مجدي ملاك
بقلم: مجدي ملاك
بدأت المعركة مع الإخوان وعلى ما يبدو فأن المعركة ستكون شرسة هذا العام والعام القادم بلا أدنى شك، خاصة أن النظام بدأ يستهدف قيادات في الإخوان شديدة الأهمية بالنسبة لحركة الإخوان نفسها حيث كانت تلعب هذه القيادات دور كبير في عملية توزيع الأدوار التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين، فالقبض على عبد المنعم أبو الفتوح وهو أحد قيادات الإخوان الذي ربما يتسم بقدر من التصريحات التي توصف بأنها أكثر اعتدالاً من غيرها من التصريحات التي تصدر من أعضاء في حركة الإخوان المسلمين، ومن قبله خيرت الشاطر والاتجاه لتقديم أبو الفتوح لمحكمة عسكرية يوضح أن النظام المصري يتجه نحو التصعيد المستمر مع تلك الجماعة كما أنه يوحي بعدد من المؤشرات التي يمكن أن تفسر تصعيد الصدام مع الإخوان في تلك المرحلة تحديد ورصد كل تحركاتها.
ولكن قبل رصد تلك المؤشرات التي يستهدفها النظام في التصعيد مع الإخوان يجب أن نضع أيدينا على بعض من الملاحظات التي لا يمكن أن يختلف عليها أحد في إطار عدد من الأمور تم رصدها مؤخرًا بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين وبعض من تلك الملاحظات يتعلق بالعلاقة الوثيقة التي صارت بين الإخوان من ناحية وحزب الله من ناحية أخري وهي الملاحظة التي وضحت في التحويلات المالية الكبيرة التي وصلت للإخوان من لبنان عن طريق حزب الله، وهو ما يشير بقوة إلى وجود علاقة وثيقة الصلة بين كل منهم وهو أمر سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الحكومة المصرية في كيفية تعاملها الأمني مع قيادات الإخوان. ولكن وجود علاقة للإخوان المسلمين مع حزب الله أمر جد خطير ويهدد الأمن القومي المصري ولا يصب في مصلحة أحد، فالحصول على تمويل من حزب الله يعني بشكل أو بآخر وجود علاقة مع الدولة الإيرانية ومن هنا يكمن الخطر الحقيقي الذي ينبع من تلك العلاقة، ذلك لأن رغبة الدولة الإيرانية في تشييع المنطقة هو حلم فارسي قديم تسعى إليه الدولة الإيرانية، ومن أجل ذلك تحاول الدولة الإيرانية استخدام أساليب الدعم المالي للحركات الإسلامية التي تقف ضد الأنظمة من أجل إحداث نوع من القلق داخل تلك الدول وهو أمر في الحقيقية شديد الخطورة أن تلعب الحركات الإسلامية دور الوكيل عن الدولة الإيرانية في تنفيذ مخططها كقوة إقليمية ترغب في السيطرة وان تتولى زعامة المنطقة في ظل وجود نفوذ قوي لها في أكثر من دولة في الوقت الحالي (لبنان – العراق- قطر- البحرين) كنموذج للتواجد الإيراني القوي داخل تلك الدول ومحاولات لاختراق دول أخرى لتحقيق أهداف خاصة بالدولة الإيرانية، هذا بالنسبة لبعض الملاحظات الهامة حول العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله اللبناني وخطورة تلك العلاقة نظرًا لارتباطها بالنظام الإيراني.
ويتبقى لنا بعض من المؤشرات التي عجلت من الصراع في الوقت الحالي بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام المصري من ناحية أخرى، وأول تلك المؤشرات تتعلق بالانتخابات البرلمانية القادمة التي يرى فيها النظام المصري والحزب الوطني البداية لمعركة أكبر تتمثل في الانتخابات الرئاسية، فالنظام المصري لن يسمح لجماعة الإخوان المسلمين بالحصول على عدد من المقاعد كتلك التي حصلوا عليها في انتخابات عام 2005، خاصة مع تراجع التأييد الأمريكي لتلك الجماعة والتراجع بشكل عام حول تأييد الديمقراطية في دول المنطقة.
فأمريكا أوباما تختلف اختلاف جذري عن أمريكا بوش، فأوباما يرغب في استعادة حلفاء الولايات المتحدة التقليدين وغض النظر عن ما يحدث في تلك الدول باعتباره شأن داخلي وهو ما عبر عنه بقوة في خطابه الذي ألقاه من جامعة القاهرة، وهو ما يعني أن تأييد النهج الديمقراطي في الدول الحليفة سيقتصر فقط على الدعوة إلى الديمقراطية دون أن تكون هناك شروط أو التزامات محددة من تلك الدول تجاه دعم الديمقراطية الحقيقية، خاصة أن التجربة أثبتت للولايات المتحدة أن مصالحها ربما تكون مع ديكتاتوريات المنطقة في أمان عن ما إذا كانت تلك المصالح مع الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تهدد تلك المصالح كما تتسم بعدم الاستقرار في رؤيتها حول الغرب بشكل عام، وهو الأمر الذي أصبح يزعج الإدارة الأمريكية بشكل كبير.
الأمر الآخر في تلك المؤشرات أن التضييق على جماعة الإخوان يأتي في إطار طبيعي من أجل تحضيرات آمنة للانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المتوقع أن تشهد جدل كبير حول قضية التوريث، وهناك الكثير من المحللين الذين يعتقدون أن الرئيس مبارك لن يترشح لفترة رئاسة جديدة وأن هناك داخل كواليس الحزب الوطني نقاش كبير حول تلك المسألة خاصة أن الإعلان عن مرشح الحزب يجب أن يتم قبل الانتخابات الرئاسية بفترة تسمح بوجود دعاية انتخابية لذلك المرشح.
وهناك بعض التحليلات الأخرى التي اعتقد أنها أقرب إلى الواقع في تلك المسألة، وهو أن الحزب الوطني سينتهج المنهج الغربي في تقديم أكثر من مرشح داخل الحزب الوطني نفسه للانتخابات الرئاسية بمعنى أن يتنافس أكثر من مرشح داخل الحزب الوطني على الفوز بترشيح الحزب الوطني لانتخابات الرئاسة على غرار النموذج الأمريكي، والهدف من هذا التطوير هو بالطبع تقديم جمال مبارك على أساس أنه أحد المرشحين داخل الحزب للرئاسة المصرية والدخول في انتخابات مع أيًا من الأعضاء الآخرين لتنتهي الانتخابات بفوز جمال مبارك، وبذلك يتم إعطاء إيحاء للشعب أن جمال لم يأتي عن طريق التوريث ولكنه جاء بانتخابات حزبية ورئاسية نزيهة كما يتم التخطيط لها، والهدف من تلك المسألة هو إعطاء تمهيد للشعب والقوى السياسية بتقبل جمال مبارك كمرشح للرئاسة المصرية.
ومن ثم فالمعركة مع الإخوان يبدو أنها محسومة ولا جدال عليها طوال الفترة القادمة والمتوقع أن جماعة الإخوان المسلمين لن تستسلم لتلك المعركة بسهولة، وعلى ما يبدو ومن خلال تصريحات بعض قيادات الإخوان المسلمين مثل محمد حبيب إن الإخوان المسلمين ربما تلجأ للتظاهر ورفع الصوت من أجل الحد من الوسائل التي تستخدم ضدها في تلك المعركة، ولكن الأرجح أن النظام سيكسب المعركة ضد الإخوان في هذه المرحلة خاصة بعد عودة الولايات المتحدة لمبدأ المصلحة المشتركة التي تتغلب على بعض المبادئ الأخرى التي ضغطت من أجل تحقيقها في عام 2005، وهو ما سمح للإخوان المسلمين بالفوز بما يقرب من 88 مقعد داخل مجلس الشعب.
الأمر الآخر الملفت للنظر أن تراجع الإخوان المسلمين ربما يأتي أيضًا مع موجة من التراجع تشهدها الحركات الإسلامية في عدد من الدول العربية مثل الكويت، وباكستان، والأردن والعراق وغيرها من الدول التي شهدت تراجع لهذا التيار في مقابل صعود لتيارات أخرى أكثر اعتدالاً وهو ما سوف نحكم عليه من خلال الأيام القادمة ولكن تلك بعض التحليلات الأقرب للواقع في استشرافنا لمستقبل تلك المعركة وذلك الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=4673&I=127