نظرات ... وعبرات !
بقلم: طارق حجي
(1) يحتاج كل انسان لمصدرين للفخر والإعتزاز ( pride ) ... مصدر ذاتي ( personal ) ، ومصدر مجتمعي ( societal ) . فالإنسان الناجح صاحب الإنجازات يعتز بهذا النجاح ، فيتحقق له نصف الإشباع اللازم .وقد كتب فرويدك كثيرا عن ضرورة هذا الإشباع لسعادة الإنسان .أما النصف الآخر فيتحقق عندما ينتمي الإنسان لمجتمع ناجح. فالمواطن الألماني يشعر بإعتزاز بأن وطنه هو الذى قدم للبشرية المئات بل والآلاف من المنجزات ... وكما قلت ذات يوم فى محاضرة عامة ، فإن المواطن الألماني لا يحتاج لأن يغني كثيرا لألمانيا (كما نفعل نحن عندما ننتج مئات الأغنيات فى حب مصر) لأن السيارة المرسيدس تنوب عنه بالغناء لألمانيا وهى فى شوارع الدنيا كلها. ونفس الشيء يقال على الإنجليزي والفرنسي والأمريكي والإيطالي ... أما المواطنون المصريون ، فأغلبهم ليست لهم إنجازات شخصية ، كما أن مجتمعهم لا يقدم لهم ما يمكنهم الإعتزاز به إلا الماضي past والكلام الكبير big words والشعارات slogans. وكما أقول كثيرا : فإن مساهمة الشعوب العربية والإسلامية فى المنجزات العلمية منذ الثورة الصناعية فى أوروبا (منذ أكثر من 300 سنة) هى "صفر" " ZERO " ... وهذا النقص الشديد فيما يستطيع الإنسان أن يعتز به سواء من منجزاته هو او من منجزات مجتمعه تجعله يبحث عن شيء "يعتز به" ، فلا يجد إلا "الدين" ... فيجعله محور حياته ومحور إهتماماته ... بل ومحور أحاديثه . فبدون إعتزازه بدينه فإنه يكون فارغا من أسباب الإعتزاز تماما ، وهو أمر مدمر ....
(2) جلس بجواري صديقي الفيلســـــــوف الوجودي (ه . ع) الذى كنت أقرأ معه أعمال فلاســـــــفة الوجودية الكبار كيركيغــــــــارد ومارتن هايدغر وغبريل مارســــيل وألبير كامو وسارتر وسيمون دي بفوار منذ أربعين سنة ... جلس وهو يهمهم : هذا "العقل" يا صديقي وحش بدوي صحراوي رملي مفترس. عندما جاء لمصر منذ قرون ، قامت هى (أي مصر) بتدجينه وطلاءه بطبقة مصرية جميلة ... بإختصار ، قامت مصر برقائقها التاريخية بتهذيب هذا الوحش الذى جاءها وعليه غبار البادية ... فغسلته وذوقته وحضرته. خلال نصف القرن الأخير لم يعد بمقدور مصر الإستمرار فى تجميل الوحش ! لماذا ؟ لأنها كانت من الداخل منهكة بفعل جـــــرائم أبناءها خلال ستة عقود من الحكم غير الرشيد والجهل والفساد ، ومن الخارج مخترقة بقوة وفعل البترو دولار وثقافته .... حتى الحركات الصوفية التى كان كثيرون يعولون عليها ، هى الأخري زحف عليها تراب ثقافة البداوة وغبار الأعراب ، فأصبحت شديدة الضعف أمام الوحش الذى جاء هذه المرة مزودا بثروة لم تر البشرية مثيلا لها من قبل. نظرت لصديقي الوجودي بعد فراغه من كلامه وأنا أقول له : "لا تعليق .... فليس هذا زمن المنطق الوجودي".
(3) الولايات المتحدة وقطر يساندان الإخوان المسلمين فى مصر ... أما المملكة العربية السعودية فتساند المجموعات التى تشترك معها فى فهم الإسلام وأعني السلفيين (فدعوة محمد بن عبدالوهاب فى نجد فى القرن الثامن عشر كانت دعوة سلفية صرف). والآن ، وبينما يقول المراقبون لتوجهات الرأي العام فى مصر أن الإخوان يخسرون الكثيرين ممن صوتوا لهم سواء فى الإنتخابات البرلمانية (2011) أو فى الإنتخابات الرئاسية (2012) ، وفى ذات الوقت لا يجذبون مؤيدين جدد ، فإن شعبية السلفيين لا تنقص لأسباب لا تخفي عن أحد(أهمها التكلس الأيدولوجي) ... وهكذا ، فإن قراءة المشهد تقول أنه بينما ستبقي الولايات المتحدة (لاسيما بعد خدمات محمد مرسي الجليلة للأمريكيين خلال الصدام الإسرائيلي / الحمساوي الأخير (نوفمبر 2012) مساندة (مع قطر) للإخوان مساندة تصعد أحيانا وتهبط فى أحايين أخري، فإن إحتياج الإخوان للسلفيين سيزداد ... وهو ما سيعني إضطرارهم (الإخوان) لإرضاء السلفيين بإتخاذ خطوات عملية تقوم على الفهم السلفي للإسلام. وسيخط ذلك نهاية المرحلة الإخوانية . ولكن الزمن الذى ستأخذه هذه العملية يتوقف على مدي قدرة التيارات المدنية على أمرين : (1) الإتحاد وإنهاء حالة تشرزمهم الراهنة ... و (2) طول النفس والصمود
(4) لا أعرف سببا واحدا يمنع "محمد مرسي" من أن يكون "ناصريا" : فقد كان والده أحد الفلاحين المعدمين الذين حصلوا (من يد جمال عبدالناصر) على خمسة فدادين ليتحول من عامل زراعي لمالك لأرض زراعية ... وبسبب إتاحة الفرصة لأبناء الفلاحين ليتعلموا ، فقد أكمل تعليمه ، وكان معرضا بدون جمال عبدالناصر لأن يعمل بعد الإبتدائية فى مهنة بسيطة ... وبسبب نظام اسسه جمال عبدالناصر فقد حصل على منحة لدراسة الماجيستير والدكتوراة ... بعد كل ذلك يقف محمد مرسي ويستعيذ بالله من الستينيات !!! وهي نفس الستينيات التى بدونها لما وصل لقصر الرئاسة وإنما لمحل سباكة أو كهرباء لمدينة الحرفيين شمال شرق القاهرة.
(5) لو وقف الرجال لخمسين ألف سنة يعتذرون للنساء عما فعلوه بالمرأة ، لما كان ذلك كافيا ! ولا أجد وقاحة فكرية تفوق قيام الرجال بوضع التشريعات التى تخص المرأة - الشاعر الفرنسي الشهير بول إيلوار
نقلاً عن الحوار المتمدن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=77300&I=1364