لئلا ننسى أو نتخاذل - الذكرى السنوية الأولى لمأساة دير أبوفا

جاك عطالله

بقلم: جاك عطالله
عن الموسوعة القبطية للاستاذ المؤرخ عزت اندراوس
في 31/5/2008م إنطلقت من قريه قصر هور عصابات لتهاجم رهبان دير أبو فانا الأثري بقيادة الإرهابي سمير أبو لولي، الراهب كيرلس يصرخ لإنقاذ رهبان دير أبو فانا بالمنيا، هجوم مسلح آخر بالمدافع الرشاشة على الدير فى الخامسة والنصف مساءًا العصابات بقيادة الإرهابى سمير أبو لولي تحرق كنيسة الدير ومزرعته وحرقوا قلايات الرهبان وسرقوا الأدوات الزراعية وحرقوا جرار مزرعة الدير، وقد خطفوا أربعة منهم ثلاثة رهبان الراهب مكسيموس والراهب يوأنس والراهب أندراوس وخطفوا أخو الراهب مينا في محاولة لمساومة الدير للتنازل عن الأرض، ثم أمروا المخطوفين بالنوم على الأرض وجلدوهم ليجبروهم على النطق بالشهاداتين وأخذوا الصلبان الجلد التى يلبسها عادة الرهبان وقطعوهم وقالوا لهم "تفوّا على الصليب" وعندما رفضوا بصقوا في وجوههم ثم وضعوا الرمال في فمهم ورجموهم ثم قام البربر بتعذيبهم وجلدوهم وعندما رفضوا نطق الشهادتين زادوا في تعذيبهم وفي النهاية أطلقوا سراحهم مكسورين الأرجل وأحدهم قطعوا أذنه والثاني إمرأة عربية ضربته بالحجاره فقأت عينه، وضربوه في خصيته فنزفت دم بجرح غائر، تعذيب بشع لمدة ثمان ساعات متواصلة، وبعد هذا التعذيب أتصلوا بأمن الدولة وقالوا "تعالوا شيلوهم".
كما أصيب أربعة رهبان بطلقات نارية أطلقت من رشاشات سريعة الطلقات وهم أبونا باخوم وأبونا مكاري ومعهم منير لبيب إبراهيم ورأفت زكريا أيوب، أحد المصابين قطعوا أوردته والآخر مضروب بطلق ناري في الصدر، ويُذكر أن الإسعاف إنتظروا ساعتين ولم يأتِ للدير والمصابين نُقلوا بعربة نصف نقل خصصها الدير لنقل مواشي لنقل الرهبان المصابين للعلاج والراهب باخوم ظل ينزف في الدير ساعتين دون إسعاف وعندما وصلوا للمستشفى سألوا رجال الإسعاف: "لماذا لم تأتوا" قالوا: "لم يعطونا الأوامر بإسعاف المصابين الرهبان"، فماذا تقصدون بعدم تحرك عربه الإسعاف؟ وفي المستشفى حاول الآباء الرهبان البحث عن دكاترة لعلاج المصابين ولم يجدوا ثم قد ذهبوا بالمصابين إلى مستشفى ملوي فرفض استقبالهم وذهبوا إلى مستشفى المنيا العام وظلوا في إستقبال المستشفى ورفض الدكاترة علاجهم وقالوا لهم: "ليس عندنا أوامر بعلاج الرهبان، لا يوجد دكاترة"، ثم طلب المستشفى العام أن يعالجوا المصابين على نفقة الدير الخاصة، فهل يا بلد عندما يذهب السيد الرئيس للعلاج في ألمانيا يدفع ثمن علاجه من جيبه الخاص أم من الدولة؟، ويعتبر دير أبو فانا من الأديرة الأثرية المسجلة في مصلحة الآثار المصرية، ويمكن الدخول للدير من عزبه كفر لبس قرية قصر هور وقرية بني خالد، اعتداءات العصابات تكررت عدة مرات في السنين الأخيرة لتواطئ رجال الأمن مع المعتديين، ونحيط علم القراء أنه فى كل محافظة رئيس عام للمخابرات بها!!
********
محافظ المنيا يساوم الرهبان ليدفعوا أتاوة
وفي 1/6/2008م .. الساعة الثالثة صباحًا محافظ المنيا د/ أحمد ضياء الدين محمد خليل ساوم دير أبو فانا لرجوع الرهبان المخطوفين حتى يتنازل عن حقوقه في الأرض، وفي أغرب إقتراح عرضه محافظ ورئيس مسئول قال محافظ المنيا: "على الدير أن يدفع أتاوة" طلبها علني من الرهبان وعندما رفضوا رجع الرهبان المخطوفين مكسوري الأرجل وبعد جلدهم، ولماذا ياسيادة المحافظ لا تعطهم أنت من أموال الدولة والتي يساهم فيها الأقباط بضرائبهم؟، يعنى تاخدوا ضرايب لحماية الأقباط ثم تطلبوا منهم دفع أتاوه للصوص والإرهابيين، في أي قرن نحن يا سيادة المحافظ؟