أسلمة أوربا والارتداد وأشياء أخرى

مجدي جورج

بقلم: مجدي جورج
كنت قد كتبت مقالة سابقًا حول تمكن القاعدة من استقطاب بعض الأوربيين للعمل معها وفي داخل أوربا والسبب في ذلك هو سهولة تحركهم داخل بلادهم أفضل من العرب والمسلمين المهاجرين والسبب الآخر هو الرقابة التي فرضت على العرب والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر فأصبح حصولهم على التأشيرة الأوربية ليس سهل المنال كما كان يحدث سابقًا.
وقد ذكرت في هذا المقال كيف تتمكن القاعدة من تجنيد هؤلاء وكيف تستقطبهم من مبادئ وقيم تحضهم على حب الحياة والناس إلى مبادئ وقيم تحضهم على قتل الحياة والناس، ومن مبادئ تقول لهم أن الجهاد في سبيل الخير والحياة أسمى الأماني إلى مبادئ تقول لهم أن الجهاد والموت أسمى الأماني!
وأسباب نجاح القاعدة في استقطاب هؤلاء الآتي:
1- إن غالبية الدول الأوربية وبسبب النظام العلماني ينشأ الطفل فيها كنبت بلا جذور، فلا الوالدين يهتمان بتعليمه بعض القيم الدينية (حيث رد عليّ أحدهم عندما سألته عن ذلك أنه يترك الحرية لابنه كي يختار ما يناسبه من مبادئ وأفكار وأديان عندما يكبر) ولا المدرسة تستطيع فعل ذلك حيث يحرم عليها ذلك ولا الكنيسة التي تم إقصائها وإخصائها تستطيع فعل ذلك أيضًا، لذا فإن هذا الطفل عندما يكبر يسهل استقطابه وزرع أي فكر فيه.
2- إن القاعدة وغيرها من المنظمات المتطرفة تلعب على ورقة الحرية التي يتمتع بها الشاب الغربي، فهذه الحرية التي بلا قيود جعلت هؤلاء الشباب يبحثون عن أي قيد يضعونه على أنفسهم، فهم قد رفضوا الحرية الممنوحة لهم كأفراد ويريدون أن يُساقوا في مجموعة كما تُساق الشاة وسط القطيع، لذا يسهل التأثير على هؤلاء واستقطابهم خصوصًا المتواجدون بالقرب من أي تجمعات إسلامية.
3- إن القاعدة تعمل أيضًا بجد وجدية وسط المجموعات المهمشة والمغبونة في الدول الغربية، ودليلنا على ذلك هو ما حدث مع ريتشارد ريد الإرهابي البريطاني الذي حاول تفجير أحدى الطائرات المتجهة لأمريكا بإخفاء المتفجرات في حذائه، حيث تم أسلمة هذا الشاب في أحد سجون بريطانيا.
4- إن القاعدة لا تحاول استقطاب الشباب فقط بل أيضًا تستقطب الفتيات باللعب على وتر الزواج والاستقرار، وهذا ما حدث مع الفتاة البلجيكية التي ذهبت إلى العراق لتفجير نفسها في القوات الأمريكية هناك وذلك بعد زواجها من شاب عربي مغترب ببلجيكا.

ما ذكرني بهذه المقالة هو الفيلم الذي شاهدته على الإنترنت حول أسلمة أوربا والخوف الذي يجتاح الكثيرين بسبب هذا الأمر:
http://www.youtube.com/watch?v=zcRxJbAHhYc

