ميرفت عياد
الشرف هو أن تكون دائمًا ما تعتقده وأن تفعل دائمًا ما تقوله
الإنسان لدية طاقة داخلية جبارة وقدرة على صناعة المعجزات
كتبت: ميرفت عياد
ناقش صالون الروائي الدكتور "علاء الأسواني"، رواية "شجرة العابد" للروائي الدكتور "عمار علي حسن"- الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية-، وذلك بمقر الصالون بمركز إعداد القادة بـ"العجوزة"، وبحضور العديد من الكتاب والمفكرين والفنانين التشكيليين والسياسيين، وجمهور كبير من القراء ومتذوقي الأدب.
أسطورة شرقية خالصة
في البداية، وصف "الأسواني" الرواية بأنها عمل أدبي مختلف، ينطوي على جاذبية خاصة، ويسعى إلى بناء أسطورة شرقية خالصة، نابعة من إرث شعبي شرقي ومصري قديم، وتنطوي على قيم فلسفية عامة، وهي بحق تنافس الأساطير التي أنتجها أدباء أمريكا اللاتينية في بنائهم للواقعية السحرية، طارحًا من خلال أحداثها العديد من التساؤلات حول الحالة النقدية في "مصر"، حيث تروي الشجرة الغريبة المباركة، ويحكي العابد الزاهد، بلغة رائفة عذبة، فندرك بعض ما تنطوي عليه الحياة من فلسفة عميقة، مثل تلك المغروسة في صدور المصريين منذ الفراعنة، ونعرف بعض طرق العيش وأشكال العمران في "مصر" المملوكية عند المسلمين والمسيحيين واليهود، من أهل الريف والحضر والبدو، ونتأكد من أن استبداد الحكم وفساده لم يهلك المجتمع تمامًا، واصفًا الدكتور "عمار" بأنه دائمًا صوت ينادي بالحرية ضد الطاغية قبل الثورة، كما أنه من الذين يقرنون العمل بالقول، فينطبق عليه ما قاله "جيفارا": "الشرف هو أن تكون دائمًا ما تعتقده وأن تفعل دائمًا ما تقوله".
الطاقة الانسانية الهائلة
من جانبه، أوضح د. "عمار علي حسن" أن كتابة رواية "شجرة العابد" استغرقت عشر سنوات كاملة، وتدور فكرتها الرئيسية حول اكتشاف الإنسان للطاقة الهائلة داخله، والتي لا يدركها الإنسان في أغلب الأحيان، حيث تعلَّم بطل الرواية كيف يروض شهوات نفسه ويسمو عليها، وكيف يعلو فوق التفاصيل الصغيرة والمواقف العابرة، ويغوص في ذاته حتى يصل إلى قيعانها البعيدة، فيكتشف أن داخله طاقة جبارة وقدرة على صناعة المعجزات. هذه القدرة لم يمتلكها وهو يصاحب "جنية" عشقته، وأخذته إلى دنياها، هناك وراء الفضاء البعيد، رغم ما للجن من قدرات خارقة.
الواقع والخيال
وأشار "حسن" إلى أن رواية "شجرة العابد" حكاية غرائبية لسائر أزهري اختلط عليه الواقع بالخيال، حيث أراد أن يثور على حاكم طاغية فكان جزاؤه السجن وتشريد تلاميذه الذين تشتتوا في البلاد، فكان منهم "عاكف" بطل الرواية الذي أحب جارية وتزوجها ليكتشف بعدها أنها جِنِّية، استطاعت أن تجذبه إلى عالمها، حيث استغل قدراتها لدرجة أنه ذاع صيته كعالم ورع، وهنا أخبر الحاكم أن علاج ابنته يكمن في جوف شجرة مباركة نبتت في قلب "القاهرة"، إلا أن ملك الجن يسيطر عليها فلا يستطيعون استخراج الترياق، وتنتهي الرواية بتكهنات عدة حول ماهية الشجرة؟..
الحرية والعدل
وقال الناقد د. "حسين حمودة"- الأستاذ بكلية الآداب جامعة "القاهرة": "إن رواية شجرة العابد نجحت في بلورة ما يشبه الأمثولة الخاصة، التي تنحو إلى الاكتمال الداخلي بنزوع بطلها إلى تطهير نفسه، والاكتمال الخارجي بانحياز النص إلى الحرية والعدل"، مشيرًا إلى أن الرواية تتحرك فى عالم واسع، يحضر فيه الإنس والجن، والدين والثورة، والموروث الشعبي والأساطير، والتصوف وكثير من الواقع المعاش، حيث تأخذ الرواية منحى ملحميًا في رسم أحداث تمتد بين الأرض والسماء، وتجري وقائعها على البر والبحر وفي الفضاء، متقلبة بين الواقع والخيال، وشخوصها من الإنس والجن.
شجرة عجيبة مقدسة
يُذكر أن أحداث رواية "شجرة العابد"، الصادرة عن دار "نفرو" للنشر، تدور حول شجرة عجيبة مقدسة، يهفو الجميع إليها وإن اختلفت مقاصدهم، ومحرك أحداثها رجل كان يسعى في شبابه إلى الثورة على السلطان المملوكي الجائر، فانتهى إلى درب التصوف هاربًا من السجن والشنق الذي ينتظره، عشقته "جنية" فاتنة في أيامه الأولى، واتكل هو عليها في تصريف أموره، فحسبه الناس من أهل الطريق، لكن أرملة جميلة من الإنس، مات زوجها في قتال الفرنجة عند جزيرة "قبرص"، علمته كيف يكتشف الطاقة الفياضة الكامنة بين جوانحه، فوصل إلى ما أراد بالمصالحة بين العقل والروح، والمزاوجة بين العلم والذوق، لاسيما حين اختلى بنفسه عدة سنوات في زاوية صغيرة بناها إلى جانب أحد الأديرة المطلة على البحر الأحمر.
وتجدر الإشارة إلى أن أن "شجرة العابد" هي الرواية الرابعة للدكتور "عمار علي حسن" بعد رواياته "حكاية شمردل" و"جدران المدى" و"زهر الخريف"، ومجموعتين قصصيتين هما "عرب العطيات" و"أحلام منسية"، وقصة للأطفال بعنوان "الأبطال والجائزة".
http://www.copts-united.com/article.php?A=46221&I=972