حكمت حنا
جمال عيد: التعويض الذي يحصل عليه المعتقل لا يعادل حبسه يوم واحد، وجميع قرارات الاعتقال خطأ تحت مظلة قانون الطوارئ.
طارق زغلول: طعون العادلي ضد المعتقلين هدفها التقليل من المبالغ المدفوعة كتعويض ويجب تعويضه عن فترة اعتقاله.
نجيب جبرائيل: الداخلية تعبث بحريات المواطنين وتنتهك عرض الدستور لإساءة استعمال حق التقاضي ويجب الإفراج عنه مباشرة من المحكمة.
نبيل غبريال: من حق المعتقل إلغاء قرار الاعتقال الجديد ويطالب بتعويض لحرمانه من زوجته وأسرته ومستقبله العلمي إذا كان طالبًا، وطعون الداخلية لا توقف تنفيذ حكم الإفراج.
تحقيق: حكمت حنا – خاص الأقباط متحدون
لم يستطع أي معتقل أن يحصل على تعويضات رغم أحكام القضاء إلا بعد عناء أمام المحاكم لعدة سنوات مع تعويض لا يُذكر، وذلك بفضل الطعون التي يقيمها وزير الداخلية ضد كل الأحكام التي تصدر بتعويض المعتقلين عن سنوات اعتقالهم دون وجود قرار اعتقال مسبب سوى تعليق الأمر على (شماعة) الأمن العام وما يمثله هؤلاء من خطورة على أمن المجتمع، وذلك لوجود قانون الطوارئ الذي لا يميز بين العاطل والباطل.
فهل المعتقلين يستحقوا تلك التعويضات التي يقيموا من أجلها دعاوى ضد وزير الداخلية؟ وهل هي كافية عن سنوات ضاعت وساءت فيها سمعتهم؟ وما مدى قانونية قيام العادلي بالطعن على كل حكم تعويض ليحرمه منه؟
وقد علق بعض الحقوقيين والنشطاء على ذلك الموضوع بأوجه نظر مختلفة لكنها تتفق في أحقية المعتقل في الحصول على تعويض من وزارة الداخلية خاصة إن كل قرارات الإعتقال باطلة وليس لها سبب قانوني.
فيقول طارق زغلول "مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان": بشكل حقوقي من حق أي معتقل سياسي أو غيره وصدر بشأنه قرار اعتقال إداري أن يحصل على تعويض على فترة اعتقاله وذلك للأضرار المادية والأدبية التي تحدث له خلال فترة الاعتقال، وهناك طرق قانونية يحصل من خلالها على التعويض عن طريق إقامة الدعاوى القضائية أمام مجلس الدولة ضد وزير الداخلية ويتم الحكم فيها بالتعويض للمعتقل على حجم الأضرار التي تعرض لها الفترة الزمنية التي قضاها في المعتقل، إلا أن الوزير يطعن ضد هذه الأحكام.
وأوضح زغلول أن هذه درجة من درجات التقاضي التي تتم في مثل هذه القضايا لكن بعد صدور الأحكام النهائية يحصل المعتقل أو ذويه (أقاربه) على صيغة تنفيذ يتم إعلان وزارة الداخلية بها ويسلمها بمبنى تنفيذ الأحكام بالوزارة، حتى يتم تحديد يوم يتم فيه الحصول على شيك للصرف من البنك.
وأشار أنه ما دام قانون الطوارئ مطبق فهذا يسمح للشرطة أن تعتقل أي مواطن في أي وقت، وهذا القرار يتم الإمضاء عليه من وزير الداخلية حتى يكون الأمر أسهل على المباحث بتقديم مذكرة للتصدي على أمر الاعتقال، وهذا موجود بكل أقسام الشرطة ومن الممكن أن يحصل المعتقل على الإفراج ويصدر قرار اعتقال في نفس الوقت من جديد، فلا أحد ينفي حتمية حصول المعتقل على تعويض لأضرار المادية والمعنوية، وقد رصدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إحصائية بعدد المعتقلين بمصر داخل السجون ليصل إلى 12 ألف معتقل.
وفي ذات السياق أكد جمال عيد "عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" أن لجوء وزير الداخلية للطعن على أحكام التعويض للمعتقلين آلية قانونية عادية رغم اختلافنا مع الداخلية، حيث يلجأ محامو الدولة لأنهم يمثلوا الوزارة أو الحكومة إلى المحكمة الإدارية العليا للطعن على أحكام التعويضات، والمعتقل من حقه أن يحصل على تعويض من الداخلية لأنها قامت باعتقاله، فعلى الأقل يحصل على تعويض أقل من المنصوص عليه في الحكم بعد الطعن.
وأوضح عيد أن ميزانية وزارة الداخلية تعد من أضخم الميزانيات بالدولة لكن المسألة أن هناك الآلاف من الأحكام بالتعويضات، ومع كثرة القضايا أصبحت المبالغ التي تتحملها وزارة الداخلية تجاه المعتقل لا تساوي يوم اعتقال واحد، فبعد ما يصدر الحكم مثلا بـ20 ألف جنيهًا يصبح بعد الطعن 5 آلاف جنيهًا.
