غَيْرة

زهير دعيم

قصة للأطفال بقلم : زهير دعيم
كثيرًا ما سأل أمجد الصّغير أمّه معاتبًا: متى سيأتي أخي جميل يا أمي ، إنّني أشتاق إليه ؟
وتضحك الأمّ قائلة : قريبًا يا بُني ، عندما يريد الله فهو الذي يعطي.... وتضيف ضاحكة : أتمنّى أن لا تندم ، وأن تُحبّه فعلا.
ويصيح امجد : بالأمس قلتِ لي قريبًا ، متى يأتي  "قريبًا" هذا.
ويرفع امجد عينيه نحو السماء وهو يقول : أرجوكَ يا الله ، أرسله سريعًا ، فأنا مشتاق جدًا  إليه.
وتضمّ الأم ابنها امجد ابن الخامسة إلى صدرها وهي تقول: ..سنرى هل ستحبه فعلا أم لا ...سنرى .

وجاء " قريبًا" ...جاء اليوم الموعود ، وجاء معه جميل ، الطفل الصغير ، الأسود العينيْن ، الحنطيّ  البشرة ، والذي تعيش البراءة في كلّ ذرة من ذراته.
حقًّا جاء جميل من المستشفى ، وعاد أمجد من المدرسة في ذلك اليوم متلهفًا ، ليجد العائلة كلّها تلتفّ حوله تلاعبه وتراقبه وتباركه. .

كم هو جميل هذا الجميل!!! قالت الجدّة أميرة وهي تطبع قبلة على جبينه .

وحملته الخالة وداد وراحت تناغيه وهي تقول : أنت الأحلى والأجمل في العالم .وزغردت العمّة وفاء ابتهاجا.
ويبتسم امجد من بعيد ، وهو يراقب هذه المشاهد ، فتنتبه الأم وتقوم إليه تعانقه:
بل أنت الأحلى يا أمجد ، أنت الأجمل  .
ويهزّ امجد رأسه مبتسمًا ويقول في نفسه :
إنّه صغير ، مغمض العنين ، ولا شعر على رأسه ، ولا
أسنان في فمه ، فماذا يُحبّون فيه يا ترى ؟!

وتمرّ الأيام وجميل يكبر وينمو ويناغي ، وأمجد ينطوي على نفسه، وقد قلّت شهيته للأكل ، وأضحى يبكي في كلّ صباح ، إنه لا يريد أن يذهب إلى المدرسة ، وفي كلّ يوم هناك  حجّة وسبب ، فاليوم يحسّ بوجع في بطنه ، وبالأمس في رأسه.
حاولت الأم إقناع صغيرها أنّها تحبّ الاثنين ، بل تحبّه أكثر لأنه الكبير والشاطر في صف البستان و....ولكن دون جدوى.

أدخلت الأم ابنها امجد في احد الأيام إلى غرفته لكي ينام وطلبت منه أن يصلّي كعادته قبل النوم ..فرفض ، فأصرّت  الأم أن يفعل
فشبك امجد يديه الصغيرتين ونظر إلى أعلى وقال : يا الهي ، أرجوك أن تأخذ جميلاً ، إنّنا لا نريده...إنه يُغلّبنا...خذه أرجوك.
وسحّت الدموع من عينيه..
وغرقت الأم في الضحك وهي تهزّ رأسها متفكّرة .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع