فاضل عباس
بقلم: فاضل عباس
المتتبع للمشهد السياسي في الشرق الأوسط يلاحظ بوضوح انقلاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما على تصريحاته ومواقفه السابقة اتجاه عملية السلام والتي قادها السناتور جورج ميتشل إلى الجانب الاسرئيلي والتي ترتكز أساسا على وقف الاستيطان قبل استئناف عملية السلام ولذلك فان اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برعاية اوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى دعوة اوباما للوفد الفلسطيني والإسرائيلي المفاوض لزيارة واشنطن خلال الأيام القادمة هو مؤشر واضح على تراجع اوباما عن شرط وقف الاستيطان وخضوعه لرغبة نتنياهو في مفاوضات بدون شروط وهي حسب المفهوم الاسرئيلي تعني عدم وقف أو تجميد الاستيطان .
إن التقارير الفلسطينية العديدة التي تتحدث عن كون هذا اللقاء قد تم بدون رغبة حقيقية من الرئيس محمود عباس بالإضافة إلى تصريحات عباس المتكررة التي تتحدث عن رفض اللقاء لمجرد اللقاء الإعلامي فقط ومع التصريحات المتكررة من نتنياهو برفض خيار الدولتين يكون المشهد السياسي يسير باتجاه لقاءات بروتوكولية وإعلامية فقط لا طائل منها ولن تحقق السلام للمنطقة فلا يمكن للفلسطينيين القبول بشروط نتنياهو والتي هي في حقيقتها تساهم في تأزيم الوضع في المنطقة والتشجع على التطرف وترفض ضمناً حقوق الفلسطينيين المشروعة والتي تقرها المواثيق الدولية ، لذلك كان على الرئيس الفلسطيني ان يتمسك بمواقفه حيال المفاوضات مع إسرائيل.
إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة قد سارت على نفس الطريق وهو الخضوع لرغبة إسرائيل كما يفعل اوباما اليوم عندما يخضع لرغبة نتنياهو في مفاوضات بدون شروط تستهلك الوقت بينما الاستيطان الاسرئيلي يلتهم الأرض الفلسطينية ويغير الواقع على الأرض، ولكن كل الإدارات الأمريكية السابقة قد فشلت في تحقيق السلام أو إعادة الهدوء للمنطقة، ولذلك فان اوباما لن يستطيع تحقيق السلام بدون التوازن في العلاقة بين الفلسطينيين والاسرئيليين فما يحدث الآن هو انحياز إلى جانب إسرائيل ومواقف نتنياهو المتطرفة. فلا يمكن الحديث عن سلام في المنطقة بدون حقوق الفلسطينيين ولكن يبدو ان من سوء حظ اوباما ان يكون اليمين الاسرئيلي هو الحاكم في إسرائيل ولذلك فمن غير المتوقع حدوث تغييرات جوهرية في الشرق الأوسط حتي مع الخطة الأمريكية لعملية السلام المترقب إعلانها من اوباما قريباً والتي سوف يكون مصيرها كمصير خارطة الطريق والاتفاقيات الاخرى طالما إن اسرئيل لا تحترم هذه الاتفاقيات وخضوع الإدارات الأمريكية لرغبة اسرئيل وهو نفس الطريق الذي يسير عليه اوباما مند الإعلان عن انقلابه على مبادئه لعملية السلام التي أعلنها عندما تسلم الحكم.
فالقضية الفلسطينية هي أساس الصراع في المنطقة ولا يمكن الحديث عن تقدم في مستوى العلاقة بين الشعوب العربية والإسلامية والإدارة الأمريكية بدون الدولة الفلسطينية وعودة القدس واللاجئين ، فخطاب اوباما في جامعة القاهرة يوحي بالتفاؤل وهو خطاب تصالحي مع العالم العربي والإسلامي، ولكن خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يوحي بالتفاؤل ويقف مع اسرئيل ولا يتحدث عن الاستيطان، فالخطاب الأخير قد تراجع عن ايجابيات الخطاب السابق .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=8443&I=227