جرجس بشرى
*بهي الدين حسن: جامعة الدول العربية كانت قد أعدت تقرير موثق عن الانتهاكات في دارفور، والسودان ضغط على الجامعة العربية فلم يخرج التقرير إلى النور وما زال التقرير في أرشيف الجامعة العربية الآن.
*صابر نايل: جامعة الدول العربية وَثَقَت جرائم البشير
*أحمد سميح: الله أعطى موسى العصا ليشُق البحر، والبشير شق السودان بعصاه.
** جمال عيد: قرار توقيف البشير لا توجد فيه أي مؤامرة ضد السودان وهناك جرائم ضد الإنسانية تُرتكب في مصر ولكنها تحتاج إلى توثيق بالطريقة التي تقبلها المحكمة الجنائية الدولية.
خاص الأقباط متحدون - تحقيق - جرجس بشرى
ردود أفعال متباينة صاحبت قرار التوقيف الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية في 4 مارس 2009 بحق الرئيس السوداني حسن البشير، وخاصة من قبل الرئيس البشير وحكومته الذي اعتبر قرارات المحكمة غير مُلزمة له وأنه على المحكمة أن تبل القرار وتشرب مياهه، وأن المحكمة بهذا القرار تستهدف السودان كما استنكرت دول عربية هذا القرار باعتباره يستهدف وحدة السودان، وقد رحب حقوقيون عرب وأجانب بصدور قرار التوقيف في حق البشير، مُعتبرين أن القرار الصادر من المحكمة الجنائية الدولية يُمثل خطوة مُهمة نحو تحقيق العدالة ومُحاسبة المتورطين في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية لقد رأى موقع "الأقباط مُتحدون" انطلاقاً من دوره الحقوقي والليبرالي البحت أن هناك ضرورة مُلحة لفتح هذا الملف وفي هذا التوقيت بالذات لإزالة الغموض لدى الرأي العام العربي والعالمي حول حقيقية وأبعاد قرار توقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير ولمعرفة هل بالفعل هناك مؤامرة على السودان؟ هل هناك أنظمة عربية دعّمت البشير والأخطر من ذلك هل ساندت مُنظمة المؤتمر الإسلامي السودان؟!! لقد التقى موقع "الأقباط مُتحدون" بعدد من أبرز الحقوقيون لمعرفة روئاهم في هذا الملف الشائك:
بداية يقول الناشط الحقوقي المعروف بهي الدين محمد حسن (مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان) بمصر: الرئيس السوداني عمر البشير ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، والبشير لم يُحاسب الآن على استبداده ولكن بسبب ارتكابه هذه الجرائم.
وبسؤال حسن عن تورط أنظمة عربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي في الجرائم التي حدثت قي دارفور بدعم سياسي أو دبلوماسي قال: أن الحكومات العربية لم تتخذ موقف داعم للضحايا في دارفور وللشعب السوداني عندما نقول أن هناك دعم سياسي أو دبلوماسي من قبل بعض الأنظمة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي للحكومة السودانية والرئيس البشير فهذا ليس معناه دعم في الجرائم التي ارتكبها البشير بل معناه حماية الحكومة السودانية والرئيس البشير من المُحاسبة أمام الهيئات الشرعية الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية أو المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأُمم المُتحدة.
وقال حسن أن جامعة الدول العربية كانت قد عملت تقرير في عام 2004 عن الأوضاع في إقليم دارفور، ولكن الحكومة السودانية ضغطت على الجامعة العربية فلم تستطع جامعة الدول العربية نشر التقرير ولكن بعد ذلك عملت تقرير كانت لهجته مُخففة وكان أكثر دبلوماسية من التقارير الدولية، ولكن حتى هذا التقرير المُخفف لم يعجب الحكومة السودانية فتم حفظه هو الآخر، وهذه التقارير موجودة في أرشيف جامعة الدول العربية، وأكد حسن على أن المركز رحب بالقرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية من خلال بيان صادر عن المركز تم توزيعه على وسائل الإعلام.
وقال أيضاً الناشط الحقوقي المصري المعروف صابر نايل: إن ردود أفعال البشير وحكومته بعد صدور قرار المحكمة كان عاطفياً وغير عقلاني بالمرة ،فهل يُعقل أن يقول رئيس دولة أن كل من مع المحكمة الجنائية الدولية تحت حذائي!!
وأكد نايل على أن المحكمة الجنائية الدولية لم تُصدر قرار التوقيف إلا بعد أن قدمت وثائق ووقائع شديدة التوثيق من خلال اللجنة التي أرسلها الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان، وكذلك من خلال اللجنة التي أرسلتها جامعة الدول العربية برئاسة السفير سمير حُسني عام 2004، ووثقت هذه اللجنة انتهاكات عديدة في دارفور، كما قامت اللجنة الدولية أيضاً بتوثيق جرائم عديدة وكانت هذه الجرائم عبارة عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ومع أن هناك عمليات إبادة جماعية حدثت في إقليم دارفور بأوامر شفوية من البشير لقادة جيشه إلا أن تلك اللجنة لم تستطع الحصول على وثيقة تُدين البشير بشكل مُباشر مع أن هذه الجرائم موثقة ولكنها غير موثقة بالشكل الذي تقبله المحكمة الجنائية الدولية وبالتالي قرار 4 مارس بتوقيف البشير استند على وثائق وأدلة قاطعة.
ورداً على استخفاف الرئيس البشير بقرار التوقيف الصادر من قبل الجنائية الدولية بحجة أن قرارات المحكمة غير مُلزمة للسودان، قال نايل أن الذي لا يعرفه كثير من الناس هو أن السودان قد وقعّت على المحكمة الجنائية الدولية عام 2000 ولكنها لم تُصدق ولكن توقيع الدولة على قرارات المحكمة الجنائية الدولية يجعلها مسئولة أدبياً وأخلاقياً على بنود المحكمة، ولكن التصديق يعني ضرورة إدراج قانون المحكمة الجنائية الدولية في التشريعات الداخلية للدول التي صدقت على الانضمام للمحكمة.
وقال نايل الحكومة السودانية بتضحك على الناس، ويجب أن يعرف الناس أنها وقَعّت بالفعل على قانون المحكمة الجنائية الدولية عام 2000!!!
وقال نايل أنه من الأمور الغريبة للبشير أنه عندما وجهوا إليه الاتهام بقتل 280 ألف مواطن دارفوري وتهجير 2 مليون مواطن دارفوري، قال أنه لم يقتل سوى 10 آلاف فقط وكأن الــ 10 آلاف شيء بسيط!!! وبالتالي فعندما يثبُت على رئيس دولة أنه أرتكب هذه الجرائم في حق شعبه فلابد أن يُعاقب. وعن رأي نايل في رفض البشير للامتثال لقرار المحكمة الجنائية الدولية، قال بعد شهرين ستلجأ المحكمة الجنائية الدولية لمجلس الأمن ولو وافق مجلس الأمن على مُذكرة التوقيف سيصدُر قرار باستخدام البند السابع من ميثاق الأمم المُتحدة باستخدام كافة السُبل لاعتقاله وتقديمه للمُحاكمة وهذا قرار واجب النفاذ.
وأشار نايل إلى أن الحُكام العرب الذين مصيرهم مثل مصير البشير قلقين الآن لأنه لأول مرة يصدر قرار توقيف ضد رئيس دولة وهو ما زال في السُلطة، وهذا معناه أنهم من المُمكن أن يتقدموا للمُحاكمة أيضاً.
وقال نايل: هل تعرف أن تعذيب مواطن في قسم الشرطة عندنا هنا في مصر تستوجب تقديم وزير الداخلية أو رئيس الجمهورية للمحكمة الجنائية؟؟!!!.. وذلك لأن جرائم التعذيب تندرج ضمن جرائم ضد الإنسانية وبالتالي مُعظم الحُكام العرب مُنزعجين لأنه لو فُتح الباب هايتجابوا كلهم!!
وعن هل هناك دعم ومساندة سواء من دول عربية أو مُنظمة المؤتمر الإسلامي للرئيس السوداني عمر البشير وحكومته في الجرائم التي حدثت في دارفور قال نايل: العرب وكافة المُسلمين كانوا في كافة مؤتمراتهم مع الرئيس البشير وكانوا مع الجنجويد وكانوا مع الموقف العربي ضد الأفارقة في دارفور، ويمكن أن ترجع في هذا الموضوع إلى كتاب صادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان للباقر العفيف، وهذا الكتاب عبارة عن مقاطع تُدلل بكافة الأشكال والسُبل على الجرائم التي اُرتكبها العرب والمسلمين ضد الدارفوريين، ويُبيّن الموقف العربي العُنصُري الداعم للبشير وحكومته.
وأشار نايل إلى أن موقف الأنظمة العربية أو مُنظمة المؤتمر الإسلامي الداعم للبشير بشكل عام إنما يرجع إلى المسحة الإسلامية للسودان أو الهوية الإسلامية للسودان مع أن النظام السوداني في حقيقة الأمر نظاماً ديكتاتورياً عسكرياً مستبداً ويستغل الأسلمة في حساباته السياسية، أما عن الإدعاء ومقاومة قرار المحكمة بحجة ضرورة مُحاسبة بوش وإسرائيل أكد نايل على الأنظمة العربية لم تتخذ موقف في هذا الموضوع لتقديم هؤلاء للمحاكمة ولم يقدروا أن يقدموا هؤلاء للمحكمة هم أجبن من أن يدخلوا في هذا الموضوع فكيف يُقدم بوش ومسئولين إسرائيليين للمحكمة الجنائية الدولية دون أن تتخذ الأنظمة العربية خطوات في هذا الاتجاه؟!
كما قال ًالناشط الحقوقي جمال عيد "مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" بمصر: قرار توقيف الرئيس السوداني حسن البشير قرار صحيح بسبب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها في دارفور وأنه ما زال هناك العديد من الحُكام العرب يتصورون أن العدالة ستظل قاصرة على أن تطولهم!
وعن هل قرار التوقيف من فيه مؤامرة على السودان، قال عيد أن قرار التوقيف ليست فيه أي مؤامرة على السودان لأن جرائم البشير موثقة ولم توثق جرائمه منظمات أجنبية فقط ولكن هناك نُشطاء حقوقيون عرب ومنظمات عربية وثقت هذه الجرائم أيضاً، وهو ما يجعل قرار المحكمة ليست به أي مؤامرة.
وقال عيد أن الناشط الحقوقي محمد فايق رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان كان ضمن البعثة التي أرسلتها الأمم المتحدة إلى دارفور ووثق في تقرير أعده جرائم ضد الإنسانية مارستها الحكومة السودانية برئاسة البشير.
وعن رأي عيد في الدعم السياسي والدبلوماسي الذي قدمته بعض الأنظمة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي للرئيس البشير وحكومته قال لو كانت الأنظمة العربية تفعل ذلك وخاصة منظمة المؤتمر الإسلامي فذلك يرجع إلى هوية السودان الإسلامية وإلى أن الحاكم الذي يحكم السودان عربي مسلم، ولكن ما غاب عن هؤلاء هو أنهم نسوا أن مسألة حقوق الإنسان أصبحت مسألة دولية وليست محلية!! مُشيراً إلى أن المشكلة في البشير أنه مُتخيل أنه لن يطوله العقاب!! غير عالم أن باب مُحاكمة الأنظمة التي ارتكبت جرائم في حق الإنسانية قد فُتح ولن يستطع أحداً أن يغلقه!
وبسؤال عيد عن: هل من حق المحكمة الجنائية الدولية مُحاسبة من دعموا البشير؟ فال عيد: نعم، ولكن لابد من توثيق ذلك.
وعن مصير البشير بعد قرار التوقيف قال عيد أن قرار التوقيف يشمل القبض عليه في الأجواء الدولية وكذلك مطالبة عدد من الدول بالقبض عليه وتسليمه، متى مر بأجوائها الجوية.
وطالب عيد البشير بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية والخضوع للقرار والدفاع عن نفسه بدلاً من الاستمرار في الاستخفاف بقرار المحكمة.
وعن هل هناك جرائم ضد الإنسانية تُرتكب في مصر، قال: نعم هناك جرائم ضد الإنسانية تُرتكب في مصر ولكنها على الحقوقيين أن يوثقوها بالطريقة التي تجعلها مقبولة من المحكمة الجنائية الدولية.
ومن جانبه قال الناشط الحقوقي أحمد سميح "مدير مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف" أن قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر بحق الرئيس البشير مبني على آلية دولية جديدة من آليات العدالة مؤكداً على أن ما حدث في دارفور هو بالفعل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال سميح عن سبب مقاومة البشير وبعض الأنظمة العربية لقرار التوقيف أن ذلك يرجع إلى أن العرب قد تَعَوَدوا على مفهوم السيادة الوطنية والمحلية غير مُدركين أن العالم قد تغيّر الآن والعدالة الدولية يمكن أن تطول الجميع.
وتساءل سميح: لماذا يقبل العرب بالعدالة عند تكون في صالح رئيس عربي ويقاومونها عندما تكون ضدهم، وعن هل هناك رائحة مؤامرة في قرار التوقيف قال سميح: لا توجد أي مؤامرة في قرار التوقيف الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية وليست هناك أية مصلحة بالمرة للمحكمة في هذا الموضوع فالقرار صادر عن محكمة ولم يصدر عن دولة، كما أن أعضاء المحكمة من جنسيات مختلفة وليس لهم أي مصلحة في التآمر على السودان، وتقرير الجامعة العربية أدان الحكومة السودانية والرئيس البشير.
وعن الدلالات التي يحملها قرار المحكمة بتوقيف البشير قال سميح: هذا يدل على أن العدالة تتحقق وستتحقق، والبشير ها يجيبوه من قفاه وما عليه الآن إلا أن يبحث عن حُفرة يختبئ فيها كما فعل الرئيس العراقي السابق صدام حسين!! فقرارات العدالة والشرعية الدولية واجبة النفاذ وملزمة.
واستنكر سميح ما يحدث من قبل الحكومة السودانية والرئيس البشير في حق هيئات ومنظمات الإغاثة وطرد بعضها وقال سميح أنه في القديم أعطى الله موسى لكي يشُق بها البحر ولكن البشير شق السودان بعصاه، مُطالباً البشير بالامتثال لقرار المحكمة إذا كان بالفعل مُضحياً ويريد الحفاظ على وحدة ومستقبل السودان.
http://www.copts-united.com/article.php?A=574&I=17