عماد توماس
* د.صلاح قنصوه: لا يمكن تفسير حالة التدين في المجتمع المصري إلا على أساس سياسي.
* م.محمد البدري: أي مجتمع متدين هو مجتمع فاسد بالضرورة.
تقرير: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
أقامت "الجمعية المصرية للتنوير" التي أسسها المفكـر الشهيـد "فرج فوده" ندوتها الثقافية مساء الاثنين الماضي في أجواء شديدة الحرارة، بعنوان "مجتمع متديّن وفاسد.. الأسباب والنتائج والحلول".
تحدث في الندوة الدكتور "صلاح قنصوه" أستاذ الفلسفة ومقرر لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة وقدم مداخلة رئيسة المهندس الكاتب "محمد البدري" وأدارها الأستاذ "إسحاق حنا" الأمين العام للجمعية.
أكد الدكتور قنصوه في بداية الندوة أن التدين ليس العقيدة ولا الدين، مؤكدًا حديثه عن التدين بمعنى المورثات والعادات والتقاليد الثقافية.
مضيفًا: أننا لا يمكن تفسير حالة التدين في المجتمع المصري إلا على أساس سياسي، بمعنى إدارة المجتمع من كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالسياسة هي التي تشرف على كل هذه الجوانب.
وأرجع قنصوه لحالة فساد الحياة الديمقراطية إلى حركة الجيش في 1952بنهاية حكومة الوفد الليبرالية مؤكدا إننا قبلنا كلمة "ثورة" كذبًا وهى في الأصل "انقلاب" لكننا اعتدنا تزييف الحقائق.
وأكد قنصوه: أنه رغم الحالة الاقتصادية المتردية قبل "حركة الجيش" إلا أنه كان هناك انتماء وطني فتجد الوفدي يعلن بافتخار أنه وفدي رغم أنه يمشي "حافي القدمين" -على حد تعبيره-.
ونفىَ قنصوه وجود تعذيب أثناء وجود الإنجليز في مصر، مشددًا على أن التعذيب اختراع مصري أصيل. وقال: أن المصريون تحولوا لقطيع يقودهم الحاكم، وتحوّل اسم "مصر" إلى الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971 وفقد الناس روح المواطنة وأصبحوا مثل سكان في عمارة "يتشاجرون لأتفه الأسباب، الأقوى هو الذي يغلب.
وأضاف قنصوه: أن التدين جاء عندما فقد المواطن القدرة على مناقشة ما يحدث أمامه وأن يشارك برأيه في مجتمع ديمقراطي صحي، فأصبح الملاذ الوحيد له "الدين".
وأشار إلى أن ما ساعد المصريين اللجوء إلى الدين دولتين هما السعودية وإسرائيل، فالسعودية لديهم أموال كثيرة، وحالة تدين كبيرة، والمصري في أصله "فلاح" فهو "يخاف ولا يخشى" وهذا ما أكده المؤرخ "الجبرتي" فالسعودية يتمثل فيها "الكفيل" الذي يتحكم في "المصري" كما يريد، وتحوّل المواطن المصري إلى حيوان آكل ناسل وليس حيوانًا عاقلاً، لا يفكر بعقله لكن "بنصفه الأسفل"!
وتساءل قنصوه بعد 15 قرنًا من دخول الإسلام في مصر هل اكتشف المصريون الإسلام وهل كان الإسلام "خبيئة" اكتشفها أحد علماء السعودية حتى يتحول الشارع المصري إلى مظاهر من الحجاب واللحىَ الطويلة؟! وارجع قنصوه ذلك إلى السبب السياسي.
أما عن قوله مساعدة إسرائيل لزيادة حالة التدين في المجتمع المصري لنجاح وقوة إسرائيل فهي مثل أعلى -بدون وعي- عند هؤلاء الإسلامويين لأنهم من طراز "ثقافة الجلد" المبنية على القوة والغلبة، فيعيش النموذج الإسلاموي على تراثهم القديم القائم على العصور الذهبية الخاصة بهم من غزو والانتصار، فيرددون أن الأندلس راحت منهم رغم أنهم غزوها وعادت إلى أصحابها.
وأضاف قنصوه إلى أن الإسلاميون هم نوعًا من الصهيونية الإسلامية، مثال حركة حماس التي يطلقون عليها "حركة المقاومة الإسلامية" ويستخدم الإسلاميون كلمة "الأمة الإسلامية" لكي يعتدوا على الآخرين.
وعرّف قنصوة كلمة "ثقافة" بأنها الرصيد الكلي من ممارسات الإنسان لإشباع احتياجاته وتفكيره وقيمه "ما يميز الإنسان عن الحيوان".
وتحدث عن ثلاثة مستويات للثقافة:
المستوى الأول: مستوى "ثقافة الجلد": والجلد تعني العشيرة، تتمثل في الدين واللغة والعِرق، الأشياء التي لا يكتسبها الإنسان بل يرثها، واعتبر قنصوه ثقافة الجلد هي الحالة الأدنى من الثقافة، وما يحدث الآن في مصر "التهاب" في الجلد فلم نكن نسمع عن احتكاكات بين المسيحيين والمسلمين.
المستوى الثاني: مستوى المشترك والمتصل الثقافي: فكل الناس نساء ورجال فقراء وأغنياء، كل المصريين يشاركون في هذا المستوى الثقافي من خلال لغة الكلام والممارسات الثقافية اليومية.
المستوى الثالث: مستوى الثقافة المعاصرة: وهو يختلف من فئة لأخرى، فكل فرد ينتمي لإقليم زمني مختلف، وأعطى أمثلة لذلك إن جماعة الإخوان المسلمون تعيش في الماضي وأصحاب التنوير ينظرون للمستقبل، وأشار قنصوه إلى أن لأغلب الشعب المصري ينتمي إلى إقليم "موهوم" وعدنا إلى "ثقافة الجلد"، لأننا ارتبطنا بتمييز البشر بناء على الدين.
وأرجع قنصوه الحل لمشكلة المجتمع المتدين والفاسد هو أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية.
الكاتب الليبرالي المهندس "محمد البدري" أكد في حديثه على أن أي مجتمع متدين هو مجتمع فاسد بالضرورة.
ودلل على كلامه بمثل تاريخي للديانتين المسيحية والإسلامية، فعندما سادت المسيحية أوربا دخلت أوربا في عصور الظلام، وجاء الإسلام في هذه الفترة، ومنذ دخول الإسلام مصر لم يقدم المصريون انجازًا حقيقيًا على مدار 1400 سنة.
وقال أن الدول الفاشية الاستبدادية التي لا تعطي حقوق لمواطنيها متمسكة بهذين الدينين وعلى رأسهم السعودية.
واعتبر البدري إن التدين يتوافق مع الفساد، فالتدين علاقة رئيسية بين المواطن وقوة غيبيه، والمتدينين مثل أفراد قطيع لا يتحركون إلا بالحركة الغريزية فلا يوجد عقل منظم.
وأشار البدري إلى أن العري السياسي عند المرأة، تغطيه بالحجاب، فقد خلعت المرأة الحجاب أثناء ثورة 1919 لأن كان لديها غطاء اجتماعي وسياسي، فالحجاب في رأي البدري، موقفًا سياسيًا، فبعد هزيمة 67 ذهبت المرأة لارتداء الحجاب.
ورأى البدري أن الحل لمناهضة هذا المجتمع المتدين والفاسد في نفس الوقت، هو إقامة مجتمع ديمقراطي علماني، وإعادة مزج العلاقات الأفقية بين طبقات المجتمع.
http://www.copts-united.com/article.php?A=4873&I=132