ملتقى الإصلاح/ المحور السياسي
التقرير الأول :
رؤية وقراءات تحليلية :
في قراءتنا هذه : نفصل الأمور بمهنية وحياد ونرد هذا الموضوع بقصد الفائدة العامة للجميع لتوضيح الصورة للبعض ولتنوير البعض الاخر في شأن يخص الجميع ولا يمكن تجزئته او تفسيره وفق رؤية جانب بعينه.، وكذلك نقوم من خلال عملنا بأداء دور وطني بدأناه ونكمله وماضين فيه لأجل مصلحة أكبر من كل المصالح الفردية والفئوية : (المصلحة الوطنية العليا - الدولة حالها ومصيرها – المؤسسات – القانون – الملكية العامة - المهنية – القيم – الارادة وما يربطها ويفصلها عن العالم - الشعب - الثورة – مطالب الثورة – الثوار – الفلول – المجلس العسكري – الدولة العميقة(
مفردات تم تداولها بافراط خلال الثلاث سنوات الماضية كانت مشوهة ومربكة ومعطلة ومثيرة للفتنة.، وتصريحات هنا وهناك بنفس المستوى و لا يمكننا مطالبة الاعلام الرأسمالي برسالة تنويرية بثوبه وهويته الرأسمالية .، واعلام رسمي هائم مرتبك لم يستقر على اب راع للأمور .، وقوى سياسية متخبطة تفتقر في افضل حالاتها الى 99% من الحديد اللازم لبناء أجساد صالحة وقوية .، وثورة عفوية بريئة اصبحت مطمعا لصيادي أزمات وانظمة وخلايا أزمات تمتلك المال والعلاقات والخطاب الاكثر عبثا وتخديرا للعقول.. ... ،...
مفردتنا الاولى للاهمية هي الدولة وهي الارض والشعب والارادة والقيم المديرة لعلاقة الجميع ببعضهم والمتعارف عليها اليوم بالدساتير والتشريعات القانونية والادارة المعروفة بالسلطة او الحكومة التي تدير الدولة بتلك القيم المديرة لفترة من الزمن .. اضف الى ذلك كله(التاريخ) التاريخ الذي يحدد عمق وأشكال النهضة في الدولة ويجعل من الدولة عميقة او سطحية.
مفردتنا الثانية هي :
حال الدولة :
مصر تنفض عنها ركاما فرضوه عليها لتجدد ذاتها متواكبة مع المسيرة الانسانية وفي مخاضها وكل مخاض عسير في مخاضها تغفو وتصحو وتتعافى بعد جهالة ما كتبت عليها بل فرضوها عليها ظلما وغدرا ومصيرها يحدده الانسان المنتمي .الانسان الاسرة والجماعة والجماعات المكونة للشعب.، وحال الدولة في مصر بسلام وامان عندما يكون القياس بمقياس الدولة اي مقياس المؤسسات الوطنية العميقة القائمة بواجباتها محتمية بمواطنيها وقيمها الحضارية وهكذا كانت مؤسسات مصر السيادية كانت للدولة وليست للسلطة ومع سقوط الحكومات كانت باقية صامدة حاضرة للواجب الوطني وقد اثبتت التجارب انها مؤسسات دولة تنتمي للارض والشعب والقيم ومن هنا يأتي الامان والسلام المنشودين للانسان في ظلال هذه الارض لذا كانت الاصوات الداعية الى حماية هذه المؤسسات اصوات حكيمة رشيدة وهذه هي القواعد المطلوبة للانطلاق سواء كانت باتجاه اصلاح السلطة او مشاريع التنمية .، وكلما كان الشعب حاميا لمؤسساته السيادية كلما كان ضامنا لبقاء الدولة بكل تفاصيلها المذكورة اعلاه بكرامة وشموخ ..، وترك المؤسسات السيادية عرضة للعبث والارهاب يعرض الدولة للانكسار .. ولا قيام ولا نهوض بعد انكسار الدولة.
الشعب :
اساس الملك والحضارة البشرية وعنوان الوجود ودوام الامل ومحرك الحياة الاول وصانع الهوية وهكذا اختار الله الانسان كافضل من يكون خليفة له على الارض وفرض الله الخالق على الانسان ان يكون جماعة وان يكون شعوبا وقبائل ليتعارفوا وليعرفوا ان اكرمهم عند الله اتقاهم وشاء الله ان يكون الانسان امما مختلفة لكل منها هويتها ومكانتها ولكل شعب يتمحور على ارض ومكان محدد هوية حضارية تتسطر على مدار التاريخ تتجدد وتتعمق وتسمو في حالات وتهبط في كثير والملك لله صاحب الملك ومن الشعوب التي كرمها الله بتاريخ وهوية وحضارة ممتدة ومتواصلة وخير ورفعة كان ولازال شعب مصر وهنا يمكننا القول ان احدى مفردات الدولة وهي الشعب قائمة حاضرة زاهية.
المؤسسات :
المؤسسات الادارية في الدولة المصرية عميقة متماسكة رغم قسوة الظروف التي مرت بها وخاصة مؤسساتها السيادية ومنظومة جيشها المثيرة للاعجاب .، ورغم عدم وجود حكومة تدير البلاد بالشكل المطلوب الا انه كانت الحياة قائمة سائرة من خلال تلك المؤسسات الادارية رغم ما شابها من شائنات ورغم تعرض موظفوها للقمع والارهاب الا انهم كانوا يمارسون اعمالهم بجمال وانتماء صادق انها مؤسساتهم التي ينتمون اليها ونبت ابنائهم عليها وانتموا مع ذويهم اليها هكذا كان الحال وتكريما لاولئك المنتمين سيكون الحال افضل من خلال رؤية جديدة متجددة تضاف لاجل تنمية هذه المؤسسات وادامة مشروع الاصلاحات الادارية فيها وبما اننا بصدد ثورة للاصلاح والبناء فانها ثورة شاملة تطال اصلاح كل ما هو على ارض مصر بما في ذلك اصلاح الاحزاب وطريقة عملها ومستوى ادائها وهذا امر يحتاج الى تفاصيل .
القانون :
عندما نتكلم عن دولة مؤسسات فاننا نتكلم نصيا وضمنيا عن قوانين وتشريعات اسس لهذه المؤسسات وابقاها ممتدة هذا الامتداد التاريخي غير الموجود في كثير من الدول وفي الغالب لا توجد اخطاء في القوانين وانما في التطبيق وفي رؤية القائم على التنفيذ لشكل ومضمون وروح القوانين وقد تتماشى القوانين مع حقبة بعينها وتحتاج الى مراجعات لحقب لاحقة كذلك تكون الحاجة اكثر الحاحا للتغيير في روح التشريع بمشاركة ارواح جديدة الى حقل المشرعين القابعين على سلم التشريع لاجيال عديدة ..
يكون التجديد مطلوبا بارواح جديدة غير التي شرعت لاجيال وحقب مضت وسلامة التشريع مصانة من خلال مشرعين محايدين مهنيين حتى لو اقتضت الحاجة الى الاستعانة بمشورة مشرعين اجانب .. ، ولقد كان للقانون حماة وكان القضاء سيدا سائدا سياديا حاميا منتفضا على الخطيئة محتميا بالنصوص القانونية مقيما للعدل وكادت الايادي العابثة ان تنال منه والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .، الا ان مخاض صياغة دستور (2012م) كان مهينا للقيم القانونية، اضافة الى أن تأخر الشروع فيه، ثم صياغته في ساعات، وكلا الامرين (الصياغة والتأخير ثم العجلة للإعلان) كارثيين وهذا لا يعفي الدستور الاخير دستور (2014م) وهو دستور الثورة الفعلي لا يعفيه من النقد رغبة في صورة اكثر جمالية وهذا ما سيكون بمراحل وكان من المهم جدا انجاز دستور على وجه السرعة لتسيير البلاد وإنقاذها وبدأ مسيرة تحقيق مطالب الشعب
واعادة مصر الى مكانتها تلك المسيرة الصعبة التي تتطلب المزيد من الصبر والتضحيات ولابد لها من وسائل دستورية سريعة ولم يكن هناك ما يسمح بالتأخير في اعلان الدستور اكثر مما كان على ان تشهد المراحل المقبلة عملية انضاج وتجميل لدستور مصر 2014 .. ويشهد دستور 2014 بداية وقار ورصانة لمصر دستورية وتشهد القوانين سريانا افضل بحماة مستعدين للتضحية من اجل كرامة القانون والانسان .. القوانين في مصر تتجلى في احلى صور الرقي حتى في مراحل لم تكن الناس راضية عنها كقوانين الرعاية الاجتماعية وحماية القاصرين مثلا هي تنم في طياتها عن عمق مدني وحضاري كبير .. القوانين المتعلقة بوزارة التموين والتعليم والصحة فكثيرا من الدول الغنية لا توفر التشريعات الحامية لحياة المواطن .. ويشهد القوانين والتشريعات ثورة متنامية كتلك التي تسري على كل الاصعدة.
الملكية العامة:
وهي ملكية الشعب المستدامة الغير قابلة للتجزئة الى مقادير واشكال عينية وانما يصل حق المواطن فيها من خلال الخدمة التي تؤدى اليه وتدار هذه الملكية بواسطة مختصين حكوميين مؤتمنين عليها يتناوبون على ادارتها عبر الاجيال والعصور وقد كانت هناك مؤامرات تهدف الى هدم وهدر واتلاف تلك الملكيات العامة ومن الواجب الاشادة به هي حالة استبسال الشعب في حماية هذه الملكيات وحماية مؤسسات الدولة وافرادها الا ان ما يحاك سرا كان غدرا للدولة والمواطن ..
وفي حين كانت قوى الشعب الوطنية بهذا الموقف المحمود تجاوزت قوى ارهابية واسلحة الارهاب متعددة .. ، وقلة غير منتمية وغير ملمة بقيم وآداب الانتماء وكان رد الشعب عليها بالرفض والاستنكار .. كان دور الشعب ارقى واكثر احساس بالمسؤولية من كثير من القوى السياسية التي لم يصدر عنها مجرد بيان استنكار يوضح موقفها ويوضح مسارها على الخط البياني السياسي .، فقدت مصر الكثير من المال العام والممتلكات العامة في السنوات الثلاث الماضية وهي تحارب الارهاب والتسيب وعدم الانضباط وتكافح وقف الحياة الذي قد يراه الانسان متعمدا في جانب ويراه نتاجا لانحراف الحياة العامة عن مسارها الطبيعي عندما توضع دولة كبيرة متعايشة بتسامح في اطار فئوي مهين ومثير للفتن ..
ومليارات من الدولارات ذهبت كهدر للمال العام بسبب تخبط سياسي غير مبرر ومليارات اخرى دفعت لتغطية عجز في ميزان المدفوعات لتغطية احتياجات ناجمة عن فشل اداري وسياسي .. ثلاث سنوات ضعف فيها الرقيب وغابت عنها المهنية واظهروا فيها الدولة الثرية بمواردها وخزائنها بثوب الهوان مقللين بذلك العجر والفشل من فرصة الاسراع في التنمية والانتاج وستهلك قيادة الدولة مرحلتها الاولى في الترميم ومكافحة الارهاب والجريمة والتأسيس لتنمية حقيقية مع تلبية مطالب الشعب بالقدر الممكن على ان تتنامى حالة الالتزام الحكومي مع الشعب على مراحل ويكون الجميع قد تحلوا بالمسئولية وادوا واجباتهم على اكمل وجه.، ودولة تحارب الارهاب يثقل كاهلها بقوانين وضوابط مصرفية ومالية وادارية وكذلك تمر بشكل مؤكد بمعرقلات تخص الاستثمار والبيئة الاستثمارية.
المهنية والقيم :
هي المعيار الاساسي لنجاح اي عمل تقف عليه او تؤديه وفق ضوابطه وقوانينه والسياق العلمي الواجب اتباعه بعيدا عن انتماءاتك الشخصية وانفعالاتك الذاتية وجزءا من الهدم الكبير الواقع في حياة الدول والشعوب يعود الى عدم مهنية الادارة المسئولة اي فقدانها للتجربة الغنية واصول العمل في مجال بعينه ..، وعدم وقوفها على القيم المتعلقة بالاعمال وقد اتسمت المراحل السابقة في العالم العربي بقلة التجربة وانعدام المهنية في جوانب عدة وتضاءلت المهنية وقيمها في مصر في السنوات الثلاثة الماضية مما زاد من عمق الازمة ويهدد هذا التضاؤل عملية التنمية المرجوة في المرحلة المقبلة.
مصر العميقة بدولتها الحضارية الممتدة في عمق التاريخ كانت دولة ذات مؤسسات ادارية متنوعة ورصينة منذ آلاف السنين وكان ذلك جليا واضحا عند دخول نبي الله ابراهيم واهله الى حدود مصر فوجدوا لها دولة ذات اركان (ارض وحدود وسلطة وشعب وتاريخ وقيم) ومما وجده على حدود مصر كانت الجمارك التي تقوم بجباية نصاب معين من الاموال العابرة للحدود ودليل السلطة الرصينة في الدولة المصرية انذاك هو انه عندما اراد موظفو الجمارك فتح احد الصناديق لتقييمه وفرض جبايته رفض نبي الله ابراهيم عليه السلام وطلب منهم ان يفترضوا ما يفترضونه بالصندوق وياخذوا جبايته من الاموال الاخرى لديه فرفض رجال الجمارك طلبه ورفعوه للسلطة الاعلى ثم الى فرعون مصر حينها ذاك الذي اهداه السيدة هاجر ام اسماعيل عليهم السلام..
وتمتد مصر كدولة عميقة من عمق التاريخ سلطة ومؤسسات وتاريخ وقوانين الا ان الكثيرين ومع الاسف يخلطون بين المفهومين مفهوم السلطة ومفهوم الدولة وبين السلطة العميقة والدولة العميقة ومصر العميقة اليوم تصنع ارادة تربطها مع العالم من خلال متانة بنائها الداخلي وحجم النمو فيها وعودتها رائدة مؤثرة في امتها ومحيطها الافريقي وعودة مصر الى رقمها الاكبر مسئولية شعبية قبل ان تكون مسئولية حكومية بعدما اصبحت حكومتها حكومة ثورة فلا يمكن للحكومة في الكثير من المشاريع والتوجهات ان تخطو بقوة
دون اسناد جماهيري فعلى سبيل المثال ان تعرضت الحكومة الى ضغوطات بسبب القضاء وكحكومة ثورة يجب عليها احترام استقلال القضاء دستوريا وقد تضطر الحكومة بسبب الضغوط الخارجية القاسية الى الضغط بدورها على القضاء وهنا تخالف الحكومة الدستور وتقبل بانتهاك السيادة ويتحول القضاء الى قضاء سلطة وليس كمؤسسة دولة سيادية لا يعلو عليها سوى الشعب والدستور والقيم القانونية التي تعمل بها .، هنا تبرز الحاجة الى المواقف الشعبية المؤازرة لحكومتها الدستورية ولسيادة الوطن وحق القضاء المهني العادل في استقلاله وتتجسد المواقف الشعبية المساندة للارادة في شكلها الافضل في عدة مظاهر منها نقابية وحزبية وجماهيرية وان تركوا حكومتها تذروها الرياح فلا ارادة ولا سيادة ولا كرامة.. الوجود والتواجد الكريم يصنعه الجميع في حلقات متصلة متواصلة .
الشعب كوارث للارض والتاريخ والحضارة مشكلا السلطة والقوانين المنظمة للحقوق والواجبات والعلاقات بين الجميع هو المحور الاساسي للدولة لذا بقت مصر ممتدة امتدادها الطبيعي تغفو مرحلة تكبو في اخرى وتنتفض الانتفاضة التي تليق بها تاريخا وشعبا وحضارة .، وكان الشعب محورا ومحركا ووسيلة للنهضة والنمو مجسدا الارادة الصلبة على مر التاريخ الا انه كان متأثرا وفي اغلب الاحيان بالجوانب الروحية اكثر من الجوانب المادية..، وفي مصر المعاصرة تعد انتفاضة الخامس والعشرين من يناير اعظم انتفاضة عفوية في تاريخ مصر كانت ارادة الشعب تتبلور عفويا باتجاه الاصلاح وليس باتجاه صناعة سلاطين جدد تتجه عفويا باتجاه ثورة وباستعداد للتغيير حتى الموت
وهنا وبهذا المنطق وهذه الروحية تتم صناعة التاريخ وكانت مصر في الايام الاولى فوق كل الميول والاتجاهات حتى ظهور الوان واتجاهات وتيارات لكل منها توجهه ورأيه وكان ذلك مربكا للانتفاضة العفوية الشفافة القوية وقد كان ظهور لغة الاحتواء لغة التطويع وتحويل المسار لتصبح الثورة فئوية باعلان احد رجال الدين الاسلاميين اقامة الصلاة جماعة في ميدان التحرير ليعطي للثورة شكلا ومنحى اخر يفرضه كامر واقع من خلال توجيه روحاني يستسلم له الناس بطبيعتهم وفطرتهم النقية ولا يعبأ الداعي الى صلاة الجماعة بوجود كل مكونات الشعب المصري على اختلافها وتعددها الديني والفكري على ارض ميدان التحرير رمز الانتفاضة المتجهة الى ثورة.
كانت صلاة الجماعة بداية لتطويع تلك الانتفاضة وتوجيهها الى مشروع سلطة فئوية وتأسيس دولة تعيد الحال الى دولة الخلافة التي يدعون انها الحل والخيار الامثل ومن يطرح هكذا طرح ويمجده ويدعو الى مصر عريقة عظيمة رائدة بنفس الوقت يكون داعيا الى تسفيه الذات والدولة معا باعلان جهلها التاريخي فالتاريخ يذكر ان للخلافة ولاة تابعون وقد اعلنوا تابعيتهم لخلفاء في الجزيرة العربية وطهران واسطنبول قبل اعلان الخلافة في مصر ولن يكون لهم الا نصيب الولاة فكيف تكون الريادة لمصر الدولة العميقة تاريخيا في ظل ولاة تابعين لخلافة استعمارية استعبادية انطلقت من الاستانة في اسطنبول العثمانية او من خراسان الصفوية .. او من الجزيرة العربية متأثرة بمفهوم السلطة العميقة في الخلافتين الاموية والعباسية .
كيف خرجت الثورة عن معنى الثورة وظلت كانتفاضة تتوجه بنمو نحو الثورة : (لم تكن القوى السياسية على تنوعها حاضرة في الثورة كقيادات وبرامج وبدائل جاهزة لادارة الدولة وسد الفراغ الحاصل في السلطة ..لم تكن مؤهلة لذلك وكان المتأهب للقفز في ظل هذا الغياب على السلطة حاضرا فادارها فئويا في اتجاهه باسم الثورة وبعد فهم دقيق للواقع لم يكن هناك عائقا امام توجههم الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) سوى الوقت وأصحاب الرأي وممثلو ارادة وكرامة الدولة والشعب وهنا تتطلب ادارة الازمة الى شعارات ووسائل .. وسرعان ما يطفو على السطح شعارين (الافراط في استخدام مفردة الفلول كشعار فتنة وتقسيم تتم به مواجهة كل من يخالفهم الرأي ..
