مايكل فارس
• عماد جاد: الدولة توظف التطبيع سياسيًا فتجدها تطلب من المثقفين التطبيع ومرة أخرى ترفضه.
• نورهان الشيخ: التطبيع على المستوى الشعبي اختياري ونسبي من شخص لآخر.
• أيمن عقيل: لا توجد أي مشكلة في استقبال مسؤلين اسرائيلين لأننا وقّعنا معاهدة سلام معهم. ويجب التطبيع لمعرفة الآخر.
• أشرف الدعدع: الهجوم لزيارة السفير الإسرائيلي رد فعل للهجوم الإسرائيلي على فاروق حسني لترشيحه لمنصب مدير اليونسكو.
تحقيق: مايكل فارس – خاص الأقباط متحدون
انقلبت الدنيا رأسًا علي عقب بعد استقبال الدكتورة هالة مصطفى "رئيس تحرير مجلة الديموقراطية التي تصدر عن مؤسسة الأهرام" السفير الإسرائيلي بالقاهرة، وكأنها أول صحفية تستقبل مسؤول إسرائيلي، فالدكتور عبد المنعم سعيد "رئيس مجلس إدارة الأهرام" بذاته استقبل سفراء إسرائيليين، ونقيب الصحفيين "مكرم محمد أحمد" بذاته ذهب لإسرائيل، وأنيس منصور وصلاح منتصر، ولم يحدث شيء..؟ فلماذا شنت الأهرام هجومًا على هالة مصطفي مع أن كبار الصحفيين زاروا واستقبلوا مسؤولين إسرائيلين في ظل وجود قرار من نقابة الصحفيين بمنع التطبيع مع إسرائيل؟، هذا وقد دعا فاروق حسني قبل ذلك موسيقار إسرائيلي في الأوبرا، الأمر الذي رفضة الكثيرون فيما رآه آخرون أنه طبيعي..
وقد انقسمت النخبة المصرية من يرى أنه ما من مشكلة مع التعامل الشعبي مع إسرائيلين وآخرون رفضوا بشدة، لذا أردنا معرفة ما هي أنواع التطبيع مع إسرائيل؟ ومتى يتم التحرك مع التطبيع أو ضده؟ وموقف الدولة والشعب من التطبيع؟ فكان لنا هذا التحقيق...
بداية أكد الأستاذ عماد جاد "خبير الشئون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" أن التطبيع مع إسرائيل يختلف من الناحية السياسية عنها من الناحية الشعبية، فمن الناحية السياسية هناك سفارات بين مصر وإسرائيل والعلاقة بينهما متاكملة مثل تبادل الزيارات واللقاءات بين المسؤولين الإسرائيلين والمصريين، أما شعبيًا فهناك موقف نفسي متراكم من التطبيع مع إسرائيل.
وأضاف أن اللبس يأتي من النخبة المثقفة في مصر حيث ينقسموا لجزئين، الأول يذهب لإسرائيل ويستقبل إسرائيليين، والجزء الآخر يرفض ذلك، والدولة توظف ذلك سياسيًا بمعنى في لحظات معينة تطلب من المثقفين الانفتاح على إسرائيل واستقبال مسئولين ومثقفين منها ولحظات أخرى تحجب ذلك، أي أنه لا يوجد تحريم للتطبيع بشكل مطلق، وضرب مثلاً على جمعية القاهرة للسلام التي أشرفت عليها وزارة الخارجية المصرية وهي جمعية مقاربة لجمعية "السلام الآن" في إسرائيل وعندما أدت جمعية القاهرة الدور المنوط بها تم إغلاقها.
وعن واقعة تحويل د. هالة مصطفى "رئيس تحرير مجلة الديموقراطية بجريدة الأهرام" للتحقيق أكد جاد أن هناك كثيرون من الوسط الصحفي ذهب لإسرائيل مثل صلاح منتصر ونقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد ولم يحدث شيء. والسؤال هنا.. متى تسمح بذلك ومتى لا تسمح؟ والإجابة هي توظيف سياسي لموقف معين تراه الدولة.
وعن أنواع التطبيع أشار إلى نوعين وهم:
تطبيع عن طريق العلاقات الرسمية، ويندرج منه 3 أنواع وهم تطبيع سياسي واقتصادي وثقافي.. أي بين الحكومات.
والنوع الآخر تطبيع شعبي، وهو في إطار الشعب والقطاع الخاص والشركات.
وأشار إلى قرار الجمعية العمومية من نقابة الصحفيين الذي يرفض التطبيع مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن هذا القرار يُنتهك باستمرار، فمثلاً في انتخابات إسرائيل هناك وفود صحفية مصرية تغطي الإنتخابات وهذا يُعد انتهاك للقرار فهو نوع من التطبيع وهناك صحفيين وباحثين مصريين زاروا إسرائيل!!
وتساءل.. لماذا قرار نقابة الصحفيين لا يطبق على الكل؟ فمن جهة عدم مساءلة بعض الصحفيين الذين استقبلوا إسرائيليين وسافروا لإسرائيل، ومن جهة أخرى يتم مساءلة آخرين استقبلوا إسرائيليين؟
وأكد أن مشكلة هالة مصطفى فجرتها جريدة الأهرام نفسها وليس جهة أخرى لذا فالموضوع مُوجة سياسيًا!
ومن ناحية أخرى أضافت الدكتورة نورهان الشيخ "أستاذ العلوم السياسية في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ورئيس مركز الدراسات المصرية الأمريكية بجامعة القاهرة" ان التطبيع عملية اختيارية على المستوى الشعبي وعملية نسبية من شخص لآخر ومؤسسة لأخرى، ولكن كدولة فمصر ملتزمة باتفاقية السلام مع إسرائيل.
وعن وضع نقابة الصحفيين قالت أن النقابة أصدرت قرار بمنع التطبيع وعلى الصحفيين عمومًا الإلتزام بذلك، ولكن التطبيق يختلف من شخص لآخر، ونبع موقف الرافضين من حيث الثقافة الشعبية لما حدث ويعتبرونه تطبيع مع إسرائيل من ممارسات إسرائيل ضد لبنان وفلسطين وما تفعله من قتل وتشريد لمئات بل آلاف الأسر، ونحن كمصريين متضامنين قلبًا وقالبًا مع لبنان وفلسطين فهم إخوتنا، لذا فإن أي انتهاك ضدهم يعتبر ضدنا.
وأضافت أنه مهما كان هدف زيارة السفير الإسرائيلي لجريدة الأهرام حتى وإن كان يريد عمل ندوة عن السلام فهؤلاء المسؤولين الإسرائيليين أو المؤسسات الإسرائيلية التي تدعو للسلام مكانها ليس في مصر بل في إسرائيل وحكومتها التي تحتاج لذلك وليس في أي دولة عربية أو مصر، فنحن لسنا معتدين عليهم كما أننا ننتظر رد فعلهم وما سيقدمونه من سلام من حكومتهم ومؤسساتهم..
ويرى أيمن عقيل "مدير مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية" أنه لا يوجد أدنى مشكلة في استقبال مسؤولين أو مثقفين إسرائيلين، فمصر وقّعت معاهده سلام معها والدولة نفسها تقوم بالتطبيع بشكل سياسي واقتصادي وهو ما يجب أن يحدث، لأنه لو أصبحت مصر على جانب وإسرائيل على جانب آخر دون حوار أو نقاش فلن يكون هناك حلول لكثير من المشاكل، وعلى الأقل يجب أن نتحدث إليهم من باب معرفة الآخر، ولكن ما يحدث في تحريك أو عدم تحريك ملف التطبيع يحدث إما لازدواجية في المعايير أو لثقل الشخص نفسه وشخصيته، فكثيرين من الصحفيين زاروا إسرائيل دون أن يتم إثاره تلك الضجة التي حدثت مع هالة مصطفى.
فيما يرى أشرف الدعدع "رئيس مؤسسة الانتماء الوطني لحقوق الإنسان" أن معاهده السلام بين مصر وإسرائيل كان من ضمن شروطها ان يتم تطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما حدث بالفعل وتمت بناء عليها اتفاقية الكويز التي تسمح بنسبة إسرائيلية في المنتج المصري ليتم تصديره، ومصر تصدّر الغاز لإسرائيل، ولكن علي الجانب النفسي والشعبي يتم رفض التطبيع نظرًا لما حدث في كثير من الملفات مثل الملف السوري والبناني والفلسطيني وما تقوم به إسرائيل ضدهم والتي لم توقف انتهاكاتها، لذا يروا أن إسرائيل تقتل وتنتهك حقوق البلاد ولا تفهم معنى السلام لذا فلا بد ألا نطبّع معها.
وأضاف أن المصريين سواء مسيحيين أو مسلمين يرفضون التطبيع وهو ما أعلنه البابا شنودة بأن المسيحيين لن يدخلوا القدس إلا مع إخوانهم المسلمين حتى لا يحسب علينا سلام دون مقابل.
وأشار إلى ازدواجية معايير في تحريك ملف التطبيع مع إسرائيل، فهناك من يطبّع على المستوى الشعبي ولا يتم محاسبته، وهناك من يطبّع مثل هالة مصطفى فيتم محاسبته، فتحريك الملفات يتم في أوقات معينة لأغراض معينة مثل ملف الأسرى المصريين عام 1956 فيتم فتحه في أوقات معينة وغلقه في أوقات أخرى.
وأوضح أن من الأسباب التي قد تكون وراء الهجوم على لقاء السفير الإسرائيلي الآن هو ما تقوم به إسرائيل من ضغوط دولية لعدم فوز المرشح المصري فاروق حسني لمنصب مدير اليونسكو، لذا فكان لا بد من الهجوم على استقبال السفير الإسرائيلي من جانب المعاملة بالمثل.
وتساءل.. هل يجب في المرحلة القادمة أن نستمر في ترديد عبارات العدو الصهيوني أم نحاول أن نجد آلية مشتركة للتعامل مع إسرائيل ووجود علاقات ثنائية مع إسرائيل بالرغم من وجود سفارات للدولتين، ولكن الذي يحرك المعايير هي الجانب النفسي. وذلك يرجع لمشكلة في الجانب المصري لعدم وجود استراتيجية تعامل واضحة مع إسرائيل.
http://www.copts-united.com/article.php?A=7737&I=209