CET 08:52:41 - 24/04/2009

مقالات مختارة

بقلم: أسامة أنور عكاشة

نعرف أن حماس هو الاسم الحركي‮ ‬او المختصر لحركة المقاومة الاسلامية‮ "‬ح‮. ‬م‮. ‬أ‮. ‬س‮" ‬ونعرف أنها الجناح الأكثر تشددا وإصرارا في‮ ‬الحركة الفلسطينية عموما،‮ ‬بينما‮ ‬يميل الجناح الآخر المتمثل في‮ ‬حركة فتح‮ "‬حركة تحرير فلسطين‮" ‬اذا رتبت الحروف الأولي‮ ‬من اسم الحركة بعكس ترتيب الكلمات فسيكون‮ "‬فتح‮".‬
ربما اعترض القراء الأعزاء علي ما‮ ‬يبدو أنه استعراض معلومات معروفة للكافة ومنذ البدايات وأنه لا داعي‮ ‬لتحصيل الحاصل وتكرار المعلومات القديمة‮.‬
عفواً‮.. ‬فهدفي‮ ‬من هذه المقدمة أن أعلن للجميع أنني‮ ‬لا أعني‮ ‬بكلمة الحماس هنا حركة حماس الفلسطينية،‮ ‬لأنني‮ ‬في‮ ‬الواقع لا أقصدها بالمرة وإنما أتحدث عن الحماس بالمعني المطلق‮..
‬المعني الذي‮ ‬يفيد الانفعال النشط تجاه أي‮ ‬موضوع أو الانحياز لشخص او عقيدة او مكان‮.. ‬إلخ،‮ ‬وأعترف انني‮ ‬اخترت كلمة الحماس لأنني‮ ‬لم اجد مفردة اخري تعبر عن الحالة التي‮ ‬اردت أن اصف بها الرأي‮ ‬الذي‮ ‬أبداه العزيز بلال فضل في‮ ‬زاويته اليومية بصحيفة المصري‮ ‬اليوم‮! ‬وقبل ان أناقش في‮ ‬رأيه أريد أن اكرر معلومة اخري‮ ‬يعرفها الجميع عن بلال فضل ذلك الشاب الاستثنائي‮ ‬الذي‮ ‬اطل علينا منذ سنوات قليلة‮ - ‬ربما كان وقت بدايته لم‮ ‬يكد‮ ‬يبلغ‮ ‬التسعة عشر عاما وكانت إطلالته اشبه بالانفجار‮ - ‬انفجار موهبة حقيقية متعددة الجوانب وتنبئ بميلاد كاتب‮ ‬يشتعل حماسا في‮ ‬كل ما‮ ‬يكتب ويتألق صدقاً‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬مجال‮ ‬يقتحمه قلما نعود الي حكاية الرأي‮ ‬الذي‮ ‬تعرض فيه بلال لموضوع الكونسير او الحفل الموسيقي‮ ‬الذي‮ ‬قدمه الموسيقار اليهودي‮ "‬بارنيمباوم‮" ‬علي مسرح الأوبرا المصرية والذي‮ ‬تم التعامل معه من منطلقين الاول مسألة التطبيع وعلاقتها بالمثقفين المصريين والثاني‮ ‬هو علاقة المنطلق السابق بمعركة وزير الثقافة المصري‮ ‬للحصول علي منصب مدير عام منظمة اليونسكو‮! ‬كان رأي‮ ‬بلال الذي‮ ‬أبداه بحماسته المعهودة رافضا للمسألة برمتها وتعرض من خلال هجومه علي الدعوة التي‮ ‬وجهت لبارينمباوم إلي آراء كتاب مصريين‮ ‬غيره أيدوا في‮ ‬أحاديثهم الصحفية ترحيبهم باستضافة فنان عالمي‮ ‬بحجم وموهبة الرجل وفي‮ ‬رأيهم أن بارينمباوم قد جاء إلي مصر بوصفه فناناً‮ ‬لا‮ ‬يحمل‮ ‬غير فنه ليقدمه لمضيفيه وأنهم‮ ‬يفصلون تماما بين قضية فلسطين وبين قضية الفن مؤمنين بأن الفن لا وطن له ولا دين ولا جنسية ولكن هذا الموقف لم‮ ‬يعجب الاستاذ بلال وطاح فيهم لائما ومُدينا واتهمهم بالتطبيع‮ - ‬وهي‮ ‬تهمة لو تعلمون عظيمة وتُعد سيفاً‮ ‬معلقاً‮ ‬وجاهزاً‮ ‬لقطع الرؤوس تماما مثلما كانت تهمة الشيوعية في‮ ‬الولايات المتحدة الأمريكية سيفاً‮ ‬مشهراً‮ ‬علي كل فناني‮ ‬وأدباء امريكا في‮ ‬بداية الخمسينيات ومن خلال السيناتور الشهير مكارثي‮ ‬ولجنة‮ "‬مكافحة النشاط المعادي‮ ‬لأمريكا‮" ‬التي‮ ‬مثل امامها أكبر وأهم الكتاب والفنانين وقتها‮! ‬حقاً‮ ‬لست مبالغاً‮ ‬حين أستدعي‮ ‬ذاكرة المكارثية مع ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬حياتنا الثقافية اليوم من إشهار تهمة التطبيع مع العدو الاسرائيلي‮ ‬في‮ ‬وجوه الجميع عند ظهور أي‮ ‬بادرة تبدر منهم وتختلف عن رأي‮ ‬أصحاب الحماسة الفائقة في‮ ‬التعامل مع قضايا مثل المقاومة والخلاف الفلسطيني‮ - ‬الفلسطيني‮ ‬والتطبيع والدور المصري‮ ‬الناقل للرسائل بين اطراف النزاع‮! ‬ولأنني‮ ‬أعرف بالقطع أن تكوين بلال فضل الفكري‮ ‬والثقافي‮ ‬هو أبعد ما‮ ‬يكون عن المكارثية بكل ما تحمله من معاني‮ ‬اضطهاد اصحاب العقائد والآراء والدعوات المرتكزة علي مبدأ حرية الرأي‮ ‬فأنا لا أوافق علي هجومه الحاد الذي‮ ‬وجهه‮ "‬للرموز‮" ‬لأنني‮ ‬يمكنني‮ ‬أن أختلف معهم في‮ ‬الرأي‮ ‬ولكن ليس من حقي‮ ‬أن أزايد علي وطنيتهم ومواقفهم من مأساة الشعب الفلسطيني‮ ‬إن احمد عبد المعطي‮ ‬حجازي‮ ‬أو جمال الغيطاني‮ ‬علي سبيل المثال لا‮ ‬يَرِد علي خاطر أي‮ ‬منا أنهما مثلما ألمح بلال في‮ ‬مقاله‮: ‬مجرد متزلفين‮ ‬يسعيان وراء الكراسي‮ ‬والمناصب والجوائز ولكن نتورط في‮ ‬اتهام مروع عن اثنين من أصحاب القامات الرفيعة في‮ ‬حياتنا الثقافية‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون بحوزتنا أدلة دامغة وقاطعة علي أنهما قاربا هذا المنحدر الذي‮ ‬تحدث عنه واحد من تلاميذهما كانا بلا شك من الموارد الأساسية لنموه الفني‮ ‬والثقافي‮ ‬ولأني‮ ‬أعرف بلال جيداً‮ ‬وأعرف أنه ليس ممن‮ ‬يتصيدون الأخطاء للآخرين لذا أقول ان هذا الذي‮ ‬كتب ما قرأناه ليس بلال فضل‮..
‬حقا نحن لا نعبد الاصنام ولا نؤله أحداً‮ ‬أونعطي‮ ‬ضمانا عاما لحماية مخطئ من خطئه مهما كان حجمه وقدره ولكن حين‮ ‬يدخل الخلاف ساحة الرأي‮ ‬فلابد أن نحترم حق الآخرين في‮ ‬الاختلاف فما بالك أن هؤلاء الآخرين من نوعية العمالقة الذين أفنوا حياتهم لينيروا بإبداعاتهم طريق شعبهم الي الحق والخير والجمال‮.‬
 ولا أعرف‮ ‬يا بلال في‮ ‬الحقيقة ما هو وجه الإجرام في‮ ‬حق الشعب الفلسطيني‮ ‬وشهدائه ودفاعه المجيد عن حقه في‮ ‬الأرض والحياة بدعوة فنان‮ ‬يهودي‮ ‬ليقدم فنه للشعب المصري؟ أنا شخصيا لم أر هذا الوجه وكنت أتمني أن‮ ‬يكون الرأي‮ ‬عندك مرتبطاً‮ ‬بالفصل بين قضايا قد تبدو للبعض كقضية واحدة وليس هذا نوعاً‮ ‬من تفتيت الكتلة التي‮ ‬تتصور أنت أنها معارضة للتطبيع قد‮ ‬يعن لك أن تقول إن تأثير رأي‮ ‬الكبار أفدح كثيراً‮ ‬من آراء المواطنين العاديين الذين ضللتهم سياسة النظام التي‮ ‬اتبعت منذ الكامب ووعدت المصريين بالمن والسلوي بعد التطبيع ومرت أكثر من ‮٠٣ ‬عاما ولم‮ ‬يجد المصريون مناً‮ ‬ولا سلوي وانصاع التجار وأصحاب المصالح فقط إلي التطبيع بالاتجار وتبادل الصفقات وتبين أنهم هم وحدهم من بُشروا بالغنائم والأسلاب واليوم لم‮ ‬يعد هناك مصري‮ ‬واحد‮ "‬من‮ ‬غير ذوي‮ ‬الكروش المنتفخة‮ ‬ينتظر المن والسلوي ولن تدفعهم‮ - ‬أي‮ ‬المصريين آراء كتابهم ومبدعيهم حول زيارة فنية لفنان‮ ‬يهودي‮ ‬عالمي‮ ‬وترحيبهم به إلي تغيير موقفهم من موضوع التطبيع ولا تنس‮ ‬يا بلال أن جموع المصريين الآن مشغولون بأشياء أكثر أهمية كحصولهم مثلاً‮ ‬علي لقمة العيش وتشغيل أبنائهم والإصرار علي أن‮ ‬يبقوا علي قيد الحياة أما حضور برينمباوم فلا شأن لهم به وربما لن‮ ‬يسمعوا به أصلاً‮ ‬ويحسوا بوجوده في‮ ‬مصر‮.‬
 وأرجو ألا‮ ‬يعتبرني‮ ‬بلال متهما بالدفاع عن التطبيع وسيكون هذا أيضا من باب الحماس المفرط فقط لأن‮ ‬يعرف أن بلال‮ ‬يعرف‮!‬ فلتختلف‮ ‬يا بني‮ ‬مع من تريد وأنت تختلف منذ خطواتك الأولي كما نريد ولكن ستظل نقطة الفصل واختيار من توجه إليهم سهام نقدك هي‮ ‬نقطة الحوار ولا أقول الاختلاف بيني‮ ‬وبينك‮.‬
نقلا عن جريدة الوفد

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع