كل سنة وانت طيب

أيمن فايز عطية

بقلم: أيمن فايز
هذه الكلمات عادة تُتلى على مسامعنا في الأعياد والمناسبات الجميلة، كنتُ في إحدى المصالح الحكومية قبيل شهر رمضان لأستخلص أوراق خاصة بي، وإذ بالموظف المختص يهمس ويقول لي: كل سنة وانت طيب، بهمس كدغدغة العاصفير، فأجبت وحضرتك طيب.
ولم أفهم إيماء هذه المجاملة بل هي شفرة بما تحمله الجملة في طياتها لإعطاءه ما فيه النصيب.
فكنتُ رجعي متأخر لا أفهم مفردات وكلمات قاموسنا المعاصر من كلمات معاصرة كما يطلقون عليها اليوم.
بل ما انتابني من تغييرات طرأت علينا بالسنوات الأخيرة مصاحبة لشهر رمضان من مظاهر كانت بالأمس فرح وعبادة ومودة بين الجيران مسيحيين ومسلمين، فقد زاد عدد الذين يتلون القرآن بالمواصلات ولا يتلونه في باقي الشهور وكأنه لأول مرة يُكتشف.
والذين يتلون كأنهم في سباق مع الكلمات في مسابقة أحسن عدّاء، فإنني لست بمعترض على تلاوة القرآن بل على التمثيل به وعدم التقدير له في الوقت المناسب والمكان المناسب، بل تطور إلى أن يُسمع بالموبايل، وإنني لست بكاذب إذا قلت ما يقرب بعربة واحدة بمترو الأنفاق والمرافق الأخرى لا يقل عن خمسة و ثلاثون فرد يسموعون بصوت عال مع اختلاف النصوص، فأصبحنا نجاري الوسائط المتعددة.
بل أيضًا نجد الذين يحملون السبح باختلاف أطوالها وكأننا في مسرح لعرض آليات الصيام.
بل أيضًا تسلحنا بغزو الفضائيات والمسلسلات الرمضانية وأصبح مسلسل لكل صائم.
بل تكثر الإعلانات التي تُحث على استخدام الهاتف المتنقل بأرخص الأسعار في فترة شهر رمضان لكي نكثر الحديث بدلاً من أن نختلي بالله وعبادته.
بل تسلحنا بشراء و تخزين أكبر سلع معمرة للبطن خوفًا من أختفائها بدلاً من تقليلها والشعور بالفقير المُعدم.
بل أصبحنا في صراع مع موائد الرحمن التي تُعلن عن أصحابها، وكأنها حملة لانتخابات قادمة تعلن عن المرشحين لصالح الفقراء لإعطاءهم أصواتهم بدل من الزكاة في الخفاء بل جهرًا.
بل كثر الذين يصلون أثناء عملهم، ونسمع القول الشهير "أللهم إني صائم" وكأنها جملة مسبقة تبشر عن عدم العمل في المستقبل القريب بترخيص رسمي، وتتراكم مصائر المواطنين حتى إشعار آخر بعد شهر رمضان.
بل تكثر أصوات الميكروفونات في الأحياء في سباق مع أعلى صوت حتى لا نميز من أين يأتي هذا الصوت أي الصلاة.
ناهيك أيضًا عن بورصة الشحاذين وأحدث طرق لجذب عاطفة العاطي.
هل يعقل أن دولة تغير التوقيت الشتوي بسبب حلول شهر رمضان ونختلف عن التوقيت الدولي ويكون لنا السبق بتوقيت ملاكي؟

فإنني أتساءل:
هل يكثر الصرف في الصوم؟
هل يكثر التلاهي والملاهي في الصوم؟
هل الصوم يجعلنا لا نؤدي عملنا لكوننا سهرانيين للسحور؟
هل أصبح شهر رمضان شهر أجازة مدفوع الأجر وخالي من الضرائب و الدمغة؟
هل الصوم يجعلنا نغيير التوقيت الشتوي مبكرًا؟
إلى متى يكون الدين خارجًا عنا و ليس فينا؟

كل سنة و أنتم طيبيين
أيمن فايز