بقلم: خالد منتصر
ولد الشيخ الجليل محمد عبده منذ مائة وستين عاماً، ومات هذا المجدد العظيم وهو يظن أنه قد حسم قضية النقاب، التى هى مجرد مظهر لقضية أكبر وهى قضية المرأة ونظرة المجتمع الدونية لها، ولكن الرجل رحل ولم يدرك أن مصر بلد لا يحسم قضاياه ولا يملك بديهياته ودوماً يعود إلى المربع رقم واحد فى كل ما نظن أنه قد حسم وقتل بحثاً، وأن قضية النقاب كأذرع الأخطبوط السحرى، كلما ظننت أنك قد بترت ذراعاً توالدت براعم لملايين الأذرع التى تخنق أى رغبة فى التغيير والتقدم.
كتب الشيخ محمد عبده فى مقال بعنوان «حجاب النساء من الناحية الدينية» قائلاً: «لا نجد نصاً فى الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هى عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التى تمكنت من الناس باسم الدين، والدين براء منها» ولأنه شيخ مستنير لا يريد تخزين المرأة فى المنزل وشل طاقتها يتساءل سؤالاً مشروعاً «كيف يمكن لامرأة محجوبة أن تتخذ صناعة أو تجارة أو زراعة للتعيش منها إن كانت فقيرة؟!، وبالطبع سيرد دعاة النقاب أنه من أدب المرأة وعفافها، ولكن الشيخ محمد عبده بمنطقه المفحم يتساءل: «أى علاقة بين الأدب وبين كشف الوجه وستره؟، أليس الأدب فى الحقيقة واحداً بالنسبة للرجال والنساء، وموضوعه الأعمال والمقاصد لا الأشكال والملابس؟..
وأما خوف الفتنة فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال، وعجباً لم يؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم عن النساء إذا خافوا الفتنة عليهن؟!، هل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة، واعتبر الرجل أعجز من المرأة عن ضبط نفسه والحكم على هواه؟، إن زعم زاعم صحة هذا الاعتبار رأينا هذا اعترافاً منه بأن المرأة أكمل استعداداً من الرجل!!».
بعد أن يثبت الشيخ محمد عبده أن فكرة النقاب إهانة للرجل قبل المرأة، يدلف بنا إلى مفهوم الرقابة الاجتماعية لضبط المجتمع، وهى فكرة يخالفها النقاب تماماً، يقول الشيخ «النقاب والبرقع من أشد أعوان المرأة على إظهار ما تظهر لتحريك الرغبة، لأنهما يخفيان شخصيتها فلا تخاف أن يعرفها قريب أو بعيد، فيقول فلانة بنت فلان أو زوجة فلان كانت تفعل كذا، فهى تأتى كل ما تشتهيه تحت حماية النقاب، أما لو كان وجهها مكشوفاً فإن نسبتها إلى عائلتها أو شرفها فى نفسها يشعرانها بالحياء والخجل».
أقسى شىء على إنسان أن يترافع عن قضية واضحة ثم يصحو على أنه قد عاش وهماً، ومن مضحكات الزمن المبكيات أن يحاول المرء إثبات بديهيات، وأن يقسم لمن حوله فى وضح النهار بأن الشمس مشرقة.
نقلا عن جريدة المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=8660&I=232