المستشار نجيب وهبه
بقلم: المستشار نجيب وهبه
إنّ الأمم القديمة كانت تحجب الفتيات إلى عهد زواجها. فإذا تَزوَّجْنَ أسفرن عن وجوههن، ولنا في ذلك شواهد في سفر التكوين (65:24).
على أن صاحب شريعة عمَّم ذلك وفرض به على جميع النساء مطلقًاناهيًا عن سفور وجوههن إلا بإزاء أقاربهنَّ الأدنين، وهذه سنَّتُهم إلى يومنا إلا من تقلدوا الآداب العصرية واعتبروا الحجاب باخسا من قدر النساء.
وما لا شك فيه أن عرب البادية في شبه الجزيرة العربية لا يُحجًّبُون نساءَهم، تلك عادة جروا عليها منذ القديم، وما القناع والخمار إلا أّكسية كانت نساؤهم يسترن بها رؤوسهن دون الوجوه وعلى الأقل دون العيون وورد بين الشروح: "لا يلبس البرقع إلا الحسان لأنهن يٌحبْبن أن تٌرى وجوههن منها لحسنها. والقباح تلبس الوصاوص ذا خرق على قدر العين يُنظر فيه حتى لا تُرى وجوهها لقبحها".
وهكذا كانت نساء العرب تفعل إذا كانت جميلة بل نبذت كثير من النساء الحجاب كما روى المؤرخون. أخبر (الصفدى في شرح لاميًّة العجم 68:1) كانت عائشة بنت طلحة لا تستر وجهها بشيء فلما دخل بها "مصعب" كلًّمها في ذلكفقالت إن الله عزّ وجل قد وسَمنى بوَسْمن جمال فأحببتُ أن يراه الناس والله ما في وصمةٌ أستتر لها".
ما الذي يجب ستره من البدن عن الأنظار للأخلاق؟
في الآيات التي ذكرها بولس الرسول في رسالته الأولى لأهل كورنثوس (11: 17:3) يكتشف المرء قراءة متقدمة لمفهوم المرأة أساسها ضرورة إعمال العقل في الدين والتركيز على مصادره. تركز الآيات على دور التربية ودور الرجل في توضيح معالم العلاقة بين الجنسين.
أرجو من السادة الرجال أن لا يتهموني بخرق النظام وفرار النساء من سجن الحجاب، إنما أنا أخوكم خلقني الله حُرَّا. لا أخشى في سبيل الحق لومة اللائمين. أنظرُ الحجاب سجنًا منافيًا عدل الله، والله أرسل النساء سافرات إلى الحياة والنور.
ولدى تحكيمك للعقل ترجح ما أرى فتفعل وتقول: "الدين حلل ما حلل وحرم ما حرم أما الرجل فحرم الحلال وحلل الحرام".
أما أنا فقد أتيت بأشد ما منحنى الله وحرية التفكير من قوة. أثبت أن المرأة ما خلقها الله عاجزة ولا ناقصة عقلاً ولا دينًا وأن الحرية الصحيحة هي بعكس ما يظن الجهلة والسفهاء، وأثبت أيضًا أن الحرية قد لا تؤخذ أخذًا بل تُعطىَ.
التمس منكم يا من تنادون بالحجاب والنقاب أن تحرروا أفكاركم من البدع والأباطيل وتأثير العادات.
من الخطأ الشنيع أن يظن الإنسان أن الشريعة في القرن السابع تصلح لكل تفاصيلها للتطبيق في القرن الحالي، ذلك بأن اختلاف مستوى مجتمع القرن السابع عن مستوى مجتمع القرن الحادي والعشرين أمر لا يقبل المقارنة.
ما جاء في كتابنا المقدس المساواة التامة بين الرجال والنساء، والمجتمع المنعزل رجاله عن نسائه ليس أصلاً في المسيحية، كما أن الحجاب ليس في المسيحية والأصل السفور.
الحجاب في المسيحية ليس نقابًا أو حجابًا، ولكنه باب أو ستر يحجب من في الداخل ويفرض على الداخل الاستئذان.
المجتمع النسوي في النصرانية في العصر الجاهلي كان مجتمعًا محتشمًا ولكنه لم يكن منقبًا.
http://www.copts-united.com/article.php?A=7486&I=203