بقلم: جلال عامر
الحمدلله على الفقر والجدعنة، وعندما سألونى تحب الفقر أم الغنى قلت «اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش» والفقير لا يمدح على فقره أو يُذم، والشكوى لغير الله مذلة، وبعد ثلاثة حروب دخلتها مع بلدى تصدق وتؤمن بالله واسأل الصديق «بلال فضل» أنا آخر واحد فيكى يا مصر مكنته ظروفه من شراء «موبايل» ولا أملك «عجلة» للمشاوير أو «بدلة» للمناسبات وعندى أربعة عاطلين وأحتاج إلى العمل فى «المصرى اليوم» ٩٩ سنة لتسديد ديونى ومع ذلك يترك البعض أباطرة البلد ويشتمونى أنا على الإنترنت لأننى «ثرى» لا أشعر بالغلابة ويا ريتنى طير وأنا أطير حواليك فالعيب ليس فى الترزى فقط، ولكن فى القماشة أيضاً ولأننى مندهش وحزين أتركك اليوم مع هذه الحكاية القديمة الجديدة عن الترزى والقماشة (من صغرى وأنا عاشق لمصر وعندما دخلت المطعم، ولاحظ البائع وطنيتى المفرطة لف لى «الساندوتش» فى علم مصر.
وفى الطريق احتشدت الجماهير الجائعة وأصرت على حمل «النعش» منى إلى مثواه الأخير وكنت فى التاسعة إلا ربع من عمرى عندما حان موعد نشرة الأخبار، وكان من عادتنا عندما يحين ميعاد النشرة أن يرن جرس الباب ويحضر مندوب التعداد، حيث يقوم بحلاقة ذقن أبى وهى عادة لم تنقطع حتى بعد وفاة أبى، إذ توفى أبى عقب سماعه نبأ التعديلات الدستورية..
كنت أراه جالساً على الأريكة ممسكاً بمسبحة ثلاث وثلاثين حبة يعد عليها هذه التعديلات، وعندما أخبره مندوب التعداد أنها ٣٤ تعديلاً أفهمه والدى أنه يكمل بأحد أصابعه ثم مات أبى وقيل فى النشرة إنه بسبب ماس كهربائى.. كان أبى رحمه الله كلما انقطعت المياه عن منزلنا يشكر مصر على دعمها للفلسطينيين، أما أخى فكان أكثر واقعية وسد المواسير، ومع ذلك اشتكى الجيران للبوليس أن الامتحانات تتسرب من مواسيرنا..
على باب القسم هنأنى الصول خميس بهزيمة المنتخب، وطلب منى رشوة بمناسبة احتفالات الشرطة.. فى مكتب الظابط طلب لأخى واحد شاى وطلب لنفسه واحد يضربه، فقدمنى له أخى فقام بعضى فى كتفى، وأحدث بى الإصابات المدونة خلفى، ثم شكر أخى واستأذن لارتباطه بموعد مهم، عرفنا فيما بعد أنه سيضرب بعض المواطنين فى العمرانية، وفى المستشفى ظل أخى ساهراً خوفاً من أن تحفر «حماس» تحت سريرى أو تنقل لى «مصر» دما ملوثا..
فى طريق العودة قابلنى الصول خميس وأخبرنى أن الضابط مبسوط منى ثم همس لى بأن بعض الإخوة الأقباط ينوون تغيير بلاط شقتهم بالمخالفة للدستور بل إن بعضهم ينوى شراء ملابس جديدة والبلد تمر بظروف حساسة فقلت له: «ربما كانت هذه إشاعات» لكنه أكدها لى ثم أعطانى أرقام تليفونات وطلب منى أن أتصل بها فوراً إذا رأيت قبطياً أو حصلت على معلومات تؤدى إلى القبض عليه.. فى المنزل كانت أمى قد حصلت على كل حقوقها، وقامت بكنس الشقة وغسل المواعين وحصلت على مقعد المرأة فوق الكنبة، وعندما حان ميعاد النشرة دق جرس الباب فقمت لأفتح لمندوب التعداد).
نقلا عن العربيه.نت
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=5292&I=143