، أي أنه يطلب أن يمدوا العصابات الإجرامية بالمال حتى تضخم وتنتقل من هدف صغير إلى هدف أكبر ومن هدف محلي إلى هدف عالمي هكذا تكثر الجراثم، وطبعًا المحافظ معاهم لأنه لا يريد بناء السور حتى يعرض حياة الرهبان للخطر ويجعلهم لقمة سائغة للعرب، وفي الساعة 3 في الفجر عندما قابل الرهبان المحافظ قال سيادته: "سيبكوا من رفعت كفاية رجعنا لكم الرهبان"، كيف رجعتموهم يا محافظ رجعتوهم مكسورين الأرجل ومجلودين وأحدهم مقطوع الأذن والآخر فقأتم عينه بعد أن أجبرتوهم يقولوا الشهاداتين بالتعذيب وعندما رفضوا زاد التعذيب؟
والمضحك المبكي أنه أثناء لقاء المحافظ بالرهبان في مكتبه بالمحافظة جاءه إتصال تليفوني من إحدى القنوات الفضائيه فرد عليهم قائلاً: "أنا أتكلم الآن من موقع الأحداث".
وقد قبض البوليس على مقاول اسمه رفعت وهو شخص مسيحي وكان أحيانًا يساعد فى بناء سور الدير ويحاول البوليس الآن أن يلبسه جميع القضايا وقضيه قتل مواطن، وهو بريء لسبب بسيط أنه لم يكن موجودًا أساسًا أثناء الهجوم على الدير وكان في بلدة ملوي التي تبعد حوالى 25 كيلو عن الدير، وقال أحد العمال وهو أخو المقاول كان يعمل في السور وقت الهجوم: "أن العرب المسلمين أمروهم بالنوم على بطونهم وضربوهم" وعندما حضر البوليس بعد أربع ساعات من ضرب النار قال أحدهم لأخيه: أحضر أخيك فأتصلت به وأخذه الظابط ولم يراه أحد بعد ذلك، وهناك أسئلة منطقية لا إجابة عليها في موضوع القتيل المسلم فقد لبسوا المقاول قضيه قتل، والسبب معروف فى هذا الإتهام أن المقاول رفعت يبني السور والمحافظ لا يريد بناء السور فالحل الذي رآه المحافظ هو سجن رفعت فيقف بناء السور لكون مثلاً لأي إنسان يجرؤ لبناء سور للدير فمن يبني السور بعد ذلك سيوضع في السجن.
ويقول محامي المطرانية التابع لها دير أبو فانا أنه إتعمل أربعة محاضر بسبب موضوع الإعتداءات على دير أبو فانا ولكن البوليس حفظها جميعًا ولم يحقق في واحدة منها.
**********
السياسة المصرية تسير على طريقة افتح الشباك أم اقفله: المحافظ السابق أمر ببناء السور ومحافظ المنيا د. أحمد ضياء الدين محمد خليل يوقف بناء السور
والإعلام لم يأتِ بالطرف المجني عليه وهم رهبان دير أبو فانا ليقول ما حدث ومن الواضح أن الإعلام في مصر عرض الموضوع بهذه الطريقة المخزية خوفًا من سباق الإعلام القبطي بالخارج وحتى لا تظهر الحقيقة، وقد اتصل أحد آباء دير أبو فانا بمقدمي البرامج التليفونية مثل معتز الدمرداش ومنى الشاذلي وعرض أن يتكلم فى برنامج ليعرض وجهة نظرهم ولكنهم رفضوا أن يقدموا للجمهور المشاهد ما يقوله الطرف الآخر، وقال الراهب أيضًا: "حتى ولو كان صوت الحق ضعيف ولكنه قوي في الوصول إلى القلوب ويصدق على الفور بل أنه ينتشر أكثر من الأقوال الكاذبة حتى ولو كانت تذاع من عدة قنوات فضائية".
-----------------------
كلنا يعلم الآن أن الكنيسة تركت 25 فدانًا مزروعة ومروية من أرض الدير المستصلحة مقابل السلام المزعوم ومقابل بناء سور يحمي الدير من اعتداءات عصابات العرب المتكررة بالسلاح، وهذا لم يحدث على الإطلاق، فالسور تم بنائه على جزء فقط من حول الدير وبارتفاع متر ونصف وقد تم اختفائه تمامًا كما توقعنا بمقال سابق من زحف الرمال ولم يصرح المحافظ الإخوانجي أحمد ضياء الدين بالإرتفاع المطلوب من إدارة الدير وهو أربعة أمتار لحماية الدير من زحف الرمال، كما أن رهبان الدير ومعهم زوار الدير ما زالو يتعرضوا لإرهاب واعتداءات متكررة وبصفة دورية، ومنها ضرب الطوب على سيارات واتوبيسات الزوار مما أدى إلى إصابة أعداد من الزوار وتكسير اتوبيسات وسيارات خاصة عند مرورها بقرى العرب المحيطة بالدير.

ما هي الدروس المستفادة من مأساة الدير؟؟
دعونا نحلل الموقف بصراحة لنقف على مصادر الضعف ونعالجها:
1- الموقف القبطي الداخلي وخصوصًا على مستوى الكنيسة والشعب بالداخل كان ضعيفًا جدًا مقارنة بما حدث أثناء أزمة الراهب المخلوع وجريدة النبأ أو خطف وفاء قسطنطين زوجه الكاهن الراحل ومحاولة أسلمتها باستخدام الأدوية السالبة للإرادة أو حتى موقف أهالي المحلة الكبرى أثناء أزمة خطف ابنتهم.
2- موقف أقباط الخارج عوّض سكوت أقباط الداخل بسبب التعتيم والخداع الإعلامي الحكومي والضغوط الأمنية العنيفة ووجود قداسة البابا بالخارج، ولأول مرة تقوم مظاهرات منسقة وجماهيرية في كل دول أوروبا والأمريكتين قفزت بالعمل النوعي القبطي بالخارج إلى الأمام وأدت لاهتمام إعلامي كبير بقضايا الأقباط، ولأول مرة نشاهد كهنة شجعان على رؤوس المسيرات.
3- تدخل وهابي أمنى خبيث داخل مصر لإجهاض الموضوع وتحويله إلى نزاع على أرض مغتصبة من الدولة وإرسال نائب العفاريت ومعه أحد اليهوذات إلى قداسة البابا ومعهم ضغوطات أمنية عنيفة، أدت بالنهاية إلى خسارة قبطية جماعية فادحة بالموافقة على التنازل عن الأرض وعدم محاسبة عصابة أبو لولي ولا الأمن عن خطف الرهبان وتعذيبهم والبصق على الصليب وكسر وقطع أطرافهم وحرق كنائس وممتلكات الدير وسرقتها، وهي كلها جرائم جنائية خطيرة تقع تحت طائلة قانون العقوبات المصري وتم تركها عمدًا واللجوء إلى قانون بدوي يُسمى جلسات الصلح البدوية.
4- لا أدري هل بإحيائنا الذكرى السنوية الأولى لمذبحة أبو فانا سنحيي ذكرى ميت وهو العمل القبطي المتناسق وواضح الأهداف وقوى الخطوات والنتائج؟؟
5- أم سنعمل مثل الشعوب المتقدمة وسندرس ما حدث بدون مجاملات ولا هالات وسنعتبر من أخطاءنا الفادحة في تناول هذه القضية وفي كل قضايانا القبطية عمومًا، والتي تتمثل في عدم التمسك بالقانون المدني الجنائي مهما كان به من عيوب وتركه للموافقة على الجلسات العرفية والتساهل المخجل بالحقوق، والتنازل عن الحق القبطي العام الذي لا يملك أحد مهما علت رتبته التنازل عنه، وعدم التنسيق بين الداخل والخارج وترك الأمر كله للكنيسة المضغوط عليها بوحشية من أمن بني وهاب واقتصار العمل القبطي بالخارج على المنظمات القبطية التي تضم أعدادًا قليلة من الناشطين وعدم القدرة على ضم أعضاء جدد وخصوصًا من الشباب، وعدم التخلص من الأنانية وتورم الذات بين القادة وعدم جدية التمويل والبحث عن مصادر متجددة وقوية وعدم التجذر، والتواصل مع السياسيين والإعلاميين ببلاد المهجر وانعدام وجود منظمات قبطية قوية بالداخل تعبئ الأقباط وتوصل لهم الأخبار الصحيحة وتنسق بينهم وبين أقباط الخارج؟

أضع بين أيدي حضراتكم بعض المراجع المهمة وبعض مواقع صور سور الدير حاليًا، راجيًا أن يتبنى موقعكم الكريم نقاشًا حرًا جريئًا عن أوجه القصور الحادثة بالعمل القبطي وما هي الحلول لتنشيطه للوصول لغاية الأقباط في بناء دولة مصرية عصرية ديموقراطية علمانية تعيد لمصر وحدتها وتماسكها وتعالج الأمراض السرطانية التي أصابها بها عامدًا الإسلام السياسي.

1- موسوعة تاريخ الأقباط وموضوعها عن أبو فانا.
http://www.coptichistory.org/new_page_5373.htm

2- مقال الأستاذ وجيه يعقوب عن الذكرى السنوية وبها صور عن سور الدير الذي رُدم تمامًا.
http://www.meca-humanright.org/tabid/68/smid/399/ArticleID/166/reftab/38/language/en-US/Default.aspx

3- هل كانت تظاهرات الأقباط بالعالم كله من أجل بناء سور دير أبو فانا أم من أجل حق المواطنة؟؟
http://www.copticnews.ca/8_a_aug2008/130_jacques_atalla.htm

4- إلى أين تذهب بالخرابة يا رئيس الخرابة؟؟
http://www.copticnews.ca/11_a_nov2008/128_jacques_atalla

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع