حكمت حنا
بقلم: حكمت حنا
ما من أحداث طائفية تقع ويخرج منها الأقباط ضحية دون ثمن لهم إلا ويكون للأمن أو رجال السياسة يد فيها، سواء كانت حوادث اختطاف أو اختفاء فتيات مسيحيات أو جرائم انتهاك حقوقهم أو اعتداء على ممتلكاتهم بل وإجبار على ترك بلادهم مثل المهجرين لدوافع أمنية أو عرقية.
وأقرب الأحداث للذاكرة ما وقع بمحافظة الإسكندرية وظهور سي دي لمسرحية صوروه على أنه إساءة للإسلام، في وقت سبب فيه حرجًا سياسيًا لبعض المرشحين الأقباط لأسباب يعلمها رجال صناعة القرار من لهم مصلحة في اشتعال تلك الأزمة، وبعدها من اعتداء على كنيسة محرم بك وساد جو من الطائفية وقتها.
ودون ترتيب للأحداث هناك وقائع عديدة لحوادث اختفاء فتيات وشابات مسيحيات بطرق الترهيب والترغيب والإغراء وأخرى بالخطف وفي أوقات زمنية متلاحقة، حتى لا تكاد تمر عدة أيام إلا ونسمع عن واقعة جديدة لتنضم لمسلسل أسلمة المسيحيات وتصل أحيانًا للقصّر من لا يجوز تزويجهن دون بلوغ السن القانوني وبموافقة الولي لتعبر عن حجم الجريمة الجنائية، دون رادع أو عقاب وكأن هناك مخطط موجه لتفكيك الأسر المسيحية وإجبار أفرادها على تغيير معتقداتهم أيًا كانت الطرق المتبعة، وبمعرفة الأمن بأماكن تواجدهن وفقًا لمعلومات أسرهن ومع ذلك يرفض التحرك واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بل على العكس أحيانًا بل وفي الغالب يقوم بتزويجهن داخل اقسام الشرطة وفي النيابات العامة حتى يكون زواجًا مباركًا من أمن النظام.
وما حدث في ديروط منذ أسابيع قليلة يجسد حجم التراخي أمام التعدي على ممتلكات الأقباط وكنائسهم على جريمة قد تكون مبالغ فيها بتصعيدها بهذا الشكل، أو على العكس لو حدث ذلك مع فتاة مسيحية فهل كان سيحدث مع الجاني المسلم ما حدث مع المسيحي الذي أصبح الآن طريدًا بعد التمكن من قتل والده؟ بالطبع ستُجبر الفتاة المسيحية التي صُورت بهذا الشكل على تغيير ديانتها لإمكانية تزويجها بأي شاب مسلم إذا وافق لكن يكفيه أنها أُجبرت على تعديل عقيدتها.
ولم يمر شهر واحد حتى ظهرت فضيحة مفتعلة في نجع حمادي بمحافظة قنا بين مسلمة ومسيحي، ليقوموا بالتعدي على منزله ضربًا ولكمًا وسبًا وسرقة مقتنياته الخاصة، بل وابتزازه بدفع مبلغ مالي حتى لا يفعلوا به مرة أخرى ما ارتكبوه ضده، ورغمًا عنه تم إجباره على السكوت لأنه لا يملك أي تصرف أمام قوة عددية مجاملة لعيون أصحاب المناصب السياسية، وبدلاً من احتواء الأزمة بعد نشر فيديو الاعتداء عليه على أنه علاقة آثمة بينه وبين الأخرى المسلمة نصحه أمن الدولة بترك بلدته، ربما لوجود قوة سيادية أعلى من سلطة أمن الدولة وفجورها.
وهناك العديد من الوقائع التي تشهد لحجم معاناة الأقباط -الفئة المغلوبة على أمرها- لا حصر لها، فمجرد ذكرها هو عملية سرد لا تجدي؟
فهل أصبح أقباط مصر لعبة في يد كل من يرغب في استخدامها في الوقت الذي يراه ستحقق له أغراضه دون وضع أي اعتبار للنفوس المشحون بالكراهية التي احتقنت مشاعرها بتكرار تلك الأحداث على أنها أزمات طائفية؟ لدرجة أن كل ما يحدث بين مسيحي ومسلم حتى وإن كانت أحداث عادية تُسيّس وتُوجّه بيد خفية على أنها أزمات طائفية لتحقيق أغراض يعلمها أصحاب الأزمة الفعلية استغلال لجو مشحون بمشاعر غير مريحة تجاه الآخر.
http://www.copts-united.com/article.php?A=9728&I=256