الاقباط مائة وخمسة عشر عاما من العزلة
سليمان شفيق
٢٠:
١٠
م +02:00 EET
الثلاثاء ٣٠ اغسطس ٢٠١٦
الاقباط رعايا الكنيسة وليسوا مواطنين
بقلم - سليمان شفيق
موافقة الكنيسة ومجلس النواب علي قانون بناء الكنائس ان دل علي شئ فهو يدل على أن الاكليروس والنخبة المدنية وافقت ضمناً على تديين القضية وعلي ان الاقباط رعايا الكنيسة . إذا أضفنا إلى ذلك «الحلول العرفية» فهذا يعنى أننا نعود إلى ما قبل الدولة. أما أن تعتمد النخبة المدنية على «بيت العائلة» فهذا يعنى أننا نعود لما قبل الدولة الحديثة! ولا أحد يهتم بأن الدولة تتفكك والأمة تتحلل، والسنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك شهدت انتهاء العمر الافتراضى لعوامل الاندماج القومى، ونحن ما زلنا نتحدث خطاباً قديماً عن توصيات العطيفى أو لجنة العدالة الوطنية .. إلخ، وما حدث من أقصاء الاكليروس للعلمانيين والمجلس الملي من الحوار او اقرار قانون بناء الكنائس ..مؤشرات تنبئ بأنابة الكنيسة عن الاقباط وتطبيق حقيقي للدستور الذي يري ان مصر دولة "تحكمها حكومة مدنية وليست دولة مدنية ".
. منذ أكثر من ثلاثين عاماً أتابع قضايا المواطنين المصريين الأقباط، تارة كصحفى وأخرى كباحث، ولاحظت أن لا أحد ينظر إلى تلك القضية من منظور أزمة الدولة المدنية الحديثة، ولم يلحظ أحد أن أول تجليات الأزمة كان عام 1910 «المؤتمر القبطى» ومن 1910 وحتى «أحداث العمرانية» 2010 مضى قرن من الزمان، وتبوأ الحكم فى مصر أربعة ملوك (عباس حلمى، حسين كامل، فؤاد، فاروق) وثلاثة رؤساء (عبدالناصر، السادات، مبارك). شهد هذا القرن (65) حكومة، (42) فى العصر الليبرالى منذ حكومة بطرس غالى باشا 1910 وحتى حكومة على ماهر باشا 1952 بتكليف من الملك فاروق، و(7) حكومات فى عهد ناصر، و(7) فى عهد السادات، و(9) حكومات فى عهد مبارك، كل ذلك والمشكلة الطائفية قائمة بشكل أو بآخر. فى العصر المسمى الليبرالى، وفى فبراير 1934، فى حكومة اسماعيل صدقي باشا أصدر العزبى باشا وكيل وزارة الداخلية الشروط العشرة لبناء الكنائس التى سببت 76% من الأحداث الطائفية. ارتبط ذلك بإسقاط دستور 1923 وإعلان دستور صدقى 1930 وظهور جماعة الإخوان المسلمين وتحالفها مع صدقى..
بل وفى ظل زخم زعامة النحاس للأمة تم «تجريس» حزب الوفد فى الأربعينيات من القرن الماضى على أنه «حزب نصرانى». أسس لهذه الحملة أيضاً الإخوان المسلمون، وللأسف شارك فيها كتاب كبار مثل العقاد، والأخطر أنه فى ظل حكومة الوفد 1950 لأول مرة بعد ثورة 1919 تم حرق كنيستين إحداهما فى السويس والأخرى بالزقازيق وسقط قتيلان من الأقباط.
ومن العصر الليبرالى إلى العصر الناصرى، لم تشهد المرحلة أى اعتداءات على أقباط أو على الكنائس، ولكن تم إضافة خانة الديانة للبطاقة الشخصية، الأمر الذى انسحب إلى العديد من الوثائق الأخرى، كما تم حرمان الأقباط من الوظائف العليا فى بعض أجهزة الدولة مثل المخابرات العامة.. ناهيك عن تحويل جامعة الأزهر من جامعة دينية إلى جامعة مدنية يقتصر القبول فيها على المواطنين المسلمين رغم أنها تمول من أموال المصريين مسلمين وأقباطاً. ثم جاء مشروع السادات بالتحالف مع الإخوان لضرب الناصريين والماركسيين..
وانتقلت ظاهرة الإخوان المسلمين والتديين من خارج النظام السياسى إلى داخله، وتسللت إلى قمته.. وعبر الانفتاح الاقتصادى ضرب السادات الأساس الاجتماعى للمشروع الناصرى، وبدأت البطالة تطل برأسها، وبدأ تهميش الصعيد، مما مهد الطريق اجتماعياً للإرهاب، فى عصر مبارك، خاصة العشر سنوات الأخيرة. لم تعد الدولة مدنية ولا حديثة، بل صارت دولة مملوكية (ظهر مشروع التوريث). وعكس ما يتصور الجميع كانت هذه المرحلة هى العصر الذهبى للإخوان، حيث تم تمكينهم اقتصادياً (السيطرة على 55% من تجارة العملة، وبلغت عمليات المضاربة وغسيل الأموال أقصى مدى. وعلى الصعيد السياسى وافق الإخوان على التوريث مقابل التمكين فى مجلس الشعب، إضافة إلى التمكين الدولى وتأسيس التحالف الإخوانى الأمريكى!!
واصرت الانظمة فيما بعد ثورة 25 يناير علي اعتبار الاقباط رعايا ينوب عنهم الكنيسة وليسوا مواطنين ،
ورغم الدورالكبير الذي لعبة المواطنين المصريين الاقباط في ثورة 30 يونيو ، الاان الحكم لم تتغير رؤيتة قيد أنملة في النظر الي الاقباط علي انهم رعايا الكنيسة (علانية كان رئيس مجلس النواب يرد علي اي ملاحظات للنواب علي القانون بالقول "لا استطيع التغيير القانون موافق علية الثلاثة كنائس" ) اي ان الكنيسة غرفة تشريعية أعلي من البرلمان !!
نعم كسب الاكليروس مباني وخسر الاقباط المواطنة ، لست ادري هل قدر مصر الا تنتقل للحداثة ؟
ستة ثورات : (1804 ثورة عمر مكرم ضد الوالي العثماني خورشيد ـ 1882 الثورة العرابية ـ 1919ـ 1952ـ 2011و 30 يونيو ) وعشرة دساتير ، ولم تكتمل لنا ثورة ولم يستمر لنا دستور ، ولم تسقط الرؤية الذمية للاقباط رغم اسقاط سعيد باشا للجزية منذ 1856، وتنتقل هذة الرؤية من العهد العمري للخط الهمايوني للشروط العشرة واخيرا القانون الاخير لبناء الكنائس ،أربعة ملوك (عباس حلمى، حسين كامل، فؤاد، فاروق) وخمسة رؤساء (عبدالناصر، السادات، مبارك مرسي السيسي). شهدنا (72حكومة) (42) فى العصر الليبرالى منذ حكومة بطرس غالى باشا 1910 وحتى حكومة على ماهر باشا 1952 بتكليف من الملك فاروق، و(7) حكومات فى عهد ناصر، و(7) فى عهد السادات، و(9) حكومات فى عهد مبارك،و(7)من 25 يناير وحتي الان .. كل ذلك والمشكلة الطائفية قائمة .. والعنف الطائفي يتطور.. " وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا"
ربي لا اسألك رد القضاء بل اسألك اللطف فيه.