د. ماجد عزت اسرائيل
بقلم: د. ماجد إسرائيل
- شروط يجب توفرها عند رسامة البطاركة:
أكد الكتاب المقدس على الشروط الواجب توفرها عند رسامة البطاركة أو الأساقفة فيقول: "يجب أن يكون الأسقف: بلا لوم، بعل امرأة واحدة، صاحيًا، عاقلاً، محتشمًا مضيفًا للغرباء، صالحا للتعليم، غير مدمن الخمر، ولا ضارب، ولا طامع بالربح القبيح، بل حليمًا، غير مخاصم، ولا محب للمال، يدبر بيته حسنًا، له أولاد في الخضوع بكل وقار. وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته، فكيف يعتني بكنيسة الله؟ غير حديث الإيمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة إبليس. ويجب أيضًا أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج، لئلا يسقط في تعيير وفخ إبليس" (1 تي 3: 1-7).
كما كان على أي أسقف أو قس أو شماس DEACON، وكل من له (رتبة) في الكهنوت، لا يدنس لسانه بلعنه (شتيمة) لئلا يرث اللعنة (غضب الله) بدلاً من البركة.
وقيل أيضًا "ولا يتعال (يتكبر) الأسقف على القسوس والشمامسة، ولا يتعال القسوس على الشعب، لأن قيام الكنيسة بعضها ببعض".
كما وجب على البطريرك والأسقف أن يكون كوكيل لله غير معجب بنفسه ملازمًا للكلمة الصادقة قادرًا على أن يعظ الناس بالتعليم الصحيح ويوبخ المنافقين.
- الشعب واختيار البطاركة
كما كان من شروط رسامة البطاركة والأساقفة موافقة الشعب على الانتخاب، وهذا ما أكده القديس "كبريانوس" والقديس "ثيؤفليس السكندري" وغيرهما من آباء الكنيسة، الذين أمروا بأن يتحقق قبل الرسامة عما إذا كان الشعب يرضى باختياره عن المرشح، ويؤكد الشعب ويبرهن على رضاه بترديده كلمة "أكسيوس" أي "مستحق" مرات عديدة خلال طقس الرسامة.
ولأهمية دور الشعب في اختيار البطريرك، أكد مجمع غرناطة سنة (306م ) على ألا يرسم أساقفة من خارج البلدة التي تم فيها حتى يكون معروفًا للجميع معرفة جيدة.
على أية حال، فإن رسامة البطريرك التي تم بدون رأي الشعب تكون ناقصة، وبذلك تكون باطلة.
وأكدت قوانين الكنيسة على التدرج الكهنوتي (السلم الوظيفي) من رتبة الاغنوستيس (القارئ) حتى رتبة البطريرك، لا بد وأن تكون كل منها بموافقة أفراد الشعب.
كما أكدت قوانين "ابن العسال" -الصفي أبى الفضائل بن العسال– التي تضمنها كتابه "المجمع الصفوي" على أن إقامة البابا البطريرك فرض على المؤمنين بالإجماع أي على كل الشعب، أو بتعبير أدق من يستطيع من الشعب أن يحسن التعبير ولاختيار والمفاضلة بين الأشخاص وانتقاء الأصلح منهم للقيام بالخدمة المرشح لها، وتسمى هذه المجموعة "بأهل الاختيار " -سوف نشير إليها في مقال منفرد– ويلزمهم القيام بهذه المهمة فإن تقاعسوا أو أخطأوا لزمهم الإثم.
وعلى مدار واحد وعشرون قرنًا من الزمان تؤكد قوانين الكنيسة أن إدارة شئونها لا يتم بشكل منفرد بل بمشاركة جميع أفراد الشعب القبطي بما فيهم القيادات الكنسية بدءًا من البطريرك وانتهاء بالقيادات الشعبية الكنسية.
بل أن الكنيسة القبطية تؤكد على مر العصور مدى التلاحم الشديد ما بين البطاركة والأساقفة والعلمانيين؛ ونذكر على سبيل المثال إصرار "الصفي بن العسال" على حضور أحد المجامع المقدسة لوضع تصوره ووافق البابا "كيرلس الثالث" المعروف في الكنيسة بـ (ابن لقلق) البطريرك (75) (1235-1243م).
خلاصة القول:
الأصل في اختيار البطريرك أو الأسقف هو رأي الشعب، الذي يتعين احترامه قبل أي شخص آخر.
ويذكر التاريخ أن الكنيسة القبطية قامت بممارسة الديمقراطية على مدى العصور (حق الشعب في اختيار رئيسه) ممارسة فعلية في كل مناحي شئونها.
- جماعة أهل الاختيار
وهي الجماعة التي حددتها قوانين المجامع المقبولة –في الكنيسة– وآراء العلماء لاختيار البطريرك، وتتكون من الأعيان (الأراخنة ) والأحبار (الأساقفة ) وأهل الطائفة (المذهب الديني).
- تعريف الأراخنة:
تعبير "الأراخنة" ليس معناه الزعماء السياسيين من الوزراء أو وكلاء الوزارات أو مديري العموم أو أعضاء المجالس النيابية أو كبار موظفي الدولة أو رجال القضاء أو في مستواهم، وإنما معناه كبار الأقباط (الأغنياء) الذين يفهمون أمور الكنيسة ويواظبون على حضور صلواتها وطقوسها ويتعمقون في دراسة عقائدها وتاريخها ومن ثم يمكن لهم قيادة الشعب وإرشاده في هذه الأمور.
- تعريف الأساقفة:
كلمة الأسقف محرفة عن اللغة اليونانية (EPISCOPUS=BISHOP)، وتعني المتعاهد (المسئول) أو المفتقد (الناظر) أو الراعي.
وأول أساقفة في الكنيسة، هم الآباء الرسل القديسين، ولكنهم كانوا أساقفة بالمعنى المسكوني وليس بالمعنى المكاني، وقد أطلق لقب أسقف على "السيد المسيح" لأنه "هو الراعي الصالح" (يو10:11).
- أهل الطائفة:
استخدمت –كلمة طائفة– اشتقاقًا من معناها اللغوي للدلالة على جماعة تمارس طقوس دينية مشتركة (جماعة المؤمنين) أي شعب الكنيسة، وربما كان هولاء ينوب عنهم قسوس الكنيسة؛ باعتبارهم مشاركون في الرسامة، أما باقي الشعب فكانوا يعبرون عن رضاهم بأن يهتفوا بعبارة "أكسيوس" أي "مستحق".
- الشروط الواجب توافرها في جماعة أهل الاختيار هي:
* أن يكونوا من أهل الإقليم (منطقة جغرافية، ومحدده إداريًا).
* منتظمون في ممارسة طقوس الكنيسة، ومعرفين لدى شعب الكنيسة.
* على معرفة بقوانين وطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
* أن يتمتعوا بالعدالة التي لا يشوبها هوى بوجه من الوجوه سوى تقوى الله تعالى.
* تحديد فترة زمنية مناسبة (يتخللها صوم جميع أفرادها) لاتخاذ القرار.
* على يقين بمعرفة من يستحق هذه الرياسة.
* أن يكون نظرهم يسوقهم على اختيار من هو الأفضل لخلاص نفوسهم وتدبير أمورهم، ولمن هو أسدى رأي للحكم بالعدل فيما بينهما.
* معرفتهم بوجوه استحقاقه لهذه الدرجة الشرفية.
* إرشادهم لما لعله يخفى عنهم.
* شمولية الآراء والتعاون فيما بينهم لاتخاذ القرار المناسب.
http://www.copts-united.com/article.php?A=8236&I=221