إسحاق إبراهيم
تقرير: إسحق إبراهيم - خاص الاقباط متحدون
إتهم برلمانيون وقانونيون الحكومة المصرية - بشكل صريح- بحماية التعذيب في مصر والتستر على القائمين به من ضباط الشرطة، وأكدوا إنعدام الإرادة السياسية لتجريم التعذيب وتغليظ عقوبته، وأكدوا أن الدولة لا تحترم القانون ولا تحترم شرف وكرامة وحياة مواطنيها وان التعذيب وإنتهاك حقوق المواطنين بات أمراً منهجياً ومستمراً في مصر ويتم بعلم ورضاء كامل من قيادات وزارة الداخلية.
جاء ذلك خلال الندوة (هل يكفي تعديل المادة "126" عقوبات للحد من جرائم التعذيب) التي نظمها المعهد الديمقراطي المصري ضمن فعاليات مشروع مراقبة الأداء البرلماني بمناسبة تقديم النائب حسين إبراهيم مقترح تعديل المادة "126" عقوبات، وشارك فيها الدكتور حسين إبراهيم مقدم الإقتراح، والدكتور أحمد ابو بركة عضو مجلس الشعب، والأستاذ عادل مكي نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي، والأستاذة أمل سلامة الباحثة بالمعهد الديمقراطي المصري.
أكد المشاركون أن نواب الحزب الوطني يقفون أمام تمرير تعديل المادة "126" بتغليظ عقوبة التعذيب وتوسيع دائرة الإتهام فيه لتشمل المحرض والساكت على التعذيب وكذلك إقتصار التعذيب على كون المجني عليه متهماً، وطالبوا بضرورة تعديل المادة "126" من قانون العقوبات كمرحلة مبدئية ويلحقها تعديلات عديدة على البنية التشريعية في مصر لوقف جريمة التعذيب تماماً، وإعتبارها جريمة لا تسقط بالتقادم ومخلة الشرف تحرم مرتكبها من تقلد المناصب العامة أو السياسية مع إعطاء المجني عليه في قضية التعذيب الحق من تحريك الدعوى الجنائية مباشرة مع البحث في مدى إمكانية إنتشار دوائر قضائية متخصصة في نظر دعاوى التعذيب.
قال حسين إبراهيم ان هدفه من إقتراح تعديل المادة 126 هو الحفاظ على كرامة المواطن المصري مؤكداً أنه تقدم بالإقتراح حسب ما ورد في التقرير السنوي الثاني للمجلس القومي لحقوق الإنسان، وأضاف أن التعذيب في مصر زاد بصورة كبيرة ولا يجوز أن نبقى على عقوباته الهزيلة الموجودة في القانون الحالي لا سيما وأن عقوبة إهانة مواطن أو ضربه وإهدار كرامته وشرفه في المادة 128 من العقوبات أما الحبس لعام بحد أقصى أو غرامة 200 جنيه.
أكد أن لجنة الإقتراحات والشكاوي واللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس تعطلان المقترح بصورة متعمدة تحت دعوى إحتياجه لمزيد من الدراسة، بينما الحقيقة هي عدم رغبة الحكومة في إجراء هذا التعديل على المادة "126" واللجنتان تساعدان الحكومة في ذلك، وقال: "لا نسعى من التعديل فقط تغليظ العقوبة في جريمة التعذيب وإنما أيضاً توسيع المجال كي يصبح كل رئيس مسئول عن أفعال من يعملون تحته، وأن يكون في حالة موت المواطن نتيجة التعذيب توصف الجريمة بالقتل العمد.
وتعرضت "أمل سلامة" للقصور التشريعي الحالي في جريمة تعذيب وأوضحت أنه لا يوجد تعريف جامع مانع لجريمة التعريف بالإضافة لصعوبة إثبات الجرائم وضعف العقوبات المقررة للجريمة، وأن المواد التي ذكرها قانون العقوبات وهما المادتين (126، 129) لا تحقق الحد الأدنى من الضمانات للضحايا، وأوضحت أنه على العكس أن هناك قانون "هيئة الشرطة" رقم 109 لسنة 1971 في مادته 102 يعطي الحق في إستخدام القوة.
