دماء على جدار الوطن

ناهد صبري

بقلم: ناهد صبري
تناثرت في أرجاء مصرنا المحروسة أخبار حوادث من قتل وحرق وسرقة واغتصاب لممتلكات وكنائس مسيحية من قبل جماعات الإسلام السياسي، مع أن الإسلام لا يحرض على إرهاب الآخر بل يحض على السماحة معه والاعترف بحقوقه، ومع ذلك فقد كفر هؤلاء الأقباط وأباحوا دمائهم وقتل عدد كبير من الأقباط على يدهم لا لشيء إلا لهويتهم الدينية، معتمدين على حماية الأمن لهم مستخدمين الغوغاء باسم الدين.

وفي المقابل تضرر الأقباط وعلا أنينهم وتدخل أقباط المهجر وقد اتهم البعض بالاستقواء بالخارج ونصحوهم باللجوء للأمن مع أن الأمن لم يغثهم، ودلل هؤلاء من المغرضين على وجهة نظرهم بوجوب العمل داخل مصر فقط والشكوى للمسئولين فيها بدعوى عدم نشر غسيلنا القذر في الخارج لأن في ذلك تشويه لسمعه مصر، وإنه ليس من الوطنية طلب التدخل الأجنبي لحماية أقباط مصر علمًا بأنه لا يوجد بين الأقباط من يطلب التدخل الأجنبي على مصر، فقط نحن نطلب من الدول الأجنبية والمنظمات الحقوقية بها الضغط على النظام المصري لتفعيل المعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر خاصه وأنها –مصر- ستخضع لتقييم الأمم المتحدة في المجال الحقوقي في فبراير عام 2010، وهذا يضع الحكومة المصرية في مأزق ما بعده مأزق لا سميا وأنها لا ترغب مطلقًا في إعطاء الأقباط حقوقهم، وهي في ذات الوقت مطالبة من الداخل والخارج بمزيد من الإصلاحات الدينية والعمل على تطبيق مبادئ حقوق الإنسان والتي من أهمها الحريات والحقوق الدينية والتي تشمل حرية العقيدة والحق في ممارسه الشعائر الدينية.

وبعد أن وصل النزاع على بناء الكنائس إلى هذا الحد أصبح من المهم جدًا سرعة إصدار قانون موحد لدور العبادة، حتى لا يشعر أي طرف بالغبن وحرصًا على سمعة مصر، فليس من المعقول هذا الصمت الغير مبرر لمده ثلاث سنوات كاملة على إصدار قانون مهم كهذا القانون.

ولقد بات فى اعتقادي بل فى يقيني أن إصدار مثل هذا القانون وخروجه للنور سيكون لسببين:
الأول:- أن أحداث الحريق الأخيرة التي رأيناها في عزبة بشرى وعزبة جرجس وكنيسة ابسخيرون القليني... وغيرها من حريق متعمد للكنائس قد سبب وخز للمسئولين فى البقية الباقية من وطنيتهم، وحرج فيما لديهم من إنسانية.
الثاني:- لما تسببه لهم هذه الأحداث من حرج أمام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية بعد أن وصلت أخبارهم العفنة إلى المجتمع الدولي.

لكني أعتقد أن قانون دور العبادة الموحد فقط بكل ما له من أهمية كبرى وحده لا يكفي لإخراج الوطن من هذه الحفرة التي وضعنا البعض فيها، بل الأمر يحتاج إلى حملات قومية لتوعية المواطن في الإعلام الرسمي للدولة من أجهزة تليفزيون وجرائد مختلفة لمناهضه الأفكار الطائفية وزرع ثقافة قبول الآخر، حتى أنه كما تغلغلت الأفكار الطائفية في عقل المجتمع يتغلغل احترام القانون واحترام الآخر أيضًا في عقل الجميع.

وفى النهاية أشير بتعويض المتضررين في كل حادث طائفي عن الخسائر الناجمة عنه، أسوة بما نراه عند حدوث حوادث طبيعية أو حوادث طريق أو نحو ذلك، وسواء كانت هذه الخسائر خسائر مادية أو خسائر في الأرواح، وذلك إلى أن يتم تطبيق القانون المرتقب وإلى أن تؤتي حملات التوعية بقبول الآخر ثمارها.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع