ماهر ميشيل
بقلم: ماهر ميشيل
زحف كثير من المسيحيين بأعداد غفيرة إلى شواطئ المصايف، مستغلين فرصة صوم رمضان لإخوتنا المسلمين مما يجعل الأسعار في السكن تنخفض لأكثر من النصف، فهي فرصة للمصيف والفسحة بأسعار قليلة.
لكن بعيدًا عن الجهة الاقتصادية للمصيف في رمضان، تظهر ظاهرة اجتماعية أخرى وهي أن المسيحيين والمسيحيات يشعرون بحرية أكثر فتجد الملابس سواء على الشاطئ أم في الشوارع مساءًا أكثر حرية من الأيام العادية. فتلبس البنات الشورتات والكت بحرية ولا وجود لظاهرة المعاكسات رغم ذلك فيشعرون بأنهم في بيتهم. الكل يحترم الكل وينظر الرجل أو الشاب للبنت على إنها أخته ويحافظ عليها ولا يقدر أن يسيء إليها.
إنه ليس مجتمع الملائكة، لكنه مجتمع حسب وجهة نظر البعض خالي من النظرة الجسدية للمرأة أو إنها فقط وسيلة للمتعة، مجتمع الحرية كل يعمل ما يراه مناسب من وجهة نظره ولا ينظر نظرة الكفر أو التجريم لغيره، فكل شخص في حالة.
لكن تباينت وجهة نظر المسيحيين أنفسهم في هذه الظاهرة، فقد كان لي تجربة في أوائل شهر رمضان في رأس البر ووجدت عدة أراء متباينة على ظاهرة الحرية هذه، وبالمناسبة رأس البر لم تكن للمسيحيين فقط خلال فترة تواجدي لكن يوجد بعض المسلمين والمسلمات لكن أقلية والكل يعيش في جو أسري جميل. أعتقد إن هذه مصر منذ الستينات.
إحدى هذه الآراء أن البنات المسيحيات أفسدن المصايف (نجسوها)، فكون البنت تنزل البحر بشورت أو تمشي في الشوارع مساء بنفس المظهر هذا في وجهة نظرهم نجاسة نجست رأس البر، فلم يعد مكان طاهر بسبب البنات المسيحيات الفاسقات!! فهن ينشرن في الأرض فسادًا بهذا المظهر الغير لائق.
وهناك وجهة نظر أخرى للمسيحيين في أنفسهم تقول: إن البنات المسيحيات أسأن للمسيحية وأعطوا صورة سيئة عن المسيحية للعالم بسبب ملابسهم هذه ولابد من هذه الظاهرة من التغيير، ورغم ذلك أصحاب هذا الرأي يذهبون هم أيضًا للمصايف!! ولابد –حسب وجهة نظر هذه الفئة– للرجوع للملابس الحشمة التي تغطي الجسم لكي لا نسيء للمسيحية في شيء.
وهناك وجهة معتدلة –حسب رأيي– تقول إن البنات المسيحيات انطلقن في المصايف وعاشوا جو من الحرية مفتقدين إليه في مدنهم، وإن كل واحد يسلك كما يريد ولا يوجد لأحد حكم على الآخر طالما لم يكن هذا اللبس مؤذي لعيون الآخرين. فلا تدين نفسك فيما تستحسنه ولا تدين غيرك فيما يفعله، هذا الجو النقي من الاحترام المتبادل لحريتي وحرية الآخرين.
لا تقاس النجاسة بحسب المظهر الخارجي، فلا أستطيع أن أحكم على شخص أنه طاهر أو نجس من مجرد لبسه، فالقبور مبيضه من الخارج لكنها مليئة بالعظام النتنة من الداخل وليس ما يدخل الفم ينجسه لكن الذي ينجس الإنسان هو أفكار الزنا والنجاسة والطمع والهوى الشريرة، فالنجاسة هي نجاسة الفكر.
الحشمة، كلمة الحشمة لها مفهوم مختلف من مجتمع لآخر ومن شخص لآخر، فما أراه أنا عادي وحشمه قد تراه أنت غير ذلك، وما يراه مجتمع إنه عادي وطبيعي يراه مجتمع آخر منتهى الفسق والفجور، فالحشمة كلمة يختلف في تعريف مظهرها شخص مع آخر ومجتمع مع مجتمع آخر.
أخيرًا أحب أن أختم مقالتي هذه بعبارة للمفكرة والكاتبة وفاء سلطان، في لقاء لها في إحدى القنوات قالت: إن الحشمة هي حشمة العقل ولن يحمي جسدي الغطاء الذي أضعه عليه، فيمكن أن أكون تحت خيمة وأسلك سلوك يسيء إلى جسدي لكن الحماية الحقيقية لجسدي تحدث عندما يتفتح عقلي وأعرف كيف أحافظ عليه، هذه الحشمة الحقيقية.
http://www.copts-united.com/article.php?A=7468&I=202