جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى صادق
في ظل الأوضاع المـُثيرة للقلق التي يمُر بها المسيحيين في مصر والبلدان العربية والإسلامية ، بات الحديث عن وجود مُنظمة دولية غير حكومية تـُعبِر عن مُعاناتهم ضرورة إنسانية وحقوقية مُلِحَة تفرضها الأوضاع المُتأزمة على الساحة فرضاً ، ويُبرر هذا المطلب تصاعُد حِدة المُمارسات التمييزية واللاإنسانية ضد مسيحيو المنطقة سواء من قِبل الحكومات أو الجماعات الدينية المتطرفة ، الأمر الذي جعل الأقليات المسيحية في الدول العربية مُهددة بخطر الانقراض !! أو الهجرة ،وهو ما يؤدي وعلى المدى البعيد إلى إخلاء المنطقة العربية برُمتِها من المسيحيين ،
ولقد أقر بهذه الحقيقة المُستشار النمساوي " فولفغانغ شوسيل" رئيس كتلة نواب حزب الشعب المُحافظ ، في مقال خطير ويعتبر بمثابة وثيقة تاريخية تؤكد على مدى مُعاناة المسيحيين في المنطقة العربية ومن بينها مصر ، وقد أشار شوسيل في مقاله الذي نشرته وكالة الأنباء الإيطالية " إكي "في 8 مايو /أيار 2008 إلى أن المسيحية في العالم العربي باتت مُهددة بخطر الانقراض ، وأن هناك أعمال عُنف تقع ضد المسيحيين من قِبَل قوى وميليشيات مدعومة من الأنظمة الحاكمة في ثلاثين دولة عربية وإسلامية من بينها السعودية ومصر واندونيسيا وإيران ، وطالب شوسيل في مقاله بوقوف الدول الأوروبية بثبات إلى جانب ضحايا أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الدينية وفي طليعتها حرية ممارسة الشعائر الدينية للجميع. ومن المعروف أن المسيحيين في مصر يُمثِلون اكبرا قلية دينية وعددية في المنطقة ، إلا أن الحكومات المصرية لا تعترف بوجودهم عملياً ، لدرجة أن المسيحي في مصر غير مسموح له بترميم شرخ في حائط بكنيسة ، أو بناء سقف كاد أن ينهدم على رؤوس المُصلين بها إلا بعد اخذ إذن أو موافقة من رئيس الجمهورية !! في الوقت الذي تترك فيه الحكومة المصرية الحرية كاملة لبناء المساجد والجوامع والجمعيات السلفية الإسلامية ! كما تعمل الحكومة المصرية جاهدة لتغييب الوجود السياسي للمسيحيين في مصر ، حتى لا يتمكن المسيحيون من الوصول لحقوقهم المشروعة في الثروة والسلطة ،
ولكي لا يشكلون جماعات ضغط عبر اتصالهم بدوائر صناعة القرار في العالم سعياً للوصول إلى حقوقهم المشروعة كما أن الحكومة المصرية تعطي حصانة للمُعتدين على المسيحيين ، سواء كان هؤلاء المعتدين مسئولين حكوميين أو جماعات متطرفة ، فتتركهم دون مُساءلة أو مُحاسبة ، الأمر الذي يؤكد على أن منظومة العدالة في مصر لا توفر الحماية للمسيحيين في وطنهم !! وفي ظل هذا الوضع البائس فأنني أُطالب بتأسيس منظمة معنية بشئون وأوضاع المسيحيين في مصر وبلدان الدول العربية والإسلامية ، ولنطلق على هذه المنظمة اسم " منظمة المؤتمر المسيحي " على غِرار " منظمة المؤتمر الإسلامي " بحيث يكون الهدف الأساسي لهذه المنظمة كشف وفضح الممارسات التي تتبعها الحكومات العربية والإسلامية ضد الوجود المسيحي بالمنطقة ، و توثيق هذه المُمارسات بالشكل القانوني المُلائم ، وكذلك للضغط على حكومات المنطقة لأجل المضي قدماً في تفعيل المواثيق الدولية الحقوقية والالتزام بالشرعية الدولية واجبة النفاذ ، لقد استطاع العالم العربي والإسلامي أن يتوحد بشكل رسمي عبر منظمة المؤتمر الإسلامي ،
ولكن هذه المنظمة الوليدة لأبد أن تحشد كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية والحقوقية عبر العالم لتوصيل مُعاناة المسيحيين في البلدان العربية والإسلامية إلى العالم ، واقترح أن تعمل هذه المنظمة من مُنطلق حقوقي وسياسي بحت ، ولا تتعرض للنواحي العقائدية ، فلو استطاع قادة المنظمات القبطية في المهجر أن يركزوا جهودهم في الفترة المُقبلة في دراسة هذه الفكرة انطلاقا لتأسيس هذه المُنظمة بالتعاون مع نـُشطاء ومسئولين مرموقين بالمنطقة ، سيكون ذلك بداية جيدة ـ إلى حد ما ــ لكي يجد المسيحيون في المنطقة صوتاً واحد يعبر عنهم ، بعد أن فقدت الحكومات العربية الحياء وأصرت على تهميش وإقصاء وإذلال مسيحيو المنطقة وقمع حقوقهم بلا هوادة
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=4501&I=121