ماجد سمير
بقلم: ماجد سمير
أُقر أني من أشد أبناء الوطن طاعة واستجابة لأوامر الحكومة لأنها أدرىَ مني بمصلحتي، وفي أغلب الوقت تكون طاعتي عمياء لأني مثل الغالبية العظمى من بني جلدتي لابد وأن يسحبني أحد (تمامًا كالكفيف) فمثلاً عندما قررت الحكومة التعامل ببطاقة الرقم القومي كنت من أوائل الناس الذين سارعوا لإصدارها.
وعانيت الأمرين بسبب خطأ صغير في شهادة الميلاد الالكترونية الخاصة بي ورغم استكمالي كل الأوراق اللازمة لتصحيح الخطأ بصرف النظر عن أني لم أكن صاحب الخطأ المذكور لأني بكل بساطة لم أقم بإدخال بيانات شهادة الميلاد في حاسوب الحكومة زاد الله من راماته وأوسع في مساحة جياجاته وألغى دائمًا فيروساته إلا أن الموظف المسئول رفض المستخرج الرسمي لشهادة ميلادي، وحسبما أخبرني الموظف واسع الإطلاع في شئون الروتين والقرع واللوبيا في علوم الحاسوب والدفتر والقلم الكوبيا أن المستخرج صادر قبل عام 1996.
في البداية ظننت وبعض الظن إثم أن مصلحة الأحوال المدنية بالتعاون مع وزارة الداخلية قررت إجراء سحب على الأوراق التي صدرت بعد العام المذكور ينال المختار منها شرف الحصول على "بوتاجاز" حكومي أربعة شعلة بالإضافة إلى فرن يصلح لتسوية الطعام وشيه على درجتي الحرارة المئوية والفهرنهارتية على حد سواء، ولا أعلم إن كانت كلمة "الفهرنهارتية " صحيحة لغوية أم لا.
وعندما أخبرت الموظف زاد الله من علاوته وأنهى على جزاءاته وخصوماته، أني متنازل عن الاشتراك في السحب والمسابقة وأن كل ما أحتاجه هو استخراج بطاقة الرقم القومي فقط، صرخ في وجهي قائلاً: بوتاجاز أيه يا أستاذ اللي الحكومة هاتعمل سحب عليه.
ورغم أن أنفي الحساسة جدًا التقطت رائحة غاز صادر عنه إلا إني سألته فورًا أمال يا باشا هدية السحب أيه؟ فرمى الأوراق بعصبية في وجهي وقال: طلع مستخرج جديد وتركني ودخل لمكتبه.
وبعد صراع طويل أستمر ثلاثة سنوات مع المصلحة نجحت في استخراج بطاقة الرقم القومي وكل أمل في الحصول على "بوتاجاز حكومي" بعد استيفائي لشروط الاشتراك في السحب.
وظللت طوال الوقت أسير على نفس الدرب ربما خوفًا من الضرب وخلافه، وأستعد الآن لتنفيذ القرار الحكومي الجديد الخاص باللمبات الموفرة للطاقة التي تنوي وزارة الكهرباء تعميمها في كل منازل عموم مصر، ولأني كبير العائلة وأعتبر نفسي قدوة لكل أفرادها كبارًا كانوا أو صغارًا، سارعت بشراء أكثر من "دواية" وهي الجزء المثبت في سقف المنزل ويتم تركيب اللمبة فيها وقمت بتسيلم كل فرد من أسرتي دواية وكلنا يقف "زنهار" ممسكًا بالدواية أمام باب المنزل في انتظار وصول لمبات الحكومة حتى ابني الصغير الذي يقل عمره عن ثلاث سنوات يقف معنا يحمل دواية صغيرة للمبة "سهاري" تناسب عمره، أما كبار السن من العائلة حملوا لافتة مكتوب عليها "نورتي يا حكومة "وكلنا أمل بعد كل هذه الطاعة أن ننال رضا السادة المسئولين ويسمحوا لنا بسبب وضعنا القانوني الجيد أن نحصل على " بوتاجاز حكومي".
http://www.copts-united.com/article.php?A=4870&I=132