عماد توماس
تقرير: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
رغم شدة درجات الحرارة إلا أن كاميرا "الأقباط متحدون" رصدت طفلان لم يجدا مكان للنوم إلا في مدخل رصيف رقم 11بمحطة مصر للسكك الحديدية، وإذا سرت في شوارع وسط العاصمة وخاصة في ميدان رمسيس ستجد عددًا لا بأس به من أطفال الشوارع يسيرون كغنم لا راعى لهم.
دع الأرقام تتحدث
أوضحت دراسة حديثة نشرت بجريدة الأهرام أن محافظة القاهرة تعد الموطن الأصلي لتلك الفئة من أطفال الشوارع وبلغت النسبة فيها 58.7% تلتها بعد ذلك محافظة الجيزة 6% وتساوت محافظات الفيوم 5.1% والمنيا 5.1%.
وأشارت مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان إلى أن بيانات المسح الخاص بأطفال الشوارع في محافظة القاهرة أظهرت أن 28% منهم لم يلتحقوا بالتعليم و26% ما زالوا في التعليم بينما 42% قد تسربوا من التعليم، وأن 62% من الأطفال يبيتون مع أسرهم و8% منهم يبيتون مع الأسرة أحيانًا، وأن أكثر من 70% من الأطفال الذين تمت مقابلتهم في المسح يتواجدون في الشارع منذ سنة واحدة و16% منهم منذ شهر فقط، و79% لديهم نشاط اقتصادي يدر عليهم دخلاً خلال وجودهم في الشارع وما يقرب من 35% يساعدون أسرهم اقتصاديًا، و4% فقط اعترفوا بتعاطيهم المخدرات.
ورغم أهمية هذه الدراسة والإحصائيات إلا أنها تقف عن محاولة الرصد دون تقديم حلول عملية تقلل من نسبة أطفال الشوارع في الشارع المصري.
البنات قنبلة موقوتة
د. عبلة البدري تؤكد أن بنات الشوارع قنبلة موقوتة توشك على الإنفجار في وجه المجتمع في أي وقت، حيث يتعرضن للاغتصاب ويبعن أنفسهن للهوى مقابل المال، والأمر الخطير المترتب على عدم وجود إحصاءات بأعداد أطفال الشوارع أنه لا يمكننا حصر عدد بنات الشوارع الحوامل وعدد أطفالهن وشهادات الميلاد والوفاة لأنه طفل نتاج اغتصاب أو علاقة غير مشروعة.
وأضافت البدري: هوجمنا كثيرًا بخرق العادات والتقاليد عندما قررنا افتتاح فرع جديد لقرية الأمل خاص برعاية الأمهات الصغيرات، والسبب رعايتنا لبنت حملت بدون زواج، وكانت الناس يرفضون التبرع لهؤلاء البنات، وكنا نحاول أن نطلعهم على الحقيقة ونؤكد لهم أن سبب حملها بطريقة غير مشروعة هو وجودها في الشارع وعدم توافر الحماية اللازمة لها إلا من أطفال الشوارع (الصبية) الذين كانوا يطلقونها تعمل في الدعارة لتجلب لهم الأموال مقابل الحماية، خصوصًا أننا وجدنا أن بعض البنات تم الاعتداء الجنسي عليهن عن طريق المحارم "الأب، الخال، العم، الأخ" فتهرب من المنزل للشارع وتعمل في الدعارة وتقول أنها على الأقل تحصل على مقابل.
من هو طفل الشارع؟
هو الطفل الذي وجد نفسه دون مأوى ولا مكان يرحب به سوى الشارع ولا آذان تستمع له سوى من هم مثله.. هو الطفل الذي يعمل من أجل البقاء، هو الطفل الذي يترك بيت أسرته ويفر إلى الشارع بين الحين والآخر ليقضي بعض الليالي بعيدًا عن قسوة الأهل أو هربًا من الاكتظاظ أو الاعتداء أو الفقر، هو طفل ولد وبدلاً من أن يجد نفسه في أحضان والديه وجد نفسه في صندوق للقمامة لا يعرف له أم أو أب فهو نتاج خطأ وقعا فيه.. فلم يجد أمامه سوى أحضان الشوارع لتعوضه حنان الأسرة.
أطفال الشوارع وفقًا للتعريف الوارد في القانون المصري للطفل لعام 1996 يعتبرون أحداثًا يقضون معظم أوقاتهم في الشوارع بدون حماية أو إرشاد وهؤلاء الأطفال لهم -على العموم- صلات قليلة بذويهم أو لا تربطهم بهم أي صلة.
أسباب تفشي ظاهرة أولاد الشوارع
تتعدد الأسباب المؤدية إلى تشرد هؤلاء الأطفال، حيث يعتبر الطلاق سببًا رئيسيًا في انتشار هذه المشكلة وخاصة طلاق الأسر الفقيرة، حيث أشارت إحدى الدراسات أن 90% من أطفال المشكلة لديهم آباء وأمهات إما أب أو أم فهم ليسوا لقطاء ولقد قسمتهم إلى ثلاثة أنواع، أطفال يعيشون بين الشارع والبيت، وأطفال يعملون بالشوارع وأغلبهم يحققون دخلاً لا بأس به، وأطفال يتعرضون للاستغلال البشع من طرف الشارع إما عن طريق تشغيلهم في ظروف صعبة أو عن طريق الاستغلال الجسدي.