ولكني بكل صراحة لم أخف ولن أخاف ولم أنظر للوضع هذه النظرة التشاؤمية ولا أخاف من انتشار الإسلام في أوربا حتى بيت الأوربيين أنفسهم، ولديّ أسبابي التي يمكن أن أوجزها في الآتي:
1- إن نوعية الأوربيين الذين يُقبلون على الإسلام ويعتنقونه كما قلت سابقًا هي نوعيات كما ذهبت للإسلام بسهولة يمكن أن ترتد عنه بمنتهى السهولة، وخير مثال على ذلك قصة الفرنسي روبير ريشار الذي كان يُلقب في المغرب بأبو عبد الرحمن، والذي ترك بلاده فرنسا ذاهبًا إلى تركيا وأفغانستان وباكستان وتعلم العربية ودرس الفقه الإسلامي ولم يعتنق الإسلام فقط بل اعتنق الفكر الجهادي التكفيري وقام بعلميات إرهابية بل رأس أحد الخلايا الإرهابية التي أُستخدمت الترهيب والتفجير في طنجة بالمغرب، حتى أُلقي القبض عليه فبدأ في مراجعة نفسه ومراجعة ما فعله فارتد عن الإسلام كما يقول كاتب المقال الذي جاء بجريدة القدس العربي بتاريخ 12/8/2009:
"الجدير بالذكر أن آخر أخبار الفرنسي روبير ريشار أنطوان تفيد بارتداده عن الإسلام وتحوله إلى المسيحية، بعد ست سنوات من الاعتقال فقد نقل عن السجين المذكور قوله أنه قرر الخروج من الإسلام واعتناق الكاثوليكية مجددًا، بسبب الصدمة التي قال أنه تعرض لها طيلة اعتقاله، وما أسماه بالمراجعة التي قام بها للإسلام."
والأفعال التي تقوم بها القاعدة ويقوم بها الإسلاميين كما كانت سببًا لمراجعة روبير ريشار لنفسه فإنها ستكون عامل قد يساهم في إيقاظ الأوربيين من السبات والنوم المستغرقين فيه منذ زمن طويل، ليس لمواجهة الغير وإشعال حروب مع الآخر حول العالم ولكن من أجل مواجهة النفس بالحقيقة المرة وهي ضرورة الرجوع للقيم الدينية التي تم إقصائها، وإلا ستجد أوربا نفسها فريسة لقوى الظلام والرجعية ويخسر الأوربيين ساعتها كل شيء.
2- إن المسلمين الذين اختاروا أوربا كمكان للعيش والارتزاق ليسو جميعهم من النوعيات الراضية بالقيود التي يفرضها المتشددون الإسلاميين في جميع مناحي الحياة، فأغلبهم وإن كان سبب هجرتهم الرئيسي لقمة العيش إلا أن كثيرين منهم عانوا الأمرّين في بلادهم بسبب قيود المتطرفين الإسلاميين كما عانينا نحن وهم الآن لا يريدون لأحد أن يعيدهم لهذه القيود مرة أخرى.
ولدي مثال لإحدى الفتيات المغربيات والتي وصلتني قصتها من صديق عزيز حيث قال: إن ثريا جارتهم المغربية والتي كانت تبحث عن تسوية أوضاعها القانونية والحصول على الإقامة لم تجد أفضل وسيلة لذلك إلا إلقاء شباكها حول شاب فرنسي فقررا الزواج، ولكنها فرضت عليه أن يعلن إسلامه خوفًا من أهلها كما قالت، وفعلاً تم ذلك وقررا مغادرة المنطقة إلى سكن أرحب في الضواحي الباريسية لأن السكن هناك أرخص بعض الشيء. وأكمل صاحبي قائلاً: إن خديجة قد جاءت لزيارتهم هو وزوجته وأولاده بحكم الجيرة السابقة بعد فترة ولكنها كانت نادمة لسببين أولهما انتقالها إلى الضواحي حيث التجمعات الإسلامية وثانيهما أنها فرضت على زوجها الإسلام. فقد قالت أنها بعد انتقالها للضواحي وبمجرد معرفة الإسلاميين في المسجد المجاور بقصة زوجها فإنهم استقطبوه وأقنعوه بالفكر الجهادي والزي الإسلامي وإطالة اللحية، والأدهى من ذلك أنه يحاول الآن فرض هذا السلوك الإسلامى المتزمت عليها وعلى طفلتها، فحاول أن يجعلها ترتدي النقاب وعندما رفضت ذلك أهانها وحاول إيذائها وهي الآن تعض أصابع الندم قائلة يا ريتني تركته كما هو ولم أطلب منه الإسلام فقد كان حاله أفضل.
3- إن جو الحرية الموجود في أوربا هو سيف ذو حدين وإذا كان الإسلاميين والقاعدة وغيرها قد نجحوا إلى الآن في استغلال هذه الحرية لاستقطاب بعض الأوربيين لفكرهم، إلا أن جو الحرية هذا يجعل الكثير من هؤلاء المستقطبين يعود ثانية كما حدث مع روبير ريشار الفرنسي، فمن جو حرية مستهترة ومسيحية أسمية إلى مرحلة قيود الإسلام ثم عودة ثانية إلى المسيحية الحقيقية وحرية مجد أبناء الله. وجو الحرية قد أتاح أيضًا للكثير من المسلمين المهاجرين أن يفكروا في أمور دينهم ويراجعوا البديهيات التى تربوا عليها دون خوف من حد ردة أو من قهر مجتمع، فرأينا فتيات يرفضن الحجاب كسارة عزمي الفتاة السورية التي تعيش بالنرويج التي أحرقت حجابها على الملأ، ورأينا د. وفاء سلطان وهي مسلمة سابقة تعيش في أمريكا وهي تنتقد الإسلام وممارسات المتطرفين. المهم أن هذه الحرية الغربية لن تجعل للتطرف الإسلامي مكان، فإما أن يتغير هؤلاء المتطرفين وتتغير أفكارهم أو أن لا يجدوا لهم مكان لا هم ولا أفكارهم، فالعالم في تطور مستمر ولن بقيل أبدًا أن يعود للوراء.
4- ثم أن أنباء عودة أبناء المسيح الذين ارتدوا سابقًا عن إيمانهم المسيحي في مصر إلى أحضان المسيح تتوالى يوميًا بل أنهم امتلكوا الشجاعة كي يرفعوا العديد من القضايا على الدولة لنوال حقوقهم كاملة، ليس هذا فحسب بل هناك القادمين للإيمان من خلفيات غير مسيحية والذين يعلنون عن إيمانهم بمنتهى الشجاعة في مصر وليس في مصر وحدها، بل هناك نهضات في أماكن كثيرة حول العالم تأتي بالكثيرين للمسيح كما في إفريقيا وكوريا والصين والهند كل هؤلاء يعطونا الأمل في غد أفضل وينزعوا منا كل خوف على مستقبل العالم ومستقبل أوربا.

مجدي جورج
Magdigeorge2005@hotmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع