د. ماجد عزت اسرائيل
بقلم: د. ماجد إسرائيل
- مهام البطريرك
البطريرك هو خليفة السيد المسيح ورسله، وحاكم في عقد شرعه، واسم البطريرك مأخوذ من مفهوم الأبوة، فمعناه الأب الأول ولذلك هو المسئول عن كل شيء.
وبالرغم من ذلك لا يمتلك اتخاذ القرار منفردًا، لأن الكنيسة القبطية تتميز –على مر العصور– بمسحة ديمقراطية لا تخلو منها عملية صنع القرار في هذه المؤسسة الدينية، فعلى الرغم من احتلال البابا قمة الهرم القيادي في المؤسسة الكنيسة وما له من قداسة دينية إلا أنه لا يستطيع الانفراد باتخاذ القرار.
ويرجع ذلك إلى أن البابا هو "رئيس الأساقفة" فهم الذين اختاروه –بعد مشيئة الله- وكرزوه، لذلك ينص في وثيقة تكريز البابا على لسان الأساقفة يقول: "لكي يرعانا بكل الرأفة والوادعة" ولذلك تعددت مهامه وهي كما يلي:
البطريرك يبارك ولا يُبارك عليه، ويرأس المطارنة والأساقفة (المجمع المقدس) وأن يعمل على حفظ الدين على أصوله، وقطع البدع، والحكم بالعدل، وإعطاء الرئاسات (الرسامات والدرجات الكهنتوية) لمستحقيها والقائمين بها، ومشورة أهل العلم والتعليم لشعبه والوعظ والتهذيب لأنه الرقيب عليهم بعد الله والمُطالَب بهم أمام الله.
فقد قال الله لحزقيال النبي: "إني جعلتك رقيبًا لهذا الشعب، تسمعه كلام فمي ليحفظه وينادى به من جهتي، في قولي للخاطي: إنه يموت بخطيته ودمه أطلبه من يديك (=مسئولاً عن هلاكه) فإذا أنت بدأت وعرفت الخاطي أن يتحفظ من مكانة السوء (الشر) ويزول عنه، فلم يزل عنه (تركه) فهو يموت بخطيته، وأنت تربح نفسك"(حز3:20).
ودعت قوانين الكنيسة وما تركه الرسل والآباء الرسولين من قوانين "بألا يربط أحد إلا ما ربطه الشرع، ولا يحل إلا ما حله الشرع"
(استخدام سلطان الحل والربط لضرورة الرحمة والعدل، وقد ورد في قوانين الآباء الرسل تحذير لهم بعدم استخدام المنشار الحاد الأسنان + عدم الظلم أو القسوة في الحكم).
والبطريرك أو الأسقف أو القس والشماس وكل من له طقس (رتبة) في الكهنوت، لا يدنس لسانه بلعنه (شتيمة) لئلا يرث اللعنة (غضب الله) بدلاً من البركة.
والبطريرك لا يتعال (يتكبر) على الأساقفة لأنه واحد منهم، والأساقفة على القسوس والشمامسة على الشعب لأن قيام الكنيسة ببعضها البعض.
والبابا هو المسئول عن انعقاد "المجمع المقدس" ورئاسته؛ لأهميته في إصدار القرارات كأعلى مجلس كنسي، ويجب عليه الاهتمام بالعمل المسكوني والسعي وراء وحدة الكنائس.
وهو المسئول عن إقامة الشعائر الدينية في كل رعيته؛ ولذالك فهو مطالب بتوفير الكنائس –بسبب زيادة السكان– لممارسة طقوس الكنيسة.
كما أنه مسئول عن صناعة "الميرون" ( الزيت المقدس)، ومن البطاركة الذين قاموا بذلك أكثر من مرة على سبيل المثال وليس الحصر قداسة البابا "شنودة الثالث" البطريرك (177) الحالي حيث قام بذلك أعوام (1981م/1987م/1993م/1995).
والبطريرك مسئول على المناطق التي تم رسامته عليها، فهو مطالب بعد اختياره واعتماد القرار الجمهوري بنشر الكرازة بها وهي الكرازة المرقسية (مصر) وكل إفريقيا وبلاد المهجر.
وعلى البابا رعاية أقباط المهجر في كل المسكونة بتنظيم لهم الزيارات الرعوية، وإقامة الكنائس والأساقفة؛ وإرسال كهنة يصلحون لهذه الخدمة، وترجمة القداس إلى اللغات المحلية الخاصة بهم.
على أية حال فهناك بعض الأمور التي يحق للبابا اتخاذ قراراته بشأنها مباشرة بحكم ما له من صلاحيات تخولها له القوانين والتقاليد الكنسية، منها إدارة الأوقاف القبطية، فالبابا باعتراف المصادر الحكومية "الناظر على أوقاف الأقباط والكنائس والأديرة" ينظر في شئونها المالية حسب ما يمليه عليه ضميره، ويذكر التاريخ أن هناك من حسنات بعض الباباوات التي ذكرت بعد نياحتهم في حسن التصرف المالي في الأوقاف وعدم الاعتداء على ميزانيتها، نذكر على سبيل المثال ما ذكره البابا "يوساب" البطريرك رقم (115) (1946-م1956) في رثائه البابا "يوأنس الثامن عشر" البطريرك رقم (107) ( 1769-1796م) عندما يقول عنه :"لم نره يحل وقفًا عن وقفيته ولا يحل وقفًا إلى وقف غيره، ولا يستبدل وقفًا بوقف غيره".
خلاصة القول، للبطريرك الحق في الإشراف العام والنظر في أملاك الكنائس والأديرة وأوقفها ودخلها ومعلقاتها، ويعمل برأيه، وأن بتابع أمور الأيتام، ويفوض من يثق في أمانته وديانته (أخلاقه) لرعايتهم، أو يزيل رئاسته (يفصله من الخدمة) عند ثبوت عدم أمانته..
http://www.copts-united.com/article.php?A=8485&I=228