بقلم: خالد منتصر
مناقشة آراء رجال الدين والفقهاء وانتقادها ليست انتقاداً للدين أو انتقاصاً منه، والمفروض ألا تكون هناك حساسية عندما تناقش مسألة علمية أخطأ فى فهمها وتفسيرها الفقهاء قديماً، ولا يجب أن نرفع السيوف متحفزين عند مناقشة هذه الآراء، فالخطأ ليس خطأ من يناقشها ولكنه خطأ من يعتبرها من صلب الدين، والأسئلة الاستنكارية التى يلقيها رجال الدين مثل هل تكذبون الفقهاء؟،
ومن أنتم حتى تطاولوا قامة هؤلاء؟، مثل هذه الأسئلة معوقة لأى تقدم فكرى وعلمى، فنحن لا نتهم الفقهاء بالكذب بل نضع آراءهم فى ظروف زمانهم ولا نقدسها لأنها فقط صدرت عن رجال ثقات، فالحقيقة العلمية لها شروط أخرى غير مدى تقوى وورع صاحبها، وأيضاً كل من يناقش رأياً فقهياً فى العلم ليس معناه أنه يناطح الفقهاء ويطاول قامتهم، من الممكن ألا يكون أفضل منهم ورعاً وإيماناً ولكنه بالقطع يمتلك وسائل بحث عصرية أفضل منهم، وهذا لا يعنى بأى حال انتقاصاً منهم أو جرحاً لاجتهاداتهم.
قضية علمية مثل أن أقصى مدة للحمل سنة أو سنتان أو أربع، لانستطيع أن نقبل تسللها إلى نصوص القانون وأمخاخ طلاب الأزهر لمجرد أن الفقهاء القدماء قالوها ورددوها، ولكن من الممكن أن نفسر وقوعهم فى هذا الخطأ بمفاهيم زمانهم وبيئتهم،
فما قيل عن أقصى مدة للحمل رددته سيدات هذا الزمن بفولكلور هذا الزمن وعلم هذا الزمن، فسرن أى انقطاع للحيض بأنه حمل، وبدأن فى حسابات خاطئة بناء على هذا التفسير، فكان من الممكن أن ينقطع حيض امرأة بسبب الرضاعة سنة أو أكثر ثم تحمل أثناء هذا الانقطاع فتضيف المدة الأولى على الثانية وتتوهم أن حملها سنتان!،
والحمل الكاذب من الممكن أن يعطى نفس النتيجة، ففى هذا الحمل ينقطع الحيض وتحس المرأة بنفس أعراض الحمل تقريباً من قىء وتقلصات بل وانتفاخ بطن، وتفسر حركة الأمعاء على أنها حركة جنين، فإن تم الحمل الحقيقى أضافت هذه المرأة الملهوفة على الحمل مدته إلى مدة الحمل الكاذب، وأيضاً إذا ولدت المرأة طفلاً بأسنان، فسرت وترجمت هذا الحدث على أن هذا الطفل تجاوز العام داخل الرحم!!،
مع أن هذه الأسنان زائدة وعادة ما تسقط لينمو بدلاً منها الأسنان الطبيعية ويراها أطباء النساء الآن دون أن يفسروا ذلك على أنه معجزة طفل ولد فى سن المدرسة!!.
قضية الحمل المستكن تفتح الباب أمام مناقشة كل ما اعتبرناه علماً وطباً داخل كتب الفقه، فلا يمكن الآن فى القرن الحادى والعشرين أن نقول كما قال الفقهاء قديماً إن دم الحيض هو لتغذية الجنين وينقلب لبناً أثناء الرضاعة!،
ونرمى كل ماتعلمناه فى مراجع طب النساء من تغيرات هرمونية تضبط إيقاع الدورة الشهرية وتمنع حدوثها أثناء الحمل، ولا يمكن أيضاً أن نعتمد على مفاهيم ماء الرجل وماء المرأة فى تناول قضايا الوراثة والسكسولوجى وعلاج العقم، ونغض الطرف ونتجاهل مفاهيم الحيوان المنوى والبويضة والانفجار المعرفى الذى حدث بعد اكتشاف «الدى إن إيه»،
وكذلك المفاهيم التى تلصق بالدين على أنها فرائض طبية وهى فى الحقيقة ممارسة طبية مناسبة لزمانها مثل الحجامة التى من فرط الدفاع عنها ظننتها الفريضة السادسة.
أعتقد أن هواية التحنيط لم تندثر عند المصريين، فها هم الآن يحنطون الدين والعلم معاً.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=4879&I=132