حول فنجان قهوة

د. رأفت فهيم جندي

بقلم: د. رأفت فهيم جندى
الأنتقاد بدون المام


سألنى فيصل: ما معنى كلمة قدس وقداسة التى تقولونها قبل البابا وقبل القساوسة؟
قلت : المسيح هو القدوس, والذى خصصه السيد المسيح لقيادة الكنيسة نطلق عليه "قداسة البابا" وأيضا "قدس ابونا" للآباء الكهنة بمعنى المخصصين لعمل مقدس.
فيصل: هل هذا يعنى انهم لا يخطئون؟
قلت: قداسة البابا له أب اعتراف, وكذلك أيضا كل الآباء الأساقفه والكهنة.
 فيصل: انت بهذا تعترف بأن البابا ممكن أن يخطئ وكذلك الكهنة.
قلت: جميعنا تحت الضعف البشرى, الوحيد الذى لم يخطئ فى البشريه هو السيد المسيح لأنه كلمة الله.
فيصل: اذا لماذا تلومون البعض لأنهم ينتقدون البابا او الكهنة فى تصرف معين؟ اليس جميعهم يمكن أن يخطئوا؟
قلت: معظم الذين ينتقدون تصرفا معينا هم غير مدركين لكل الظروف المحيطة بهذا الموضوع, فهم يحكمون فى الأمر بعد سماعهم لكلمة طائشة قيلت. والذى يريد أن يحكم فى موضوع ما عليه بدراسة القضية من جميع جوانبها والأستماع لكل اطرافها.
فيصل: ولكنى سمعت أن الكنيسة تطلب منكم الطاعة مهما كان الأمر.
قلت: نعم والكنيسة تقول "ابن الطاعة تحل عليه البركة", وايضا هذا مثل طاعة الوالدين ولكن لكل شئ حد.
فيصل: ما هو هذا الحد؟
قلت: الحد هو قامة كل فرد الروحية, وايضا محبة الرب الأله. وكما قلت لك تستطيع أن تفهم هذا أنه مثل طاعة الوالدين, فالآباء الكهنة هم آباءنا الروحيين. هل تعرف حكاية القديس "يوحنا القصير".
فيصل: ما هى؟
قلت: كان راهبا وذهب لرئيس الدير يطلب كلمة منفعة روحية. فقال له رئيس الدير خذ هذه العصا وازرعها داخل الصحراء, واذهب لريها بالماء كل يوم, واطاع هذا الراهب النصيحة وكان يسير مسافة كبيرة يوميا فى الرمال حاملا جرة ماء لرى هذه العصا الميتة, فانبتت هذه العصا بعد فترة شجرة وأتت هذه الشجرة بثمار, فجمع رئيس الدير كل الرهبان وقال لهم "هذه هى ثمار الطاعة".
هل تعرف يا فيصل أن  هذا المكان هو قرية "ابوحنس" فى محافظة المنيا التي كان يريد محافظ المنيا الغاء اسمها لمسح هويتها القبطية وقاومه اهل القرية.
قال فيصل: اذا الأباء الكهنة يستطيعون أن يقولوا ما بدا لهم وعليكم الطاعة!
قلت: هل الوالدين أيضا يقولون ما بدا لهم وعلى الأبناء الطاعة؟ الآباء هم ايضا مطالبون بأن لا يعثروا الأبناء, وقال الكتاب المقدس "ايها الآباء لا تغيظوا اولادكم". فلا يضعنى ايضا الأب الكاهن فى وضع طاعة أعلى من قامتى الروحية. ورئيس الدير رأى فى "يوحنا القصير" ان قامته الروحيه عاليه فأراد أن يرفعه أكثر.
فيصل : ولكنى سمعت عن بعض الخلاف فى الكنيسة.
قلت: الشيطان دائما يحارب الكنيسة, ولكنى لا اكون شخصيا اداة فى يده. الذى هو من اختصاصى وفى حدود معرفتى اتكلم فيه والذى لست مشاركا فيه لا أعلمه. ولكنى دعنى اقول لك أن هؤلاء المختلفين كل منهم له وجهة نظر وليس هناك شر أو شبه شر فى هذا.
فيصل: هل أنت ضد انتقاد الكنيسة؟
قلت: كما لا انتقد والدى امام الناس ايضا لا أنتقد الآباء الكهنة, وممكن أن اقول للأب الكاهن عما لا اوافق عليه بينى وبينه, وايضا أنا ضد الأنتقاد بدون معرفة, أننى اراهم يفنون ذواتهم ويعملون لخدمة المسيح ليلا ونهارا, والذى يعمل كثيرا يمكن ان يخطئ ايضا, وخلاف الآباء الكهنة مثل خلاف الأب والأم ينبغى أن يكون بعيدا عن الأبناء. ولكن لا ينطبق هذا على من يخرج عن تعاليم المسيح, وحتى هؤلاء لهم فى الكنيسة من يحاسبهم.
فيصل: هل تشجع الديكتاتورية؟
قلت: الكنيسة بها نظام ديمقراطى فى كل شئ وهناك مجلس لكل كنيسة وتستطيع أن تسأل أى سؤال فى ادارية الكنيسة, وليس هناك شيئا سريا غير اعترافات الشعب للأب الكاهن. وفى درس الكتاب المقدس تستطيع أن تطرح أى سؤال, فلا يحرم علينا السؤال عن اشياء حتى وان بدا للبعض أنها تسئيهم.
انتهينا من فنجان القهوة وتصافحنا. 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع