سحر غريب
أن تعيش بلا ماء فتلك أقسى صعوبات قد تواجهها في الحياة، وأن تجد دموعك أنهاراً تنساب على خدودك فتتعجب من كمية المياه التي يحتفظ بها جسدك وأنت تتنشق على نقطة مياه واحدة لتعيش بها فهذه مأساة إنسانية.
لقد مررت بتلك التجربة القاسية عندما كان حظي قليل وكانت العضمة مشرفة في كل أكلة كرشة تقع في طريقي، فقليل الحظ يلاقى العظم في الكرشة،فقد عشت حوالي خمس سنوات كاملة في منطقة المياه فيها كانت من الكماليات الغير ضرورية والتي يمكن الاستغناء عنها، كنت أتلهف في تلك السنوات على نقطة الماء بلا مُبالغة والتي كنا نشتريها لتتزايد الأعباء على كاهلنا ونحن حديثي الزواج والأشية ماكنتش معدن، مع أننا كنا ندفع للحكومة أيضاً سنوياً بناءاً على تقديرات وهمية لكمية المياه المُستخدمة، فكانت البجاحة مابعدها بجاحة عندما تأتينا فواتير المياه الكبيرة وهى أساساً لا تصلنا وكنا نشتكى فيقولون الدفع أولاً ثم الشكوى ياحضرات، وطبعاً معروف أن اللي بيروح عند الحكومة مابيرجعش، ولو كنا نملك الماء يوميها لكنا بللنا شكوانا وشربنا ميتها.
أما مصيبتي الكبرى فكانت تكتمل أبعادها عندما تكون المياه موجودة ولكن الكهرباء كانت تأخذ دورها هي الأخرى وتنقطع وعندما تنقطع الكهرباء يتوقف موتور رفع المياه عن الرفع وكانت المياه لا تصلني بسبب سكنى في الدور الثامن الملعون في أحد أبراج فيصل العشوائية التي قام ببنائها أحد الحفاة الذين سافروا لأحدى الدول العربية وجاء بقرشين قول ملايين من حمل القصعة وأكل المش والنوم تحت خط الفقر ليعود إلى مصر وقد قرر أن يقب على وش الفتة فيبنى أبراج عملاقة على أراضى طينية ليس لها مثيل في خصوبتها على مستوى العالم بلا مبالغة، المهم بالنسباله الفتة وهُبرها.
طبعاً قلنا نخفف عن الحكومة ونتصرف إحنا فقمنا بالبحث والتنقيب عن المياه الجوفية واستطعنا بعد جهد جهيد أن نتحصل عليها ولكنها أكملت سلسلة العذاب وجاءتنا مُحملة بمياه المجارى المُلوثة ليكتمل سيناريو الحياة الغير آدمية التي تكالبت علينا، فتوقفت السخانات والغسالات عن العمل اعتراضا على مياهنا الملوثة، وكانت ملابسنا معروفة بقذارتها فالماء عُسر ياولدى.
تذكرت حياتى تلك عندما شاهدت مجموعة من البرامج الحوارية التي تناقش مشكلة انقطاع المياه في منطقة الطوابق الشقيقة، وشكرت ربى لأن الحظ دق أخيراً على بابي عندما تركت منطقة انقطاع المياه بلا رجعة بدون الموت جفافاً، في الوقت الذي نحتاج فيه المياه عن ذى قبل بسبب النظافة التي تطالبنا بها وزارة الصحة للقضاء على الفيروسات الفتاكة، أما أهل فيصل والطوابق فلهم الله وربنا يحنن عليهم قلب الحكومة التي تركت الزرع الشيطاني للأبراج يتغلغل ويتغلغل بعلمها وليس من وراء ظهرها كما تحب أن تدعى فالبرج لا يتم بناءه فى يوم وليلة ولا يتم غرسه بدون إحم ولا دستور.
http://www.copts-united.com/article.php?A=5174&I=140