إسحاق إبراهيم
تقرير: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
أثار إعلان المجلس الأعلى للآثار عن ترميم بعض المعابد اليهودية المصرية جدلاً واسعًا في ظل سعي وزير الثقافة لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو من جانب، ووجود تيارات ثقافية معارضة لكل ما هو يهودي من جهة أخرى. فما عدد المعابد اليهودية؟ وهل لليهود ممتلكات أخرى في مصر؟ وكيف تتعامل معها الحكومة المصرية؟
في البداية يقول د. مختار الكسباني مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار: أن المجلس ينفذ حاليًا خطة لترميم بعض المباني التراثية من ضمنها معبدان يهوديان، في إطار خطة تطوير مشروع القاهرة التاريخية. ونفى الكسباني وجود ضغوط أجنبية من الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل وراء ترميم المعبدين كما يردد البعض، وكشف أنه كانت هناك ضغوط صهيونية وأمريكية لإنشاء متحف للتاريخ اليهودي في مصر إلا أن الفكرة قوبلت بالرفض لأنه لا يوجد آثار يهودية في مصر تكفي لعمل متحف لها.
وعلق الكسبانى بقوله: إذا كان لا يوجد لليهود تراث في فلسطين فكيف يكون لهم تراث يكفي لعمل متحف لهم بمصر؟!
من جانب آخر يرى البعض أن الإعلان عن أعمال الترميم في الوقت الحالي يأتي في إطار خطة الوزير لتحسين صورته أمام الرأي العام العالمي قبل انتخابات اليونسكو الشهر المقبل. وأن الوزير يحاول الرد على الحملة التي قام بها اليهود ضده عقب تصريحه الشهير بحرق الكتب اليهودية أن وجدت في دار الكتب المصرية ويدلون على ذلك بأن الوزير قام من قبل باستضافة عازف البيانو والمايسترو العالمي "دانييل بارينبويم" في الأوبرا رغم أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية، وكذلك قيام المركز القومي للترجمة بترجمة كتابين إسرائيليين.
في نفس السياق قامت صحيفة لوس أنجلوس تايمز بتسليط الضوء على أسباب ترميم الحكومة المصرية لمعبد موسى ابن ميمون "ميمونيدز" بالحي اليهودي القديم بالقاهرة؛ وتساءلت: هل هذا الترميم محاولة للحفاظ على الإرث التاريخي أم جزء من سياسيات العالم الحديث الثقافية؟
تقول الصحيفة: إنه على الرغم من أن معظم المصريين يعارضون الجهود الرامية إلى ربط دولتهم بالتراث اليهودي أو الإسرائيلي، إلا أن ترميم المعبد اليهودي فسر على أنه محاولة من قبل وزير الثقافة "فاروق حسني" المرشح لمنصب مدير عام اليونسكو للحصول على الاعتراف الدولي وضمان عدم اعتراض إسرائيل على رئاسته لهذه المنظمة.
ومن ناحية أخرى، تشير الصحيفة إلى أن "زاهي حواس" الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أكد أن أعمال الترميم ما هي إلا استجابة للادعاءات التي تقول إن مصر لا تحمي الآثار اليهودية الموجودة داخل أرضها، وهو ما يؤثر بالسلب بدوره على مساعي وزير الثقافة للفوز برئاسة اليونسكو.
وقال حواس في مؤتمر صحفي بالمعبد هذا الأسبوع: «نحن لا نرمم الآثار اليهودية لأن "فاروق حسنى" مرشح لمنصب مدير عام اليونسكو».
وأضاف «ما كتب للنيل من حسنى وترشيحه لليونسكو عيب، ولم يحدث في أي دولة أن يتم ترميم هذا الكم من الآثار اليهودية والإسلامية والقبطية في وقت واحد»، مؤكدا أن وزير الثقافة، «مهتم» بالآثار وتسجيلها لأنها تراث مصر.
ووصف حواس وزير الثقافة بأنه «أهم المرشحين لليونسكو لأنه رجل مثقف ومتعلم وبه كل المميزات المطلوبة للمنصب» وقال «نحن لا نرمم معبد موسى بن ميمون أهم المعابد اليهودية في مصر بسبب اليونسكو، فالترميم بدأ قبل عامين داخل حارة لا يمكن أن يدخلها أحد».
ولفت حواس النظر إلى أنه دائم التشاور مع الطائفة اليهودية في مصر لمعرفة طلباتهم حول الآثار التي يجب ترميمها.
تنقسم أملاك اليهود في مصر -حسب ما ذكرته رئيسة الطائفة اليهودية في القاهرة كارمن وينشتاين- إلى ثلاثة أنواع:
- المعابد: حيث يوجد في القاهرة نحو 21 معبدًا يهوديًا أشهرها معبد القرائين في العباسية. ومعبد موسى بن ميمون ويقع بدرب محمود بحارة اليهود بالموسكي، ومعبد بوابة السماء بشارع عدلي -المعبد الحالي لممارسة الشعائر اليهودية- أحد المعابد اليهودية التي تجرى به عمليات ترميم وصيانة، وتم ترميمه أول مرة عام 1980 بواسطة المجلس الأعلى للآثار بمشاركة المركز الثقافي الإسرائيلي والطائفة اليهودية في مصر، كذلك تم ترميم معبد بن عيزار اليهودي بمصر القديمة وتحويله لأثر ومزار سياحي، وقامت مصر بترميم بعض المخطوطات الأثرية اليهودية بمصر.
والنوع الثاني: هو الجبانات وأهمها جبانة البساتين، ومقابر أبو السعود في مصر القديمة.
أما النوع الثالث: يضم عددًا من المدارس منها مدرسة الحسينية للتعليم الصناعي والأهرام للتعليم الصناعي بمنطقة العباسية إلى جانب مدرسة النصر بحي باب الشعرية.
وتشير التقديرات إلى أن أعداد اليهود بشكل عام في مصر حتى عام 1947 كانت تتراوح ما بين 64 ألفًا و75 ألفًا، وأصبح عددهم حاليًا لا يتعدى مائة شخص متفرقين بين القاهرة والإسكندرية ومعظمهم من كبار السن.
تجدر الإشارة إلى أنه يثار من وقت لآخر مصر قضية أملاك اليهود في مصر، مثلما حدث عام 1998 عندما تفجرت قضية قتل إسرائيل للأسرى المصريين عام 1967؛ فأثارت إسرائيل وقتها قضية أملاك اليهود بالإسكندرية، أيضًا أثناء مباحثات التسوية السياسية في عهد الرئيس السادات. وبعد توقيع اتفاقية السلام مارس 1979 بدأت سلسلة من المطالبات باستعادة ما أدعاه البعض بأنه أملاك الجالية اليهودية، وهو ما تجاهله الرئيس السادات في حينه. في عهد الرئيس مبارك استمرت المطالبات فأصدر قرارًا بأن الأملاك اليهودية في مصر ملك فقط لأبناء الطائفة اليهودية المصريين المقيمين في مصر.
وترى د. إيمان مرعى باحثة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام: أن اليهود من ذوي الأصول المصرية في إسرائيل وخارجها كثفوا من عقدهم للمؤتمرات التي تبحث ملف أملاكهم في مصر، إذ شهدت مدينة حيفا عام 2006 مؤتمرًا كبيرًا تحت عنوان "استرداد أملاك اليهود في مصر" بحضور نحو مائتي يهودي هاجروا من مصر في الخمسينيات من القرن العشرين، ويهدف المؤتمر إلى إنشاء قاعدة بيانات لتوثيق الزواج في الديانة اليهودية التي كان يشترط فيها كتابة التواريخ ونسب العائلة ومكان إقامتها وأملاك الزوج وإرث الزوجة وأغلبها كتب باللغة العبرية.
وقد صدر بيان عن المؤتمر يحث الحكومة الإسرائيلية على مطالبة السلطات المصرية بتعويض اليهود المصريين عن أملاكهم الضائعة في مصر والتي تركوها خلفهم عند هجرتهم إلى إسرائيل.
كما عقدت "الجمعية التاريخية الأمريكية لليهود المصريين" مؤتمرًا في إسرائيل، تحت عنوان "النزوح الثاني لليهود المصريين" تحت زعم الاستماع إلى الشهادات الشخصية لأفراد من عائلات يهودية عاشت في مصر، وهي الشهادات التي جمعت بناء على توصيات مؤتمر حيفا وهدفت الجمعية من وراء ذلك جمع وثائق وبيانات لاستخدامها في رفع قضايا ضد الحكومة المصرية والمطالبة بتعويضات كبيرة. وتم تشكيل عدة لجان من يهود الولايات المتحدة الأمريكية من ذوي الأصول العربية لتلقي التقارير من اليهود العرب المهاجرين إلى الولايات المتحدة بشأن ما يزعمون أنها ممتلكات تركوها وراءهم وهاجروا، وانتهت هذه اللجان إلى تقدير تلك الممتلكات بما يزيد على ستة مليارات دولار.
http://www.copts-united.com/article.php?A=6671&I=181