ريان آدم
كتب: ريان آدم – خاص الأقباط متحدون
قالت لجنة حماية الصحفيين في تقرير مهم أمس: إن المدونات الصحفية أصبحت جبهة رئيسية في الكفاح من أجل حرية التعبير في مصر والشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث تقوم الحكومات بإعادة صياغة القوانين القائمة واستخدام وسائل تكنولوجية حديثة من أجل حجب التغطية الصحفية والمقالات على شبكة الإنترنت.
وطالبت لجنة حماية الصحفيين مصر ودول الشرق الأوسط بتعديل الأحكام القانونية التي تُجرّم حرية التعبير على الإنترنت سواءً في قانون العقوبات أو قانون الصحافة أو قوانين أخرى بحيث تتماشى هذه الأحكام مع المعايير القانونية الدولية.
وكذلك الإفراج عن جميع الأفراد الذين يقضون أحكامًا بالسجن لإبدائهم آراء ناقدة على الإنترنت وضمان توافق القوانين الخاصة بشبكة الإنترنت مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووضع حد للرقابة المفروضة على الاتصالات الإلكترونية الخاصة ما لم تكن مشفوعة بأمر من المحكمة يستند إلى ضرورة تتعلق بالأمن القومي أو إنفاذ القانون.
ووجدت لجنة حماية الصحفيين أن إيران تحتل أسوأ مرتبة في مجال قمع النشر على شبكة الإنترنت. كما أن حكومات مصر والسعودية وتونس وسوريا أخذت تنشئ سجلاً شائنًا في مضايقة المدونين واحتجازهم وفرض الرقابة عليهم.
وقال "محمد عبد الدايم" منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين ومؤلف التقرير: إن المدونات الصحفية في المنطقة ازدهرت خلال السنوات القليلة الماضية. فبسبب مناخ التضييق على وسائل الإعلام التقليدية توجّه العديد من الصحفيين نحو النشر على شبكة الإنترنت، حيث يمكنهم كتابة مقالات ناقدة وتحري قضايا حساسة لا تتمكن وسائل الإعلام التقليدية من تناولها بسبب الحظر المفروض منذ أمد بعيد على مثل هذه المواضيع، أو لأن بعض وسائل الإعلام هذه مملوكة من قبل الحكومات.
وأضاف: أصبحت المدونات تزاحم في بعض الأحيان وسائل الإعلام التقليدية بفضل الانتشار الواسع والسريع للإنترنت. وهذا ينطبق بشكل خاص على القضايا الحساسة كالتحرش الجنسي والتعذيب وفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" حيث قام المدونون برفع سقف الحرية في تناول هذه المواضيع وتوفير غطاء للصحفيين التقليديين".
ووجت لجنة حماية الصحفيين أن الحكومات تبذل جهوداً كبيرة لمقاومة توسع المدونات، فقد أخذت السلطات بتوسيع القيود القانونية القائمة وبسن قوانين جديدة بشأن النشر الإلكتروني تحديدًا وبدأت بفرض متطلبات على مزودي خدمة الإنترنت لمراقبة الزبائن.
كما عمدت هذه البلدان إلى استخدام وسائل تكنولوجية حديثة لمراقبة المواد المنشورة على شبكة الإنترنت أو حجبها. وفي العديد من البلدان مثل إيران وتونس تستخدم السلطات أساليب قديمة مثل المضايقات والاحتجاز ضد المدونين الذين يعمل معظمهم بصفة منعزلة مما يجعلهم معرضين لأن تنتهك حقوقهم.
وكتب محمد عبد الدايم: في حين قد تتباين الأساليب التي تتبعها السلطات من أجل ثني المدونين إلا أن الغاية من ورائها تبقى واحدة في الغالب، وهي إقناع المدون بأن كلفة الدخول في معركة مع الدولة تفوق كثيرًا أي فائدة ترجى. ويقدم كاتب التقرير أيضًا توصيات عاجلة لحكومات المنطقة، ولشركات التكنولوجيا وللمجتمع الدولي.
وذكر التقرير المطول حالات لمدونين بارزين في مصر، جاء على رأسهم وائل عباس صاحب مدونة (الوعي المصري) الذي تمكن من خلال التركيز على القضايا المحلية من اجتذاب عدد متواضع من القراء المناصرين له أثناء سنته الأولى في التدوين.
ولكن عندما قام بنشر شريط مصور يُظهر ارتكاب الشرطة للتعذيب في عام 2006 أحدث ضجة هائلة غيرت معالم التدوين في المنطقة. فلطالما سمع المصريون منذ زمن طويل حكايات عن التعذيب في الاحتجاز، إلا أن الشريط المصور قدم الدليل على ذلك. وقد قاد هذا الشريط وغيره من التسجيلات المصورة التي عرضها وائل وغيره والتي كانت في نهاية الأمر بمثابة أدلة دامغة على إدانة عدد من ضباط الشرطة. وبحلول تشرين الثاني / نوفمبر 2008 كان الملايين قد زاروا مدونة وائل عباس على حد قوله.
يقول وائل: أغطي هذه المواضيع لأنني أجد نقصًا في تغطيتها في وسائل الإعلام الأخرى.
ويحظى وائل -الحاصل على عدة جوائز دولية في مجالي الصحافة وحقوق الإنسان- بمكانة عالية كفيلة بردع السلطات عن اتخاذ أقسى الإجراءات الانتقامية بحقه، ومع ذلك فقد جرى احتجازه وتفتيشه ومضايقته مرتين في مطار القاهرة وصودر حاسوبه المحمول أثناء إحداهما.
وقد أخبر وائل لجنة حماية الصحفيين بأنه تلقى تهديدات هاتفية متكررة وتم اقتياده من الشارع واحتجازه لساعات، وأنه تم القدح فيه ونعته بالمجرم على شاشات التلفاز وصفحات الإنترنت مما جعل من الصعب عليه الحصول على وظيفة منتظمة.
وتلجأ السلطات المصرية إلى قانون الصحافة لعام 1996 والذي يسمح بإقامة محاكمة جنائية لجريمة "نشر أنباء كاذبة" وهي جريمة ضبابية المعالم. كما تستند أيضًا إلى قانون العقوبات الذي يحظر نشر المواد التي تعتبر مهينة.
وفي هذا السياق يقضي المدون كريم عامر حكمًا بالسجن لأربع سنوات بعد أن أدين في عام 2007 بتهمة إهانة الإسلام والرئيس وفقًا لأحكام قانون العقوبات. وكان كريم عامر قد سخر في كتاباته المنشورة من سلطة الرئيس والمؤسسات الدينية في مصر.
ووفقًا لأبحاث لجنة حماية الصحفيين، فقد مثلت قضية كريم المرة الأولى التي يخضع فيها مدون مصري للمحاكمة ويُحكم عليه صراحة بسبب كتاباته على شبكة الإنترنت.
كما تعمد مصر وسوريا إلى تضييق الخناق على التدوين باستخدام قوانين الطوارئ التي لا توفر سوى القليل من الحمايات الدستورية. حيث يمنح القانون في سوريا سلطات واسعة لرصد "جميع أشكال التعبير" وتعطيلها ويسمح للسلطات بمحاكمة المجرمين في محكمة عسكرية على خلفية جرائم مبهمة مثل "الجرائم التي تمثل خطراً على وجه العموم".
وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن ما لا يقل عن 11 مدونًا سوريًا قد أدينوا في ظل قانون الطوارئ، وأمضى العديد منهم بعض الوقت في السجن.
يتجلى تعسف قوانين الطوارئ في حالة مسعد أبو فجر، وهو مدون وكاتب مصري وناشط في المجتمع البدوي يتناول في مدونته المشاكل الاجتماعية والسياسية. ألقي القبض على أبو فجر في عام 2007 واتُهم بموجب قانون الطوارئ بطائفة من المخالفات وبالتحريض على الشغب والقيادة من دون رخصة.
وفي شباط / فبراير 2008 تمت تبرئته ولكن لم يطلق سراحه حتى الآن. وقد صدر حتى اللحظة ما لا يقل عن 13 أمرًا قضائيًا يقضي بالإفراج عن أبو فجر. وبما أن وزارة الداخلية لا تستطيع خرق أوامر المحكمة مباشرة فإنها تستخدم قانون الطوارئ بالمقابل كوسيلة للالتفاف حولها.
http://www.copts-united.com/article.php?A=8646&I=232