فيولا فهمي
بقلم: فيولا فهمي
بالرغم من الأفراح التى نعيشها جميعًا خلال شهر اكتوبر والاحتفالات بذكرى النصر، إلا أن القدر رفض أن يمهلنا السعادة وأهبط فوق رؤوسنا مصيبتين من العيار الثقيل.. أولهما وفاة المفكر اليساري الكبير محمد السيد سعيد، والذي أحزن قلوب المختلفين معه قبل المؤيدين له، وثانيهما المؤتمر السنوي للحزب الوطني الذي سوف يعقده أواخر الشهر الحالي، ليطرح فيه الحلول السحرية للأزمات المزمنة واللانهائية، ولأن الحزن الوطني يغيم على رؤوس المواطنين ومؤتمراته الجليلة يحتفي بها جميع التعساء والمهمشين، فلقد تزامنتا المناسبتين الحزينتين في شهر واحد لتقبض قلوبنا جميعًا..
ولأن الموت هو الحقيقة الوحيدة في حياتنا فلقد تقبلنا خبر وفاة المفكر العتيد محمد السيد سعيد بنفس راضية وقلوب خاشعة، ولكن ربما يصعب علينا قبول مزيد من الشعارات والمؤتمرات للحزن الوطني، فلقد كان الشيء الوحيد الذي التزم به الحزن الوطني طوال السنوات القليلة الماضية هو تنظيم المؤتمرات -سواء العامة أو السنوية- والتي يسبقها إعلانات ضخمة في جميع وسائل الإعلام وإطلاق شعارات براقة من عينة "بلدنا بتتقدم بينا" رغم تلال وجبال الرجعية والتخلف الذي دفع البلد لركوب قطار العودة والتأخر بينا، وكذلك "فكر جديد.. مستقبل بلدنا" رغم أن الفكر العتيق انتهك آدميتنا، وأحيانا كان يأتي الشعار مبشرًا بالخير ليقول أن "حقوق المواطنين.. أولاً" بالرغم أنها أخيرًا وآخرًا..
الشعارات فقط هي التي يحرص الحزن الوطني على إطلاقها كل عام، وكأنه يحتفل بعيد ميلاده وسط حفنة المنتفعين والمحتكرين والمرتزقين، ولكن تنفيذها لا يستحق بذل الجهد في ظل حملات النهب والسلب العام.
وحتى لا تكون الصورة في غاية القتامة والسئامة فلقد كانت آخر النكات الفكاهية التي تصدرت مشهد تنظيم المؤتمر السنوي هذا العام هي الإجراءات الاحتياطية التي يفرضها قيادات الحزب على المشاركين لعدم انتشار الإصابة بالفيروس الوبائي اللعين، فسوف يبذل قيادات الحزب قصارى جهودهم لمنع تسلل المرض الخنازيري إلى أعضاء الحزب الوطني المحصنين بالملاييني، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة في تطبيق تلك الإجراءات في المدارس وداخل فصول أولاد الفقراء وسكان العشش الصفيح والكراتيني..
http://www.copts-united.com/article.php?A=8537&I=229