وأكد أنه ليس مع أمر الاعتقال من حيث المبدأ ومن حق المعتقل أن يطالب بتعويض عن أمر اعتقاله وكل قرارات الاعتقال خطأ تصدر بحجة قانون الطوارئ مما يمثل قيد شديد على حرية المواطن في مصر.
ولم يرض نجيب جبرائيل "رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان" عن طعون وزير الداخلية، واعتبر أن ما يصدره الوزير من قرارات اعتقال تمثل تعسف في إصدارها.
موضحًا صدورها بطريقة غير مشروعة أو غير مبنية على ضوابط أو مخالفة للقانون مما يستوجب التعويض عنها، ومن ثم يتم الطعن على قرارات الاعتقال الصادرة من وزارة الداخلية في خلال 30 يوم فإذا ما تم الإفراج عن المعتقل يستوجب تعويضه، إلا أنه من الملاحظ أن الداخلية تقوم بالطعن على كافة قرارات الإفراج وعلى أحكام التعويض، واعتقد أن الطعن عليها يمثل نوع من التسويف والتعطيل يبغي فيه عدم حصول المتهم على تعويض.
وأضاف أنه يحب أن يعلم المتضررين من قرارات الاعتقال واللذين صدرت قرارات إفراج من المحكمة عنهم أن هناك مادة في القانون تسمى إساءة استعمال حق التقاضي، ومن ثم يجب على من أضير من الطعن أن يقيم دعوى جديدة على الداخلية للتعويض عن إساءة استعمال حق التقاضي، وقد آن الأوان للمشرع المصري لإلغاء قانون الطوارئ الذي تحتمي فيه وزارة الداخلية بإصدار قرارات الاعتقال سيما وأنها تعتقل ما لا يقل عن 300 ألف معتقل وهذا عدد هائل يتنافى مع مدنية وديمقراطية الدولة، وبالتالي فإنه على المشرع أن يلغي قانون الطوارئ الذي تحت مظلته تعبث الداخلية بحريات المواطن وتنتهك عرض الدستور.
مبيّنًا إن وزارة الداخلية قد أفرطت في الفترة الأخيرة في قرارات الاعتقال ومنها قرارات اعتقال جنائي دون أن يكون هناك سوابق للمعتقل، أي أنه لا يشكل خطر أمني على المجتمع ومنها ينتفي معه مشروعية صدور قرار الاعتقال، وللأسف عندما تحدث مشادة بين مسيحي ومسلم يعتقلوهم لخطرهم على المجتمع والاشتباه في تحويل شخص منزله لكنيسة أو جمعية صلاة يحدث اعتقال (عمّال على بطّال).
وطالب جبرائيل بتعديل ما يحدث في أمر الاعتقال، أي أنه بمجرد إفراج المحكمة عن المعتقل يخلى سبيله فورًا من سراي المحكمة حتى لا يتم اعتقاله مرة أخرى أثناء المدة التي يحددوها، كذلك طالب الحكومة المصرية بإنشاء وزارة التعويضات لكثرة الانتهاكات لحقوق الإنسان في كل مجال التي من كثرتها أساءت لسمعة مصر.
هذا ضربًا لأحكام القضاء بعرض الحائط، فإلغاء قرار الاعتقال وإصدار وزير الداخلية قرار مرة أخرى للاعتقال يعد مخالفة للقانون وحكم مرتين على نفس التهمة، هذا ما أوضحه نبيل غبريال عن منظمة (نور الشمس للتنمية وحقوق الإنسان)، واصفًا إجراء وزير الداخلية بأنه تعسف في استعمال الحق ومن حق المعتقل أن يلغي قرار الاعتقال الجديد ويطلب تعويض استنادًا إلى إلغاء قرار الاعتقال الأول، خاصة أن قرارات الاعتقال الجديدة تصدر في خلال ساعة مما يسبب له ضرر نفسي وأدبي وقد يحول المعتقل لشخص مجرم ينتقم من مجتمعه ليس من وزير الداخلية فقط.
وأشار غبريال أنه على الوزارة أن تنظر إلى أسرته وحاجتهم له خاصة إذا كان هو العائل الوحيد بالنسبة لهم، وعن ضياع مستقبله التعليمي والمهني إذا كان طالبًا، ولو كان متزوج سيحرم زوجته من حقوقها الطبيعية مما يؤدي به إلى الانحراف.
ولا يمكن وصف تصرف وزير الداخلية سوى أنه تعسف في استعمال السلطة لتجعله يحرم معتقل من تعويض لا يساوي يوم واحد في زنزانة نصف متر في نصف متر مظلمة لا يستطيع الحركة بها، فضلاً عن حرمانه من حريته ومعاملته معاملة غير آدمية وأحيانًا ينكروا وجوده بالمعتقل على أهله وأقاربه.
وعمومًا الطعن الذي يقيمه وزير الداخلية لا يوقف التنفيذ للحكم الحاصل عليه المعتقل حتى يصدر حكم بوقف التنفيذ درجة أولى من المحكمة الإدارية العليا، وحق المعتقل في التعويض مُصان إذا كان القضاء يحكم بالقانون والثوابت المتعارف عليها.
http://www.copts-united.com/article.php?A=6153&I=168