والشعار الثاني هو لمواجهة الجيش الذي يمثل ارادة وكرامة الدولة والشعب فالجميع يعلم ان الجيش جيش الدولة وليس جيش السلطة والجميع يعلم ان مكون الجيش هي جموع الشعب المتساوية بالحق والوصف امام القانون المتطوعة بايمان وجموع الشعب المنتمية للتاريخ بايمان وجموع الشعب الذي سالت دماء ابنائه وارواحهم في هذا الجيش لذا كان واجبا وفق ادارتهم للازمة ضرب صخرة الجيش والغاية تبرر الوسيلة ولاجله كانت صيحات (يسقط حكم العسكر) وكان المقصود منها تفتيت صخرة الجيش لتمسي مصر العصية الشامخة مروضة نحو دولة الخلافة والولاة التوابع.، وفي خطورة هذا الموقف لم تبدي القوى السياسية القومية والديمقراطية واليسارية موقفا رصينا يقيم الوضع بدقة ويقول ان مصر تتجه الى فتنة وحقبة فئوية تقسم الى فئات ممثلة واخرى مغيبة حقبة يغيب القانون فيها وتعلو اصوات الشعارات غير الرشيدة وكان متوقعا من تلك القوى السياسية ان تصدر بيانا تقول فيه ان ابناء الشعب سواء امام القانون الا ان الكثير منها تقاعس عن تأدية الواجب.
كثيرة هي القراءات والرؤى وكثيرة هي التحليلات ويصيب كثيرون ويخطئ كثيرون وهذا وفقا للمنطق إشارة رشد وسلامة موقف وخلو الأمر من منطق يدفع بالحكم إلى تخبط وارباك واستهلاك وتيه .. وبالنظر إلى الظروف التي عاشته الدولة المصرية بعد عام 2011 فإن :
حامي الشعب وكرامته والدولة ومؤسساتها كان الجيش .. التعامل المهني والقانوني والوطني المسئول كان الجيش
المقياس السليم للوضع السياسي والوضع العام والرقيب ذي الحس المسئول في الدولة كان الجيش والامال المعلقة والحلم كان الجيش.. عين الشعب في الداخل وعيون العالم في الخارج كانت على الجيش
اهل الخبرة والعلم وجموع الشعب على فطرتها وجدت الخلاص على يد الجيش وان المخلص قادم من الجيش ولا توجد ادارة ازمة لتخطي تلك المرحلة العصيبة من خارج الجيش.
وفي ثورة 30 يونيو 2014م، التصحيحية كان الجميع في ساحة الواجب دون علم الاخر بالثاني كانت منظومة الجيش النظامية المحترفة المنضبطة بقيم قانونية و وطنية كانت تنتظر شرعية من الشعب وخرجت جموع الشعب لا تحمل سوى الامل والارادة خرجت بقيم ونقاء وزهد يدفعها الامل والثقة تنتظر موقفا من جيشها ولم يتعجل الجيش في الرد على الشعب بل انتظر اياما ليصدر قراره باسم الشعب وليس باسم الجيش اياما رغم صعوبتها وقسوتها الا ان منظومة الجيش المهنية ارادت شرعية كافية كاملة غير منقوصة ويكتمل نصاب الشرعية المطلوب الموثق بالصور الجوية الدقيقة وكما لم تعرف الجماهير المحتشدة في الساحات والميادين والشوارع النوم كذلك لم يعرف الجيش النوم فالكل على اهبة الاستعداد مصر تخرج للشوارع وتصنع شرعية للتصحيح وجيشها يلبي النداء ويحمي الثورة وينقذ الدولة ويدفع بالامور نحو التعجيل باليات ديمقراطية لتخطي مرحلة الفتنة..، والمضي الى مصر المواطن دون فئوية ودون تعريف يقلل من شأن الانسان المواطن الى مصر يكون فيها للرأي والرأي الاخر وجود بضوابط وقيم قانونية واخلاقية.
هذا ما رصده ملتقى الاصلاح والمحور السياسي فيه ليقدمانه بتحليل موضوعي ونقاء تامين الى كل المواطنين والمتابعين على حلقات متواصلة وبحسب حالات الرصد ولكننا في هذه المرة نطرح تحليلنا ورؤيتنا املين ان نكون قد اسهمنا بشكل او بآخر في عملية التنوير التي نراها واجب وطني , ونتواصل مع الجميع مع اسئلتهم واستفساراتهم وارائهم وننشرها كما هي ونجيب برؤيتنا وحيادنا والى عالم افضل.
وإلى عالم أفضل
الإشراف ورئيـس هيئة الإعداد
الــدكـــتـــور/ محمد نورالديـن
أســـــتــــاذ العلـــوم السياسية