها كانت تأخذ معونة شهرية ثابتة من أبونا قسطنطين ؛ وفي يوم نياحته انقطع النور عن المنطقة بالكامل ( كما ذكرت سابقا ) ؛ وأذكر أن المتنيح الأنبا غريغوريوس هو الذي صلي صلاة الجناز مع المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف ؛ وفي ذكري الأربعين صلي القداس صباحا المتنيح الأنبا رويس مع نيافة الحبر الجليل الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة حاليا ؛ اما صلاة جناز الأربعين في المساء ؛ فلقد صلاها نيافة الأنبا غريغوريوس بالاشتراك مع نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي أسقف عام الشباب ( أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية ) . أما قداس الذكري السنوية الأولي ؛ فلقد صلاه نيافة الأنبا غريغوريوس في كنيسة الظهور .
مراجع مختارة للمقال :-
1- القمص قسطنين موسي إعداد مجدي لبيب
2- المدرسة الاكليركية بين الماضي والحاضر حبيب جرجس 1939 .
3- أبرار معاضرون سير عشرة من الأبرار المعاصرين ؛ميخائيل مكسي إسكندر ؛كنيسة السيدة العذراء بالدقي ؛بدون شنة نشر ؛الصفحات من 138 -145 .
5- حبيب جرجس – البناء الأعظم ؛تأليف نشأت زقلمة .مكتبة المحبة .
6- ذكريات شخصية من كاتب هذه السطور .