كما يتسبب الفقر في عدم قدرة الأسرة على رعاية أبنائها وتغطية احتياجاتهم الرئيسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج، فلا يجد الطفل غير الشارع، وأحيانًا يطرد الأب أبنه للخروج للشارع رغمًا عنه.
من جانب آخر أتضح أن معظم الأطفال لم يكملوا تعليمهم لسبب أو لآخر، حيث يصبح وقت الفراغ أطول والآفاق المستقبلية أضيق، فينضمون إلى مسيرة التشرد.
نتائج مؤسفة لظاهرة أطفال الشوارع
من أخطر النتائج المترتبة على تك الظاهرة هي الإنحراف، حيث أن خروج طفل في العاشرة من عمره مثلاً إلى الشارع سيؤدي به حتمًا إلى الإنحراف -خاصة أمام عدم وجود رادع- فهو لن ينجو بالتالي من إدمان السجائر والخمور والمخدرات.
الإجرام، ليس من المنتظر من طفل الشارع أن يدرك الصواب من الخطأ وهو محروم من التربية ومحروم من المأكل والملبس، كل ذلك يساعد على خلق طفل مجرم.
الأمراض هي أحد النتائج أيضًا، حيث أن وضع هؤلاء الأطفال الصحي في خطر فجميعهم يبيتون في الشوارع، حيث يكونون عرضة لكل التقلبات المناخية من برد شديد أو حر شديد، مما ينتج عنه أمراض مختلفة منها السل والسرطان وما هو اخطر من ذلك.
وتمثل الاعتداءات الجسدية والجنسية التي قد يتعرض لها هؤلاء الأطفال من أخطر النتائج، فقد يحدث اعتداء جنسي ينتج عنه ولادة طفل جديد ينظم إلى قافلة التشرد.
أطفال الشوارع والإدمان
إن خروج طفل في العاشرة من عمره مثلاً إلى الشارع سيؤدي به حتمًا إلى الإدمان، فهو لن ينجو بالتالي من إدمان السجائر والخمور والمخدرات رغم سنه الصغير.
فالأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع هم عرضة للعنف والاستغلال وتعاطي مواد الإدمان، حيث يلجأ الكثير منهم إلى المخدرات من أجل تحمّل حياتهم وأوضاعهم الصعبة.
وتشير الدراسات التي أجريت في مصر إلى أن مواد التنشّق تتصدّر قائمة المخدرات المستهلكة، فالأطفال يشمّون الغراء من أجل تحمّل ما يتعرّضون له من جوع وألم وعنف في الشوارع.
محاولات للعلاج
فريق "شبابنا" لإنقاذ أطفال الشوارع بالتعاون مع جمعية القلوب الرحيمة لرعاية الأطفال بلا مأوى، قدم مشروعًا يهدف إلى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع وإنقاذ المشردين عن طريق، دراسة الظاهرة من جميع جوانبها دراسة واقعية بمساعدة نخبة من المهتمين بالظاهرة وأساتذة علم النفس والاجتماع وعلم الجريمة، وحصر أعداد الأطفال المشردين المتواجدين بصورة مستمرة في الشوارع والتعرف على ظروفهم الإجتماعية والمادية والتي اضطرتهم لذلك، ثم تصنيف الأطفال وتوزيعهم على المؤسسات المعنية المناسبة كلٌ حسب ظروفه الأسرية والاجتماعية والمادية والنفسية. وفى حالة عجز المؤسسات المعنية عن استيعاب وإيواء الأطفال يقوم الفريق بجمع تبرعات لإنشاء دار على نهج دور الأيتام لإيواء أطفال الشوارع معدومي السكن، ومتابعة الأطفال بعد دخولهم المؤسسات وتشجيعهم على البقاء والاستمرار بها والاهتمام بهم علميًا وصحيًا ودينيًا ونفسيًا وذلك عن طريق اللجان المختصة بالفريق، وحث المجتمع على تقبل الأطفال المشردين بعد دخولهم المؤسسات والتعامل معهم بصورة طبيعية دون أي قدر من الإذلال أو التحقير أو السخرية, وكذلك تشجيعهم على البقاء في مؤسساتهم والاهتمام بهم بالزيارة الدورية لهم أو بالانضمام لأي من لجان فريقنا المختلفة. وتوعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة عن طريق قيام حملة ملازمة لحملة إنقاذ أطفال الشوارع باسم (لا لأطفال شوارع جدد) تهدف إلى توعية أولياء الأمور بأسباب ظاهرة أطفال الشوارع لحماية أولادهم وحتى لا يتحول أولادهم من (أطفال في الشوارع) إلى (أطفال شوارع).
هوامش
• صحيفة الأهرام - 20 يوليو 2009
• موقع "لهن" - بيت المرأة المصرية
• موقع "محيط"
• موقع "شبابنا نت"
http://www.copts-united.com/article.php?A=5827&I=159