فضيحة... الحكومة المصرية تضحك على الفلاحين؟

مايكل فارس

كتب: مايكل فارس – خاص الأقباط متحدون
في واقعة مؤسفة تنذر على مدى التدهور الحكومي الذي وصلت له مصر؛ تلقى مركز الأرض شكوى العشرات من قرية صديق المنشاوي بدار السلام محافظة سوهاج مشروع مبارك لاستصلاح الأراضي يفيد أنهم استلموا مساحة 7.5 فدان منذ عام 1997 لكل خريج لاستصلاحها وزراعتها، رغم أنهم يقومون بالزراعة في ظل ظروف صعبة بالمنطقة حيث لا توجد مستشفى ولا صيدليات ولا طرق مرصوفة ولا صرف صحي ولا مياة شرب نظيفة ولا كهرباء ولا مخابز ولا أسواق ولا تتوافر مستلزمات الإنتاج الزراعي ولا أية وسائل أخرى تسهل حياتهم أو تمكنهم من الزراعة الآمنة مما يجعل حياتهم أشبه بالجحيم والسجن.
وقد فوجئ الشاكين بقيام الهيئة العامة لاستصلاح الأراضي بإصدار قراراتها بإلزام شباب الخريجين بدفع مبلغ يقدر بـ17 ألف جنيه باعتبار أن هناك فدانين من السبع فدادين ونصف سوف تبيعهم الهيئة كاستثمار، وقد هددتهم الهيئة في حالة عدم الالتزام بدفع مبلغ الـ17 ألف جنيه بأنها سوف تضاعف المبلغ وتطرد شباب الخريجين من أراضيهم التي استصلحوها وحولوا الصحراء إلى مناطق زراعية وبيعها للمستثمرين.
ويؤكد الشاكين بأن المنطقة التي تبلغ مساحتها حوالى عشرة آلاف فدان قد استصلح منها شباب الخريجين حوالي خمسة آلاف فدان وتم توزيع حوالي نصف المساحة على أصحاب النفوذ والفاسدين بالهيئة وذلك بعد أن قام شباب الخريجين باستصلاحها وزراعتها.

فوجئ الشاكين بقيام الهيئة العامة لاستصلاح الأراضي بإصدار قراراتها بإلزام شباب الخريجين بدفع مبلغ يقدر بـ17 ألف جنيهالجدير بالذكر أن القرية تقع على بعد أكثر من 5 كيلو مترات شرق مدينة دار السلام التي تبعد عن مدينة سوهاج العاصمة 65 كيلو مترًا، وقد بدأ العمل بها منذ اكثر من 24 عامًا ضمن مشروع لاستصلاح الأراضى بسوهاج لمساحة 10 آلاف فدان، وشمل المشروع إقامة قرية باسم الشيخ صديق المنشاوي تضم 850 منزلاً لتسكين شباب الخريجين.
وقد تم بالفعل تسليم 2700 فدان من أرض المشروع لعدد 360 من شباب الخريجين بواقع 7.5 فدان لكل خريج من إجمالى المساحة المخصصة لشباب الخريجين بالإضافة للمسكن، و1830 فدانًا للمضارين من قانون العلاقة بين المالك والمستأجر و460 فدان لصغار المزارعين وباقي المساحة تم توزيعها للمستثمرين، إلا أنه بالرغم من مرور نحو 13 عامًا على تسليم الأرض والمساكن للخريجين ما زالت تنعدم بها الخدمات مما أدى لهجرة معظم المزارعين وشباب الخريجين للقرية وعدم زراعة الأرض بالكامل بالإضافة إلى تزايد مشكلات الري وعدم القدرة على سداد الأقساط لبنك التنمية.

ويقول أحد الشاكين: "عندما تسلمنا الأرض عام 1997 كان الاتفاق بيننا وبين جهاز الخريجين على سداد قسط سنوى قيمته 550 جنيهًا للمنزل والأرض لمدة 30 عام، ثم فوجئنا بالجهاز يطالبنا بزيادة قيمة القسط إلى 1550 جنيهًا بالإضافة إلى مطالبتنا باقساط 10 سنوات سابقة وغرامات تأخير 14% لكل قسط"، ويتساءل.. "من أين لنا بكل هذه المبالغ الطائلة وقد بذلنا الكثير من الجهد وأنفقنا كل ما لدينا من أموال لتحويل الأراضي الصحراوية إلى زراعات".
ويقول آخر "تسلمنا الأرض مقابل التنازل عن الوظيفة في القطاع الحكومي العام أو الخاص، إلا أننا فوجئنا بمشكلة انقطاع المياة في أوقات حيوية من حياة النبات مما يؤدي إلى قلة الإنتاج الزراعي، مما اضطررنا للاقتراض من البنوك والجمعيات ونتعثر اليوم في السداد وتراكمت علينا الديون والفوائد، وكانت الطامة الكبرى عندما تم احتساب ثلث المساحة كاستثمار وأصبحنا نُعامل كمستثمرين من قبل الأجهزة الحكومية رغم تدهور أوضاعنا!!، فكيف يحدث ذلك وتقوم الهيئة من نفسها بتعديل بنود الاتفاق والعقد وأية ضمانات من هيئات حكومية تقوم بمثل هذا التعسف؟".

ويتساءل المركز.. لمصلحة مَن يتم كل ذلك؟ وكيف يمكن طرد مواطنين مصريين من أراضيهم الزراعية بعد أن دفعوا فيها كل ما يملكون لاستصلاحها؟ وكيف قامت وزارة الزراعة بتعديل بنود العقد الذي سلمت به المستثمرين الأرض والذي كان محدد فيه مساحة الأرض والثمن وطريقة سداده؟ وأي قانون يعطي أجهزة الدولة كل هذه السلطات لطرد المزارعين وإهدار حقوقهم؟ أليس من حق هؤلاء المصريين حيازة هذه الأراضي وزراعتها وكفالة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية بهذه المناطق بتوصيل الخدمات العامة لقراهم وتوصيل مياة الشرب النظيفة والصرف الصحي والكهرباء إلى منازلهم؟ أليس من حقهم أن ترصف الدولة لهم الطرق وتبني المستشفيات للتمتع بموارد بلادنا وكفالة الخدمات العامة للمناطق التي يعيشون بها؟.

ومن جانبه فقد تقدم المركز بشكاوى المزارعين لوزير الزراعة ومحافظ سوهاج لإلغاء قرارهم التعسفي بمطالبة المزارعين بمبالغ مالية غير مستحقة عليهم، ويعد المركز طعنًا أمام القضاء لإلغاء هذا القرار المتعنت والظالم.