فيولا فهمي
بقلم: فيولا فهمي
بنظرة بسيطة خالية من التعقيدات الفلسفية أو التحليلات الفكرية إلى خريطة المسئولين وخلفياتهم المهنية والفكرية، سوف يتضح سريعًا أن معظم أصحاب المناصب في مصر من فئة فاقدي الأهلية الفكرية أو معدومي الإمكانيات والمهارات، وأحيانًا كنت أتساءل.. ما الذي جاء بهؤلاء الأفراد الذين لا يصلحوا سوى كنزلاء في مصحة لعلاج الأمراض النفسية والذهنية إلى تلك المناصب المرموقة، لأدرك في النهاية أن "الصدفة" هي دستور البلاد والمتحكم الرئيسي في كافة الممارسات وأحيانًا تلعب دورًا بارزًا في إعلاء شأن بعض الأشخاص معدومي الخبرات والمهارات.
ومؤخرًا قرأت رواية ذات الطابع المخابراتي.. كان البطل بها يلعب دور ضابط المخابرات الذي يتصدى للممارسات التخريبية والإختراقات المدمرة للأمن القومي، وأثناء القيام بعمله الروتيني في إدارة المخابرات قد أحاطت الشبهات بالتخابر والعمالة حول أحد المسئولين في السلطة التنفيذية يتولى منصب رفيع المستوى، وعندما قرر الضابط أن يراقب هذا المسئول ليضبطه متلبس بجريمة الجاسوسية، طال الإنتظار وامتدت مدة المراقبة لتصل إلى سنوات ولم يستطع ضباط المخابرات بكافة الإمكانيات المتاحة لهم أن يعثروا على دليل إدانة واحد ضد هذا المسئول الذي تحيط حوله الشبهات.
فقرر الضابط أن يتخلى عن أسلوب المراقبة ويلجأ إلى المواجهة، وبالفعل أمر بضبط وإحضار هذا المسئول ليمارس عليه ضغوط نفسية هائلة ليجذب من لسانه الحقيقة التي طالما انتظرها، فاستسلم المسئول المتهم واعترف بارتكابه جريمة الجاسوسية وبدأ في سرد التفاصيل التي عجز الضباط عن اكتشافها.
لم يقل المتهم سوى عبارة واحدة "استغليت منصبي لارتكاب تلك الجريمة"
كيف حدث ذلك؟ السؤال ارتسم على وجوه الضباط المستجوبين للمتهم قبل أن تنطق به ألسنتهم.
نعم استغليت منصبي.. فلقد كنت مسئولاً تنفيذيًا في مؤسسة مرموقة وكان كل ما أفعله أنني اختار أسوأ وأغبى وأجهل فرد داخل مجموعة العمل لأمنحه امتيازات هائلة وترقيات متتالية، فيُصاب القطاع الذي ترقى فيه هذا الجاهل والغبي بالشلل والجمود والركود...
الأوضاع التي أصبحنا عليها الآن تؤكد أن تلك الجاسوسية الناعمة ما زالت متواجدة داخل مختلف المؤسسات يمارسها البعض دون عمد أحيانًا كثيرة، ليصلوا بنا إلى المصير المحتوم.
http://www.copts-united.com/article.php?A=5359&I=145