( بقلم / أشرف ونيس شلبى )
للانسان حس اخلاقى به يميز بين الخير والشر ، بين الغث و الثمين - الضمير - ولا يمكن تحقيق العدل فى الارض ما لم يتصرف الانسان بموجب هذا الضمير ، فالقوانين ثبت فشلها الذريع فى تهذيب اخلاقيات الانسان على مدار التاريخ البشرى ، فتفعيل القانون قابله الالتفاف حول ذلك القانون من خلال ما يسمى ب ثغرات فى القانون ، و صرامة الحكام قد قابله فساد تابعيه ، و مريد العدل فى البلاد قابله الخيانة فى كثير من الاحيان ........ .
فكم من أناس تحينوا فرصة أفول ذلك القانون حتى انقضوا على الابرياء انقضاض الوحوش لفرائسها ، و كم من بشر هم كانوا المثل الاعلى و الصفوة فى أعين غيرهم لكنهم تربصبوا منتهزون سقوط هذا القانون و القائمون عليه حتى تمرغوا فى طين الحمأة كتمرغ الحيوانات من بين الادنى بينهم ، فكم من دساتير نُصَّت و كم من قوانين كانت وليدة تلك الدساتير ، و على قدر عددها على قدر عدد الحروب و ما خلفتها من هدم للبشر قبل الحجر ؛ ان لم تكن اكبر عددا و هولا و تأثيرا !!!!
فلم تجدى القوانين نفعا بالإنسان بل كانت بمثابة قمع لغرائزهم المتوحشة ، كما انها لم تقتص من الشر الدفين بقلوب أصحابها بل كان اقتصاصها هو لما يعكسه ذلك الشر من أفعال متردية يندى لها جبين الشرفاء من سفكا و اغتصابا و قتلا ، و عندما سقطت الانظمة الحاضنة لتلك القوانين أحتضن الانسان جرمه كما يحتضن المرء وليده ، فكان الدمار و الهلاك و من ثم التخلف !
فكل محاولة لابرياء البشر من بدر بذار الخير و العدل من خلال فرض القانون كانت تبوء بالفشل ، وكل تجارب المصلحين على مر عصورهم من اجتثاث جذور الظلم والظلام من أنفس قاطنيها عادت و هى تجر ورائها اذيال الخيبة الهزيمة ، و هكذا ظل التاريخ الإنساني على مر أزمانه يحلم بالمدينة الفاضلة لكنه اصتدم بالامور التى تزداد من سئ الى اسوأ ، واكتشف ان حلمه فى انشاء مملكة سماوية على الارض من خلال قوانين وضعية من صنع الانسان هو حلم بعيد بل مستحيل المنال .....
و لذلك فإن ما لم يبدأ الانسان من نفسه حاكما و مسيطرا لافعاله فى اطار ضميره ، مستعينا بذلك الى قوة روحية اعلى من قدراته البشرية توقظ و تحفز فيه ذلك الضمير ، فهيهات له من تحقيق و انتشار العدل فى كافة ربوع الارض .