بقلم : د عصام عبدالله
اعلان الرئيس الإخواني محمد مرسي اليوم، قطع العلاقات مع سوريا، وإغلاق سفارتها بالقاهرة وسحب القائم بالأعمال من دمشق، هو حلقة من سلسلة القرارات الكارثية التي (يتوهم) أنها تخدم استمرار بقاء " تنظيم الإخوان المسلمين " في الحكم، من خلال تنفيذه لأجندة المصالح الأجنبية (الأمريكية) والمخططات الدولية للمنطقة، بينما لا تخدم هذه القرارات – من قريب أو من بعيد - المصالح العليا لمصر (في الحاصر والمستقبل) ناهيك عن شعبها وجيشها وأمنها القومي!
من يدعي الجهاد في سوريا الشقيقة من ملعب كرة (استاذ القاهرة) بينما لا يجرؤ علي التلميح بالجهاد في إسرائيل وتحرير " القدس المحتلة "، هو ألعوبة في يد الأمريكان الذين لن يساندوه يوم 30 يونيو الجاري، بل سيقولون له مع جموع الشعب المصري " أرحل "، لأنك مثل (أمير قطر) تجاوزت في كثير من الحالات حدود ما تقرره واشنطن، فيما يتصل بدعم بعض التنظيمات الإسلامية!
الفرق الوحيد بينكما هو أن أمريكا ستترك للشعب المصري تولي المهمة بجدارة، أما أمير قطر فقد (استجاب علي الفور للأمر) حين أبلغ بالقرار عن طريق موفد استثنائي له صفة عسكرية، وهو مسؤول بارز في المخابرات الأمريكية، وحين أراد " حمد " مناقشة الأمر قال له الموفد الخاص :
لم آت إليك مفوّضاً بالتفاوض معك، بل جئت لأبلغك قرارنا!
الحرب الطائفية (السنية الشيعية) في الشرق الأوسط (والمخطط لها قبل 11 سبتمبر 2001) أصبحت علي الأبواب، ومن براجع تعامل أمريكا مع الأزمة السورية سوف يجد (ويا للمفارقة) أنه نفس تعاملها مع الحرب العراقية الايرانية طيلة الثمانينيات من القرن العشرين : دعم أحد طرفي النزاع الى أن تشعر بتفوقه على الأرض ثم تسحب يدها منه حتي يتراجع ويتقدم الطرف الآخر، فتعاود الكرة من جديد و تقوي طرفها الأول، وبذلك تحقق التوازن المدمر، الذي يطيل أمد حرب الاستنزاف التي تقضي علي الأخضر واليابس (بما يخدم مصالحها في المنطقة)!
انتصار إيران في سوريا (الحليف المحوري) هو بالتأكيد خطر علي الدول العربية السنية خاصة دول الخليج التي ستصبح في مرمي التدخل والنفوذ الإيراني، وهناك من يردد بقوة (داخل المطبخ الأمريكي) أن السيطرة الشيعية علي الشرق الأوسط مقابل (أمن اسرائيل) والتنازل عن استكمال البرنامج النووي الإيراني أفضل بكثير من التعامل مع الجماعات الجهادية (السنية ما بعد بشار الأسد، خاصة وأن سوريا أصبحت حسب تعبير " وليام هيج " وزير خارجية بريطانيا (ألد أعداء بشار الأسد) : مأوي ومفرخة للإرهابيين من مختلف أنحاء العالم (من بينهم 90 شخص من رعايا بريطانيا)!
نجاح الاصلاحي " حسن روحاني " في الانتخابات الرئاسية الإيرانية اليوم مع تصاعد الأزمة السورية المستعرة (وقرار واشنطن تزويد المعارضة السورية بالأسلحة أخيرا) بالتزامن مع تدهورالأوضاع في العراق واستمرار الاضطرابات المؤسفة في دول ما سمي بالربيع العربي الذي حل بالدمار والخراب في تونس ومصر وليبيا وسوريا، وصولا (للربيع التركي) في (78 مدينة) ينسجم تماما مع الصورة العامة للتحولات الأساسية في الشرق الأوسط الجديد.
الاختلاف الجوهري بين (الربيع العربي) و(الربيع التركي) وكلاهما (" سني " لا غش فيه) هو ان الأول كان ضد أنظمة شمولية استبدادية " شبه علمانية " بينما ربيع تركيا هو ضد حكومة " اسلامية " منتخبة ديمقراطيا يتزعمها رجب طيب أردوغان الذي استقبله الإخوان المسلمين في بداية زيارته لمصر باعتباره (خليفة المسلمين الجديد) ثم انقلبوا عليه قبل أن ينهي الزيارة لمجرد التلويح بأن دستور مصر يجب أن يكون علمانيا!
المفارقة هنا أن مشروع النهضة الإخواني الفاشل كان يعد المصريين بأن مصر ستصبح مثل تركيا في غضون 4 سنوات، أما اليوم فإن الأوضاع في ميدان " تقسيم " في تركيا تتشابه مع أوضاع ميادين مصر في التحرير والاتحادية ومحمد محمود وماسبيرو، وفي أقل من عام واحد فقط من حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي!
تري هل هي لعنة المصريين علي تركيا فقط أم علي الشرق الأوسط الإسلامي كله؟
Dressamabdalla@yahoo.com
نقلان عن عن إيلآف
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=98884&I=1567