وأضافت أن مواجهة الجريمة تتطلب إرادة سياسية قوية، وتعديل تشريعي يتضمن نظام قانوني متكامل لمكافحتها يبدأ بتعريف الجريمة وينتهي بتنفيذ الأحكام القضائية، وأنه لابد من تفعيل إتفاقية مناهضة التعذيب المصدقة عليها الحكومة المصرية عام 1986 والتي طبقت للمادة 151 من الدستور أصبحت قانوناً، وطالبت أن تعامل جريمة التعذيب معاملة الجرائم المخلة بالشرف التي تحرم مرتكبيها من الوصول لبعض المناصب وأن تغلظ عقوبة الجريمة بالسجن المشدد.
ويرى "أحمد ابو بركة" أن مسألة التعذيب والحد منها لا يمكن إختزالها في تعديل المادة (126) وإنما تحتاج لعلاج كلي ومتكامل بوجود إرادة سياسية وجملة تعديلات تشريعية لبتر ظاهرة التعذيب وقال: المنظومة التشريعية الآن تحمي مرتكبي التعذيب وتمنحهم الحق في إستخدام قوتهم بحرية كاملة دون رقيب كمثال صغير لما يقوم به الحزب الوطني من إحتكار للسلطة والتصرف في البلد كما يشاء ليلقي بها في عصور الجاهلية.
وقال: "المشكلة أن القائم بالتعذيب هو الشخص المنوط به حفظ الأمن العام وتنفيذ القانون، وهذا ما لا يمكن الإستهانة به أو إلتماس إي عذر له في فعلته، وهذا الشخص لا يصلح معه أي عقوبات إصلاحية بل أن الرفق به يعتبر جريمة من المشرع، ولذا يجب مراجعة كل النصوص القانونية ذات الصلة لتنص صراحة على ضرورة سرعة إجراء الضبط والتحقيق وتحريك الدعوى الجنائية مع ضرورة إنتقال عضو النيابة العامة للتحقيق فور إبلاغه وأن يصدر تقرير الطبيب الشرعي في خلال 24 ساعة مع بحث إمكانية إنشاء دوائر خاصة لنظر دعاوى التعذيب".
حدد عماد الفقي مطلبين الأول إبقاء التجريم في المادة "126" على تعذيب المتهم فقط مع تغليظ العقوبة بصورة رداعة، والمطلب الثاني تعديل المادة "129" المتعلقة بتعذيب أو إهانة المواطن العادي غير المتهم، وتحويل الإتهام فيها من جنحة إلى جناية، وطالب الفقي أن ينص صراحة على إمكانية ثبوت جريمة التعذيب عن طريق الترك أو الإمتناع إذا كان للشخص سلطة منع التعذيب مع نص قانون جديد بمعاقبة الرئيس الهيئة الشرطية أو جهاز الشرطة التي يتم فيها تعذيب مواطن ولا يستطيع تحديد هوية من قام بتعذيبه مع إعطاء الحق للمجني عليه في قضايا التعذيب بإستئناف قرار النيابة إذا إرتأت عدم وجود مبرر لتحريك الدعوى الجنائية.
وقال "عادل مكي": (نتحدث عن وقف التعذيب منذ سنوات وسبب إستمراره هو عدم وجود إرادة للدولة في ذلك، فالدولة لا تريد وقف التعذيب لأنها لا تحترم كرامة المواطن وجسده، وهذا سبب رفضها تغليظ العقوبة، وأكد أن المشكلة ليست في تعديلها وإنها في إرادة الدولة التي تحمي التعذيب)، وقال: (مصر هي الدولة الوحيدة التي تنص قوانينها على سجن الوزارء ولا تستطيع فيها حبس ضابط شرطة، وهذا لأن الدولة لا تحترم الدستور أو القانون)، قال: (العجيب أن كل جرائم التي تنظرها المحاكم على إنها تعذيب تصنف بإعتبارها إما إستعمال قسوة أو قتل أفضى إلى الموت وليس بينها جريمة واحدة تم تكييفها على أنها تعذيب).
http://www.copts-united.com/article.php?A=923&I=26